الأحد ديسمبر 7, 2025

#17

أركان الصلاة

قال المؤلف رحمه الله: فصل.

الشرح أن هذا فصل معقود لبيان أركان الصلاة (بعد أن فرغ المؤلف رحمه الله من بيان شرائط القبول ومن شرائط الصحة، شرع في الكلام على أركان الصلاة، فقال) فصل لبيان أركان الصلاة (والركن ما يتوقف عليه صحة الصلاة وكان جزءا منها)

 

قال المؤلف رحمه الله: أركان الصلاة سبعة عشر (هذا على عد المؤلف رحمه الله، لأنه منهم من عدها أربعة عشر، ومنهم من عدها ثلاثة عشر ركنا، ومنهم من عد الطمأنينات في الركعة الواحدة ركنا واحدا، ومنهم من عدها تابعة للركن الذي قبله، ومنهم من عد أركان الصلاة ثمانية عشر، كالقاضي أبي شجاع رحمه الله ، عد نية الخروج من الصلاة ركنا من أركانها، وهو غير معتمد. فهناك خلاف في عد أركان الصلاة في مذهب الإمام الشافعي نفسه. وجعلها النووي في المنهاج ثلاثة عشر، تبعا للمحرر للرافعي، بجعل الطمأنينة كالهيئة التابعة يعني الرافعي والنووي جعلوها تابعة للركن الذي قبله، لذلك عدت أركان الصلاة عندهما ثلاثة عشر ركنا. وجعلها القزويني في الحاوي الصغير أربعة عشر، فجعل الطمأنينة ركنا واحدا)

 

قال المؤلف رحمه الله: الأول النية بالقلب للفعل ويعين ذات السبب أو الوقت وينوي الفرضية في الفرض.

الشرح أن النية هي ركن من أركان الصلاة وهي عمل قلبي (لأن النية قصد الشيء مقترنا بفعله) فالنطق بها باللسان ليس بفرض فالأمر الضروري في النية هو أن يقصد فعل الصلاة في التكبير (أي في تكبيرة الإحرام). ويجب مع ذلك أن يعين الصلاة التي لها سبب كالخسوف (والكسوف والاستسقاء) والصلاة التي لها وقت كالضحى، و (يجب) أن ينوي إن كانت الصلاة مفروضة أنها فرض، (لا بد في الفرض من نية الفرضية، معناه لا بد في الصلوات الخمس من نية الفرضية، ولو كان المصلي صبيا صغيرا لم يبلغ بعد، يقول بقلبه أصلي الظهر المفروضة، أي المفروضة على البالغ، وليس معناه أصلي صلاة الظهر التي هي فرض علي) كل ذلك يجب تحصيله مع التكبير أي ضمنه (أي مقارنا للتكبير) في مذهب الإمام الشافعي، يقول بقلبه مثلا أصلي فرض الظهر أو أصلي فرض العصر أو أصلي الضحى أو أصلي الوتر. (الوتر سنة مؤكدة لا يؤاخذ من تركها، أما عند الحنفية هي واجب، يعني أقل من الفرض من حيث الدليل، وعلى تاركها بلا عذر إثم، أما جمهور الأمة فيقول: لا، ليس عليه إثم تارك الوتر. من العشاء إلى الفجر، متى ما شاء يصلي إلا الوتر، الوتر متى ما صلاها لا تعاد. روى أبو داود والترمذي (لا وتران في ليلة). هذا الحديث لا ينفي صلاة السنة بعد الوتر، إنما ينفي أن يوتر مرتين في نفس الليلة، والأفضل أن تكون آخر صلاة يصليها. بعض الجهال يقولون بعد الوتر لا تصلى صلاة، هذا غير صحيح)

وقال بعض الشافعية إن نية الفرضية غير لازمة فتصح الصلاة بدونها على هذا الوجه. (فلو قال أصلي الظهر، كفى، ولا يشترط أن يقول أداء، ولا يشترط أن يقول النية بلسانه، إنما يستحب)

 

قال المؤلف رحمه الله: ويقول بحيث يسمع نفسه ككل ركن قولي الله أكبر وهو ثاني أركانها.

الشرح أن مما هو لازم لا يصح التكبير بدونه أن ينطق به بحيث يسمع نفسه جميع حروفه (أما لو كان هناك صوت منعه من أن يسمع نفسه لكن لو لم يكن هذا الصوت لسمع صحت صلاته) وكذا كل ركن (قولي) من (تكبيرة الإحرام) والفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي والسلام فإنه يشترط فيه أن ينطق به بحيث يسمع نفسه. (يقال في هذه الأمور الخمسة أي تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي ﷺ، والسلام: أركان الصلاة القولية) والتكبير هو الركن الثاني من أركان الصلاة، (أي قول “الله أكبر”، ومعناه الله أكبر من كل شيء قدرا، لا امتدادا ولا طولا ولا جسما، وهذه تسمى تكبيرة الإحرام، لأنه يحرم بها ما كان يحل قبلها من نحو كلام الناس والأكل والشرب. في كل الصلاة لا يوجد إلا تكبيرة واحدة هي ركن من أركان الصلاة، أما ما يقوله الشخص عند الهوي وعند الرفع فليس بركن، إنما هو سنة) ويشترط فيه أن لا يمد الباء بحيث يكون اللفظ (أكبار) فإنه يفسد الصلاة أي لا تنعقد الصلاة بذلك (لأنه ما أتى بالتكبير. التكبير هو أن يقول “الله أكبر” أما هذا فقد زاد حرفا وغير المعنى، فلم تنعقد تكبيرة الإحرام ولو كان لا يعرف المعنى) لأن الأكبار في اللغة جمع كبر وهو الطبل الكبير، (فلفظه هذا فيه نسبة الطبل الكبير إلى الله) فإن قال ذلك وكان جاهلا بالمعنى لم تصح صلاته وإن كان عالما بالمعنى وقال ذلك عمدا كفر والعياذ بالله. وقد نص على أن ذلك كفر مع العلم بالمعنى والتعمد للنطق بعض الشافعية والمالكية فليحذر ذلك في الأذان أيضا.

