(17) مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الإِسْلامَ شَرْطٌ لِقَبُولِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.
قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ وَجَاءَ فِى صَحِيحِ الْبُخَارِىِّ أَنَّ رَجُلًا مُشْرِكًا أَرَادَ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَ قَوْمِهِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَمْ أُسْلِمُ فَقَالَ لَهُ الرَّسُولُ أَسْلِمْ، فَأَسْلَمَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ فَقَالَ الرَّسُولُ عَمِلَ قَلِيلًا وَأُجِرَ كَثِيرًا، أَىْ لِأَنَّهُ نَالَ الشَّهَادَةَ بَعْدَ أَنْ هَدَمَ الإِسْلامُ كُلَّ ذَنْبٍ قَدَّمَهُ فَالْفَضْلُ لِلإِسْلامِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَنْفَعْهُ أَىُّ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ. قَالَ الْغَزَالِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمَعْبُود أَىْ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ بَلْ يُشَبِّهُهُ بِخَلْقِهِ بِالضَّوْءِ أَوْ غَيْرِهِ أَوِ اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَاكِنٌ فِى السَّمَاءِ أَوْ أَنَّهُ جَالِسٌ عَلَى الْعَرْشِ أَوْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ فَهَذَا عِبَادَتُهُ تَكُونُ لِشَىْءٍ تَوَهَّمَهُ فِى مُخَيِّلَتِهِ فَيَكُونُ مُشْرِكًا بِاللَّهِ فَلا تَصِحُّ عِبَادَتُهُ كَالْوَهَّابِيَّةِ. هَؤُلاءِ الْوَهَّابِيَّةُ عِنْدَهُمْ إِثْبَاتُ أَصْلِ الْجُلُوسِ لِلَّهِ لَيْسَ تَشْبِيهًا لَهُ بِخَلْقِهِ فَيَقُولُونَ اللَّهُ جَالِسٌ لا كَجُلُوسِنَا فَأَيْنَ عُقُولُهُمْ الْجُلُوسُ كَيْفَمَا كَانَ هُوَ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْق كَيْفَ يُقَالُ اللَّهُ جَالِسٌ عَلَى الْعَرْشِ هَذَا شَتْمٌ لِلَّهِ، عَلَى زَعْمِهِمْ عَظَّمُوا اللَّهَ هَذَا لَيْسَ تَعْظِيمًا جَعَلُوهُ كَخَلْقِهِ لَهُ نِصْفٌ أَعْلَى وَنِصْفٌ أَسْفَل خَلْقُهُ يَجْلِسُون الْبَقَرُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْبَشَرُ وَالْجِنُّ وَالْمَلائِكَةُ يَجْلِسُون، جَعَلُوهُ كَخَلْقِهِ مَا مَدَحُوهُ. فَالَّذِى يَصِفُ اللَّهَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ فَقَدْ شَتَمَ اللَّهَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى شَتَمَنِى ابْنُ ءَادَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.