وكذلك يشترط أن لا يمد الهمزة التي هي أول لفظ الجلالة فلو قال ءالله أكبر لم تنعقد صلاته ويحرم ذلك لأن المعنى يتغير، وإن فهم المعنى الذي هو الاستفهام ونطق به عمدا فقد كفر لأنه يكون كأنه قال هل الله أكبر من غيره أي قدرا وعلما أو ليس أكبر؟ ويشترط أن لا يزيد واوا قبل لفظ الجلالة فلو قال والله أكبر لم تصح صلاته كذلك لو زاد واوا بين لفظ الجلالة و(أكبر) وكذلك لو أبدل همزة أكبر بالواو فقال (الله وكبر). (في كل هذه الأحوال لم تنعقد صلاته)

فائدة لو توسوس المأموم في تكبيرة الإحرام فصار يعيد التكبير على وجه يشوش على غيره من المأمومين حرم عليه ذلك كمن قعد يتكلم بجوار المصلي أي بحيث يشوش عليه (حتى قارئ القرءان ممنوع من التشويش على المصلي)

 

قال المؤلف رحمه الله: الثالث القيام في الفرض للقادر

الشرح أن من أركان الصلاة القيام (بالاعتماد على قدميه للمستطيع) في الصلاة المفروضة ولو نذرا أو صلاة جنازة فيشترط لصحتها من الصبي القيام كما يشترط في الكبير، (يعني ولو كان دون البلوغ طالما كان قادرا على القيام يأتي بها قائما لأنها صلاة مفروضة فالقيام ركن لمن استطاع) فإن عجز عن القيام بنفسه أو بالاستعانة (بأن كان لا يستطيع القيام إلا بعكاز فإنه يجب عليه الاستعانة بها فإن لم يستطع) بأن كانت تلحقه مشقة شديدة لا تحتمل عادة (كزيادة مرض) صحت صلاته قاعدا، (لعجزه عن القيام ولو بالاستعانة. العاجز يسقط عنه القيام فيصلي جالسا) ويكون ركوع القاعد بأن يحاذي (أي يقابل) رأسه ما قدام ركبتيه والأفضل أن يحاذي موضع سجوده، فإن عجز عن القعود (معناه لا يستطيع أن يصلي لا قائما ولا قاعدا) وجب عليه أن يصلي الفرض مضطجعا (كهيئة الذي يوضع في القبر) على جنب (أي على جنب اليمين أحسن، لكن إن صلى على الجنب اليمين أو الشمال يصح) فإن لم يستطع أن يصليها على جنب وجب عليه أن يصليها مستلقيا ويرفع رأسه ومقدم صدره وجوبا ولو قليلا (ولو وضع له وسادة) ليتوجه بوجهه إلى القبلة لأنه إن لم يفعل ذلك يكون استقبل السماء فلا تصح صلاته (والحاصل أنه لا يترك الصلاة كيف ما كان وإنما يصلي على حسب استطاعته) فإن لم يستطع رفع رأسه اقتصر على توجيه أخمصيه إلى القبلة (والأخمص باطن القدم الذي يتجافى عن الأرض فلا يصيبها)، فإن عجز عن ذلك كله (أي عجز عن القيام والقعود والاضطجاع والاستلقاء) كأن يكون لا يستطيع إلا أن ينبطح على وجهه صلى وهو على هذه الحال ورفع رأسه إن أمكن وأشار به (أي برأسه) للركوع وللسجود أخفض فإن عجز عن تحريك رأسه صلى بطرفه أي بجفنه أي يحرك جفنه بنية الركوع ثم بنية السجود ويخفض للسجود أشد (ولا يشترط أن يشد على عينيه، لكن يخفض جفنه للسجود أكثر من خفض جفنه للركوع) ولا يصح الإغماض إشارة للركوع. (لأنه إن أغمض للركوع فكيف يشير للسجود؟ الصواب أن يخفض جفنه قليلا للركوع وأكثر للسجود، من دون شد على عينيه ومن دون إغماض لعينيه) فإن عجز عن ذلك كله (معناه لم يستطع على القيام والقعود والاضطجاع والاستلقاء والانبطاح وعن تحريك الرأس وعن تحريك الطرف) أجرى الأركان الفعلية على قلبه. (يقول بقلبه الآن أنا قائم، الآن أنا راكع، الآن أنا ساجد، وهكذا) وأما الأركان القولية فيقرؤها بلسانه فإن ارتبط لسانه أجراها أيضا على قلبه. ثم شرط القيام الاعتماد على قدميه ونصب فقار ظهره. (يعني بحيث يعد قائما) ولا يجب نصب الرقبة بل يسن خفض رأسه إلى الأمام قليلا. ويسن وضع يديه بعد التحرم تحت صدره وفوق سرته. وهذه سنة الأنبياء كما جاء في الحديث (إنا – أي الأنبياء – أمرنا أن نعجل الإفطار، وأن نؤخر السحور، وأن نضرب بأيماننا على شمائلنا)

 

قال المؤلف رحمه الله: الرابع قراءة الفاتحة بالبسملة والتشديدات ويشترط موالاتها وترتيبها وإخراج الحروف من مخارجها.

الشرح هذه الجملة فيها بيان أحكام تتعلق بقراءة الفاتحة التي هي الركن الرابع للصلاة (وهي الركن الثاني من الأركان القولية) فهي فرض على المنفرد والإمام والمأموم (سواء في الصلاة السرية والجهرية لقوله ﷺ لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فلا يستثنى المأموم عند الشافعي كما يستثنى في المذاهب الثلاثة الأخرى مذهب مالك ومذهب أبي حنيفة ومذهب أحمد بن حنبل فإن قراءة الإمام قراءة للمأموم عندهم. ثم إن الفاتحة سبع ءايات والبسملة ءاية منها (معناه لا بد أن يأتي بالبسملة عند كل قراءة للفاتحة) فلو تركها لم تصح قراءته (وبالتالي لا تصح صلاته) وكذلك تجب التشديدات الأربع عشرة فيها فمن ترك شيئا منها (معناه من ترك شدة واحدة) لم تصح قراءته للفاتحة فلا تصح صلاته، فلو خفف مشددا لم تصح صلاته إن لم يعد تلك الكلمة على الصواب (لأنه أنقص حرفا، مثلا بدل أن يقول “إياك” قال “إياك”، فهنا وجب عليه أن يعيد تلك الكلمة) بخلاف تشديد المخفف فإنه لا يبطل الصلاة (ما لم يغير المعنى، إذا شدد مخففا لا تبطل صلاته، لكن لا يجوز تعمده، فلو قرأ “مالك” بتشديد الكاف صحت صلاته) وإن ترك التشديد على لفظ إياك وخفف الياء فإن تعمد ذلك وهو يعرف معناه صار كافرا لأن الإيا ضوء الشمس فيصير كأنه قال نعبد ضوء الشمس. (فلو قال “إياك نعبد” أي بتخفيف الياء، لا تصح صلاته، ولو تعمد ذلك مع معرفته للمعنى كفر، أما إذا لم يتعمد ذلك بطلت قراءته) وتجب مراعاة موالاتها (أي الفاتحة) بأن لا يفصل بين شىء منها وما بعده (أي لا يفصل بين آية وآية أخرى فيما يعد فاصلا طويلا، كأن يقول ﴿بسم الله الرحمٰن الرحيم. الحمد لله رب العالمين﴾ ثم يسكت) بأكثر من سكتة التنفس (فهنا تنقطع موالاته) وإن لم ينو (بهذا السكوت) قطع القراءة (فهنا يجب عليه أن يعيد من أول البسملة) إلا أن كان لعذر فيجوز أكثر من ذلك (أي أكثر من سكتة التنفس) كأن غلبه السعال مثلا. وسكتة التنفس هي مقدار ما يسكت الناس عادة أثناء كلامهم إذا أرادوا أن يتنفسوا ليست مقدرة بمقدار قول سبحان الله بل هي أكثر من ذلك. وتنقطع الموالاة (أي موالاة قراءة الفاتحة) بالذكر (الذي لا يتعلق بمصلحة الصلاة) وإن قل كالحمد لله للعاطس (إذا عطس شخص فقال “الحمد لله” أثناء قراءته للفاتحة، لا تبطل صلاته، بل يعيد قراءة الفاتحة من الأول) نعم إن سن فيها لمصلحتها كالتأمين لقراءة إمامه ونحو قول (بلى وأنا على ذلك من الشاهدين) ءاخر قراءة والتين من الإمام فلا تنقطع بذلك موالاة قراءة الفاتحة من المأموم. (الأصل أن الإمام يقرأ الفاتحة والمأموم يستمع، فإذا أنهى الإمام الفاتحة يسكت بقدر “سبحان الله”، ثم يقول “آمين”. ويسن للإمام والمأموم أن يقولا “آمين” معا. ويسن أن يوافق المأموم الإمام في قول “آمين”، فلو كان المأموم يقرأ الفاتحة، يسكت، ثم يقول: “آمين”، فبقول المأموم “آمين” لا تنقطع فاتحته، فإذا أنهى كلمة “آمين”، يعود ويكمل قراءة الفاتحة من حيث وصل. وكلمة “آمين” ليست من القرءان، لكنها يسن أن تقال بعد الفاتحة. في الصلاة هي سنة ثابتة عن رسول الله ﷺ، ومن تركها فلا إثم عليه، فإذا قال ﴿ولا الضالين﴾ في الصلاة ثم لم يقل “آمين”، ما عليه ذنب ولكن فاته الثواب. و”آمين” هي كلمة عربية أصلية، ليست مأخوذة من لغة أخرى. عند انتهاء الفاتحة في الصلاة، ثبت أن الرسول ﷺ كان يقول “آمين” ويمد بها صوته. وإذا قال الإمام ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾ فقال المأموم “بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين”، فلا تنقطع بذلك موالاة قراءة الفاتحة من المأموم، لأن هذا يسن في الصلاة لمصلحتها. ومعنى ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾ أي الله أحكم الحاكمين، حكمه أحسن من حكم غيره، لأنه لا خطأ فيه ولا ظلم)

ويجب ترتيب الفاتحة أيضا بأن يأتي بها على نظمها المعروف. ويجب أيضا إخراج الحروف من مخارجها. (إذا قال “ولا الدالين” أو “ولا الزالين” تفسد. لا بد من الإتيان بالحروف صحيحة من مخارجها، لا نبدل التاء طاء، ولا الضاد دالا، ولا القاف كافا، ولا غير ذلك من الحروف في غير محلها) وأولى الحروف عناية بذلك الصاد فإن كثيرا من الناس يخرجونها غير صافية. وقد قال الإمام أبو محمد الجويني بعدم صحة قراءة من يقرأ كذلك أي يأتي بالصاد بينها وبين السين لا هي صاد محضة ولا هي سين محضة وأقره النووي وغيره. قال الشيخ زكريا الأنصاري في شرح الجزرية حروف الصفير صاد مهملة (ليس عليها نقط) وزاي وسين مهملة سميت بذلك لصوت يخرج معها يشبه صفير الطائر، وفيها لأجل صفيرها قوة وأقواها في ذلك الصاد للإطباق (وهو لغة الالتصاق، وسميت حروفه منطبقة لانطباق طائفة من اللسان على باطن أعلى الفم من الداخل عند النطق بها) والاستعلاء (وهو لغة الارتفاع، وسميت حروفه مستعلية لأن اللسان يعلو عند النطق بها إلى باطن أعلى الفم من الداخل. فمن أخطأ في شيء من قراءة الفاتحة يعيده على الصواب، ولا يحتاج إلى إعادة كل الفاتحة)

 

قال المؤلف رحمه الله: وعدم اللحن (أي الخطإ) المخل بالمعنى كضم تاء أنعمت، ويحرم اللحن (أي الخطأ) الذي لم يخل ولا يبطل.

الشرح من شروط الفاتحة أن لا يأتي بلحن (أي بخطإ) يخل بالمعنى أي يغير المعنى أو يبطله فمن أتى بلحن فيها يغير المعنى كأن يقول صراط الذين أنعمت عليهم بضم التاء لم تصح قراءته بل تبطل صلاته بذلك إن علم وتعمد وإلا فقراءته، فيجب عليه إعادتها على الصواب وإلا فسدت صلاته. وأما اللحن المبطل للمعنى فهو كقراءة الذين بالزاي فإنه لا معنى له ألبتة فهو كالمغير للمعنى (فلا تصح معه صلاته). وأما اللحن الذي لا يخل بالمعنى فتصح معه صلاته كقراءة نعبد بكسر النون فإنها لا تغير المعنى ولكن يحرم عليه ذلك. ومن المبطل قراءة نعبد بفتح الباء فهو من اللحن المغير للمعنى فإن تعمده بطلت صلاته وإلا فقراءته فلا تصح الصلاة إن لم يعد الكلمة على الصواب، وتعمدها مع معرفة المعنى كفر لأن معنى نعبد نأنف ونغضب، يقال عبد يعبد كغضب يغضب وزنا ومعنى فليحذر ما في كتاب فتح العلام من أنه لا يبطل.

 

قال المؤلف رحمه الله: الخامس الركوع بأن ينحني بحيث تنال راحتاه ركبتيه.

الشرح أن الركن الخامس هو الركوع ويحصل بالانحناء إلى الحد الذي تنال أي تبلغ الراحتان ركبتيه لو وضعهما عليهما مع اعتدال الخلقة (معناه لو كان قصير القامة ونزل ووصلت راحتاه إلى ما قبل ركبتيه، ولكنه لو كان معتدل القامة لنالت راحتاه ركبتيه، فهذا الركوع الذي هو بالنسبة له وصل إلى ما قبل الركبة صحيح) والراحتان هما ما عدا الأصابع من (باطن) الكفين فالراحة هي ما بين الأصابع والساعد. (كذلك لو كان الشخص معتدل الخلقة وركع ركوعا صحيحا، لكن ما وضع راحتيه على ركبتيه، صح ركوعه) ويشترط أن يكون هذا الانحناء بلا انخناس أي ثني الركبتين كثيرا. (الثني الخفيف للركبتين لا يؤثر بالإجماع، لكن السنة أن تكونا مستقيمتين، وأن يكون الظهر مع العنق كالصفيحة، أي مستويا) ولا يكفي بلوغ الأصابع دون الراحتين أو إحداهما. ويشترط اليقين في ذلك فلو شك في بلوغه هذا القدر المجزئ لم يصح ركوعه.

 

قال المؤلف رحمه الله: السادس الطمأنينة فيه بقدر سبحان الله وهي سكون كل عظم مكانه دفعة واحدة.

الشرح أن الركن السادس هو الطمأنينة في الركوع والمراد بالطمأنينة استقرار الأعضاء دفعة واحدة. (أما ما يعمله بعض الناس مثلا عندما يكون في الصلاة فيتمايل يمينا وشمالا طول قيامه، فلا تصح صلاته، وكذلك بعضهم عندما يعتدل من الركوع يحرك يديه وينزل دون أن يسكن لحظة، فهذا أيضا لا تصح صلاته)

 

قال المؤلف رحمه الله: السابع الاعتدال بأن ينتصب بعد الركوع قائما. الثامن الطمأنينة فيه.

الشرح معنى الاعتدال عود الراكع إلى ما كان عليه قبل ركوعه إن كان قياما أو غيره. (لكن هذا المصلي قد يكون يصلي قاعدا، وقد يكون يصلي قائما، فلا بد من عوده إلى ما كان عليه)

 

 قال المؤلف رحمه الله: التاسع السجود مرتين بأن يضع جبهته كلها أو بعضها (ولو جزء قليلا من الجبهة، بعض النساء يسجدن على الخمار في الصلاة، وبعض الرجال يسجدون على القلنسوة، فهذا لا يصح عند الشافعي رضي الله عنه، ولكن يصح عند غير الشافعي. فإذا الركن التاسع السجود مرتين، بأن يضع جبهته كلها أو بعضها) على مصلاه (أي المكان الذي يصلي عليه) مكشوفة ومتثاقلا بها ومنكسا أي يجعل أسافله أعلى من أعاليه.

الشرح أن الركن التاسع هو السجود مرتين في كل ركعة والسجود في الشرع هو وضع الجبهة والركبتين وما يتبع ذلك على الأرض (والجبهة هي ما بين الجبينين من الوجه). ومن شروطه أن يكون متثاقلا بجبهته بحيث لو كان تحته قطن لانكبس وظهر أثره على يده لو فرضت تحت القطن (هذا مثال ذكره العلماء، معناه لا بد في السجود كما قال من التثاقل) و (من شروطه) تنكيس رأسه بارتفاع أسافله على أعاليه. (الرأس إلى تحت، وأسافله إلى أعلى)

 

قال المؤلف رحمه الله: ويضع شيئا من ركبتيه ومن بطون كفيه ومن بطون أصابع رجليه.

الشرح أن من شرط صحة السجود أن يضع جزءا من ركبتيه ومن بطون كفيه (وإن لم تكن مكشوفة، فلو كان لابسا قفازا يصح) ومن بطون أصابع رجليه ولو لم تكن مكشوفة على الأرض. (فلو كان لابسا جوربا يصح، ولو وضع على الأرض إصبعا من كل رجل يصح. بعض الناس يرفعون أرجلهم، وبعضهم يضعون ظاهر أصابعهم على الأرض، هذا لا يصح عند الشافعي، لأنه لا بد من وضع شيء من بطون أصابع الرجلين، لكن عند غير الشافعي يصح لو رفع القدمين عن الأرض أو وضع ظاهر الأصابع على الأرض)

 

قال المؤلف رحمه الله: وقال بعض العلماء خارج المذهب ليس شرطا في السجود التنكيس فلو كان رأسه أعلى من دبره صحت الصلاة عندهم. (كأن صلى على أرض فيها ارتفاع، بحيث إذا سجد لا تكون أسافله أعلى من أعاليه)

الشرح هذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولكن الشرط عندهم أن لا يخرج عن اسم السجود.

 

قال المؤلف رحمه الله: العاشر الطمأنينة فيه الحادي عشر الجلوس بين السجدتين الثاني عشر الطمأنينة فيه.

الشرح في هذه الجمل ذكر ثلاثة أركان أحدها الطمأنينة في السجودين وثانيها الذي هو الركن الحادي عشر الجلوس بين السجدتين وهو ركن ولو كانت الصلاة نفلا وثالثها الطمأنينة في هذا الجلوس وهي ركن من أركان الصلاة.

 

قال المؤلف رحمه الله: الثالث عشر الجلوس للتشهد الأخير وما بعده من الصلاة على النبي والسلام الرابع عشر التشهد الأخير فيقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله أو أقله وهو التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.

الشرح أن من أركان الصلاة وهو الركن الثالث عشر الجلوس للتشهد الأخير وما بعده. وللتشهد أقل وأكمل فأقله الذي لا تصح الصلاة بدونه التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وقد ذكره المؤلف رحمه الله في المتن. (وهناك صيغ أخرى. التحيات هي ما يحيي به العباد بعضهم بعضا، والمباركات أي الأعمال النامية في الخير، والصلوات أي الصلوات الخمس، والطيبات أي الأعمال الصالحة، وكل ذلك ملك لله. ومعنى “السلام عليك أيها النبي” أسأل الله أن يسلم أمتك مما تكره، يا رسول الله. ومعنى “وبركاته” الزيادات في الخير، ومعنى “السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين” أي الله يحفظنا ويحفظ عباده المتقين من السوء. ومعنى “أشهد أن لا إله إلا الله” أعتقد بقلبي وأعترف بلساني أنه لا معبود بحق إلا الله، أي لا يستحق أحد أن يعبد، أي أن يتذلل له نهاية التذلل، إلا الله. ومعنى “وأشهد أن محمدا رسول الله” أعتقد بقلبي وأعترف بلساني أن سيدنا محمدا ﷺ مرسل من عند الله إلى كافة العالمين من إنس وجن، صادق في كل ما جاء به)

 

قال المؤلف رحمه الله: الخامس عشر الصلاة على النبي ﷺ وأقلها اللهم صل على محمد.

الشرح ليس المراد به تعيين هذا اللفظ بحروفه بحيث لا يجوز إبدال كلمة منه بغيرها بل يصح صلى الله على محمد ونحوه. (لنا أن نأتي بهذه الصيغة، ولنا أن نأتي بغيرها، ولكن لا بد من الإتيان بها صحيحة، فكثير من الناس لا يأتون بها صحيحة. أما إذا شخص ترك الصاد، أي بدل أن يقول “صل على محمد” قال “ثل على محمد”، ما صحت صلاته، لأنه ترك الركن. كذلك الذي يقول “اللهم سل على محمد”، أي بالسين، ما صحت صلاته. وكذلك إذا قال شيئا بين السين والصاد، لا هو صاد ولا هو سين، ما صحت صلاته. ثم يشترط لنيل الثواب بالصلاة على النبي ﷺ أن يأتي بغنة الميم الثانية في كلمة “محمد”، فيقول اللهم صل على محمد)

 

 قال المؤلف رحمه الله: السادس عشر السلام وأقله السلام عليكم.

الشرح من شروط إجزاء السلام الإتيان بأل (وأقله السلام عليكم ولو لمرة واحدة ولو لم يحرك رأسه إلى جهة اليمين أما تحريك الرأس إلى اليمين فهو سنة في التسليمة الأولى) فلا يكفي سلام عليكم. (أي لا يصح) وكذلك لا يكفي (أي لا يصح) إبدال كلمة عليكم بعليك بدون ميم. وتشترط الموالاة بين كلمتيه وأن يكون بحيث يسمع نفسه، (هذا ليس خاصا في السلام بل في كل أركان الصلاة القولية) وكونه مستقبل القبلة بصدره إلى تمامه (كما فعل في أول الصلاة عند الدخول بها، كذلك يبقى مستقبلا القبلة بصدره إلى تمام قول “السلام عليكم”) وذلك بالإتيان بميم عليكم (أي حتى يفرغ من إتيان ميم “عليكم”) أما أكمله فيحصل بزيادة ورحمة الله. (فيقول “السلام عليكم ورحمة الله”، بحيث يبدأ قول “السلام” وهو مستقبل القبلة، ثم يحرك رأسه)

 

قال المؤلف رحمه الله: (والركن) السابع عشر (هو) الترتيب (لأركان الصلاة كما ذكرت).

الشرح أنه لا بد من الترتيب لأركانها كما ذكر في تعدادها وقد اشتمل على قرن النية في التكبير بالقيام في الفرض للمستطيع وإيقاع القراءة في القيام وإيقاع التشهد والصلاة على النبي ﷺ في القعود.

 

قال المؤلف رحمه الله: فإن تعمد (المصلي) تركه (أي ترك الترتيب بأن قدم ركنا قوليا هو السلام أو ركنا فعليا على محله) كأن سجد قبل ركوعه بطلت (صلاته لتلاعبه).

الشرح أن من تعمد ترك الترتيب بأن قدم ركنا قوليا هو السلام أو ركنا فعليا مطلقا (يعني أي ركن فعلي) بطلت صلاته وذلك كأن يسجد قبل ركوعه فتبطل صلاته إجماعا لتلاعبه. (الأركان القولية خمسة، وهي تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبي بعده، والسلام. في الأركان القولية، من يقدم السلام عمدا تبطل صلاته، مثلا إذا سلم في الركعة الأولى بطلت صلاته. أما غير السلام في الأركان القولية، فمجرد تقديمه لا يبطل، كأن قال التشهد الأخير وهو قائم، فبمجرد ذلك لا تبطل صلاته، لكن يلزمه أن يأتي بالتشهد في محله. أما السلام إذا قدمه عمدا فتبطل صلاته)

 

قال المؤلف رحمه الله: وإن سها (بتركه الترتيب) فليعد إليه (أي إلى المتروك وليتم صلاته) إلا أن يكون (الساهي لم يتذكر ترك الركن إلا بعد شروعه) في (ركن) مثله (أي مثل المتروك) أو (لم يتذكر إلا بعد شروعه في ركن) بعده (أي بعد مثل المتروك) فتتم به (أي بمثل الركن المتروك) ركعته (التي نقص منها ركنا) ولغا (حينئذ) ما سها به (أي ما فعله حالة سهوه وهو ما بين المتروك والمثل المفعول الذي تمت به الركعة) فلو لم يذكر تركه للركوع (مثلا) إلا بعد أن ركع في القيام الذي بعده أو في السجود الذي بعده (تمت بركوعه ركعته و) لغا ما فعله بين ذلك.

الشرح أن من ترك الترتيب سهوا ثم ذكر الركن المتروك فما فعله بعده لغو أي لا يحسب لعدم وقوعه في محله فليرجع إليه فورا محافظة على الترتيب، وهذا إن تذكر قبل أن يكون في مثله (مثلا إن كان في الركعة الأولى فنسي الركوع، فنزل من القيام بعد قراءة الفاتحة إلى السجود، ثم تذكر في السجود أنه ترك الركوع، فيقوم فورا وجوبا، ثم يركع ويكمل الصلاة) فإن تذكر وقد صار في مثله (في ركعة أخرى، فهذا يقوم مقام الذي نسيه، فتكون) تمت بهذا ركعته. وكذلك إذا تذكر وهو فيما بعد مثل المتروك فتتم ركعته بما فعل ويلغي ما بينهما. (فمثلا لو نسي الركوع في الركعة الأولى، ثم تذكر في السجود من الركعة الثالثة أنه نسي الركوع في الركعة الأولى، فهذا لا يلزمه القيام كما في الحالة الأولى، إنما يبقى في سجوده ويتم صلاته، ويعتبر أن هذه هي الركعة الثانية، لأن ما فعله بعد المتروك إلى أن أتى بمثله يعتبر لغوا) وهذا الحكم في غير المأموم أما المأموم فلا يعود له بل يأتي بركعة بعد سلام إمامه.

مسئلة. الشك في هذه المسئلة كالتذكر، فلو ركع ثم شك هل قرأ الفاتحة أو لا، أو شك وهو ساجد هل ركع واعتدل أو لا، قام فورا وجوبا ولا يكفيه لو قام راكعا، (بل لا بد أن يقوم، ثم يركع) وأما من شك وهو قائم قبل أن يركع هل قرأ الفاتحة أو لا في ركعته هذه، فلا يجب عليه أن يقرأ (الفاتحة) فورا لأنه لم ينتقل عن محلها (هو ما زال في القيام) لكن لا بد له أن يقرأ الفاتحة قبل أن يركع إن لم يزل شكه قبل الركوع ويتيقن أنه قرأها.

فائدة. مذهب الشافعي رضي الله عنه أن من شك في عدد الركعات يجب عليه أن يأخذ بالأقل. (لكن قد يحصل أن واحدا يلازمه الشك، فماذا يفعل؟ يأخذ بمذهب مالك رضي الله عنه وأرضاه حتى يذهب عنه هذا الشك. قال مالك “من لازمه الشك، بأن يأتيه كل يوم في صلاة أو أكثر، لا يجوز له أن يأخذ بالأقل، بل يأخذ بخلافه“، وكذا الحكم عنده في الوضوء وفي ذلك فسحة كبيرة للمبتلين بشدة الوسوسة، وما ذهب إليه مالك دواء شاف لهم)

 

اذكر بعض سنن الصلاة.

        للصلاة سنن تتقدمها منها الأذان وإقامة الصلاة وأن يصلى الرجل فى ثوبين قميص طويل ورداء لحديث لا يصلين أحدكم فى الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شىء، وأن يضع على رأسه قلنسوة. ويسن له أن يستاك لحديث لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، وأن يتخذ سترة لحديث أبى داود إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا. والسترة شىء مرتفع قدر ثلثى ذراع فأكثر وقريب منه ثلاثة أذرع فأقل وتعد سجادة الصلاة المعروفة سترة للمصلى إن لم يزد طولها على ثلاثة أذرع. ويسن أن يقول اللهم ءاتنى أفضل ما تؤتى عبادك الصالحين أى من أفضل ما تؤتى عبادك الصالحين. ويسن أن يخفض رأسه إلى الأمام قليلا وأن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب للخشوع إلا عند رفعه السبابة فى التشهد فينظر إليها ويخفضها قليلا اتباعا للسنة ويسن أن يفرج بين قدميه شبرا. ويسن لقاصد الصلاة جماعة المشى إليها بسكينة ووقار لحديث إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون (أى تهرولون) وائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا رواه البخارى ومسلم، وروى مسلم أن رسول الله ﷺ قال إن أحدكم فى صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة، أى هو فى ثواب ما دام يقصد الصلاة.

 

ما هو دعاء الافتتاح.

        دعاء الافتتاح من سنن الصلاة ويقرأ قبل الفاتحة فى الركعة الأولى ولفظه وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض أى قصدت بعبادتى الخالق الذى خلق السموات والأرض. والحنيف أى المائل عن الأديان كلها إلى الدين القيم وهو الإسلام العظيم. والنسك هو ما يذبح تقربا إلى الله كالأضحية، ومعنى إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين أن الصلاة التى أصليها وما أذبحه تقربا إلى الله وحياتى وموتى ملك لله وخلق له لا شريك له فى ذلك، فكما أن الله خالق الحياة والموت وهما من الأعمال غير الاختيارية فهو خالق للأعمال الاختيارية أيضا كالصلاة والنسك.

 

ما حكم الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة فى الصلاة.

        تستحب الاستعاذة سرا ولو فى صلاة جهرية قبل البدء بقراءة الفاتحة لقوله تعالى ﴿فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم﴾ أى إذا أردت قراءته قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أطلب من الله أن يحفظنى من أذى الشيطان وهو الكافر من الجن، والرجيم بمعنى المرجوم وهو البعيد من الخير المطرود المهان.

 

ما هو الدعاء الذى يقرأ ءاخر الصلاة.

        يسن للمصلى أن يقرأ بعد الانتهاء من الصلاة الإبراهيمية دعاء ءاخر الصلاة ربنا ءاتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

 

اذكر بعض مكروهات الصلاة.

        تكره الصلاة بلا سترة بين المصلى وبين القبلة وتكفى سجادة الصلاة المعروفة. ويكره للمصلى أن يلصق رجليه فى القيام أو أن يقدم إحدى رجليه على الأخرى. ويكره أن يصلى متلثما أى مغطيا لفمه وأنفه وكاشفا لعينيه أما المرأة فيكره لها أن تصلى متنقبة أى مغطية لوجهها. ويكره للرجل أن يكشف كتفيه فى الصلاة وأن يصلى بالثوب الطويل الذى ينزل إلى ما تحت الكعبين. ويكره اللباس الضيق للنساء فى الصلاة وهو خلاف الأولى للرجال. وتكره الصلاة فى ثياب عليها صورة حيوان كامل أو غير كامل والصلاة فى غرفة فيها صور حيوانات كاملة أو غير كاملة أمامه أو ينظر إليها. ويكره رفع البصر إلى السماء والالتفات فى الصلاة بوجهه إلا لحاجة. ويكره أن يبصق عن يمينه أو قبالته فى غير المسجد لحديث البخارى إذا كان أحدكم فى صلاته فإنه يناجى ربه فلا يبصقن فى قبلته ولا عن يمينه. ويكره أن يخفض رأسه فى الركوع كثيرا. ويكره أن يبسط ذراعيه فى السجود لحديث البخارى ومسلم اعتدلوا فى السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب، بل ينبغى له أن يرفعهما عن الأرض وكذلك المرأة. وتكره الزيادة فى جلسة الاستراحة على قدر الجلوس بين السجدتين وترك التشهد الأول عمدا بلا عذر والجهر فى موضع الإسرار والإسرار فى موضع الجهر والجهر خلف الإمام ومقارنة الإمام فى أفعال الصلاة وكذلك لو سبق المأموم الإمام عمدا ببعض الركن لا بكله كأن ركع والإمام قائم فانتظر فى الركوع حتى ركع الإمام. وتكره الصلاة حال كونه مدافعا للبول أو الغائط أو الريح إن وسع الوقت وبحضرة الطعام مع التوقان أى الاشتياق إليه لأنه يذهب الخشوع فى الصلاة لحديث مسلم لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان، أى البول والغائط. ويكره الاقتداء بالفاسق وبمن يسرع فى الصلاة واقتداء من يصلى الصلاة أداء بمن يصلى قضاء أو من يصلى الصلاة قضاء بمن يصلى أداء. ويكره تأخير العصر إلى وقت الكراهة بلا عذر وهو من اصفرار الشمس إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة فقط أى مقدار نصف ساعة تقريبا قبل غروب الشمس، ويكره تأخير الصبح إلى وقت الكراهة بلا عذر وهو من اشتداد الحمرة إلى أن يبقى من الوقت ما يسع الصلاة فقط أى مقدار ثلث ساعة تقريبا قبل طلوع الشمس. وتكره الصلاة فى الطريق لاشتغال القلب بمرور الناس فيه وفى مواضع الفسق كالخمارات لأنها مأوى للشياطين، والأماكن التى يعبد فيها غير الله وفى الحمام والمجزرة والمقبرة التى لم تنبش. والحمام موضع الاغتسال والمجزرة موضع ذبح الحيوان.

 

تكلم عن كيفية الصلاة الموافقة للسنة.

        يسن للرجل أن يصلى فى ثوبين قميص طويل ورداء يضعه على كتفيه ويضع على رأسه قلنسوة. ويسن له أن يستاك وأن يتخذ سترة وأن يفرج بين قدميه شبرا. ويسن أن يؤذن للصلاة وأن يصلى على النبى ﷺ وأن يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ءات محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذى وعدته. ويسن له أن يقيم الصلاة ويقول اللهم ءاتنى أفضل ما تؤتى عبادك الصالحين. ثم ينوى بقلبه فعل الصلاة ويعين فى النية الصلاة ذات الوقت كالعصر وينوى الفرضية فى الفرض كأن يقول بقلبه أثناء تكبيرة الإحرام أصلى فرض العصر تقربا إلى الله ويقول بحيث يسمع نفسه الله أكبر ويرفع يديه مع ابتداء التكبير حذو منكبيه بحيث تكون اليدان إلى جهة القبلة ويفرق بين أصابعه تفريقا وسطا. ثم يقبض باليد اليمنى على كوع اليسرى وينشر المسبحة والوسطى على طول ذراع اليسرى ويجعل اليدين تحت صدره وفوق سرته. ويسن أن يخفض رأسه إلى الأمام قليلا وأن ينظر إلى موضع سجوده لأنه أقرب للخشوع إلا عند رفعه المسبحة فى التشهد فيسن أن ينظر إليها وأن يستديم النظر إليها إلى القيام فى التشهد الأول وإلى السلام فى التشهد الأخير. ثم يقول سرا وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. ثم يقول سرا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرأ الفاتحة ثم يقول بعد الفاتحة ءامين ويجهر به فى الصلاة الجهرية ثم يقرأ سورة من القرءان بعد الفاتحة، ويجهر بقراءة القرءان فى ركعتى الصبح والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء. ويستحب أن تكون السورة فى الصبح والظهر من طوال المفصل وفى العصر والعشاء من أوساطه وفى المغرب من قصاره. وطوال المفصل من الحجرات إلى عم ومنها إلى الضحى أوساطه ومنها إلى ءاخر القرءان قصاره. ثم يكبر للركوع ويرفع يديه عند التكبير ثم يركع ويضع يديه على ركبتيه مفرقا أصابعه ومجافيا لمرفقيه عن جنبيه ويقول سبحان ربى العظيم ثلاثا ثم يقول اللهم لك ركعت وبك ءامنت ولك أسلمت خشع لك سمعى وبصرى ومخى وعظمى وعصبى. ثم يرفع رأسه من الركوع قائلا مع ابتداء الرفع سمع الله لمن حمده ويرفع يديه مع ابتداء رفع رأسه حذو منكبيه فإذا استوى قائما قال ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شىء بعد. ويسن أن يقرأ دعاء القنوت فى اعتدال الركعة الثانية من صلاة الصبح وأن يرفع يديه فى الدعاء جاعلا بطن كفيه إلى السماء ويسن أن يلصقهما وينظر إليهما حال رفعهما ثم يقول فى ءاخره وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم. ثم يكبر ويهوى ساجدا ويقول فى سجوده سبحان ربى الأعلى ثلاثا ثم يقول اللهم لك سجدت وبك ءامنت ولك أسلمت سجد وجهى للذى خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين. ويستحب أن يجافى مرفقيه عن جنبيه فى السجود وأن يرفع بطنه عن فخذيه ويضع كفيه حذو منكبيه وأنفه على موضع سجوده. ويستحب أن يضم أصابع يديه ويوجه أصابع قدميه لجهة القبلة ويفرج بين قدميه وركبتيه شبرا وأن يدعو الله فى سجوده. ثم يرفع رأسه من السجود مكبرا ويجلس على كعب الرجل الـيسرى جاعلا ظهرها للأرض وينصب قدمه اليمنـى ويضع بالأرض أطراف أصابعها لجهة القبلة ويضع يديه على فخذيه قريبة من ركبتيه بحيث يسامت برءوس أصابعه ركبتيه ويقول رب اغفر لى وارحمنى واهدنى وعافنى وارزقنى. ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية ثم يرفع رأسه من السجود مكبرا ويجلس جلسة خفيفة بقدر الجلوس بين السجدتين ثم يقوم إلى الركعة الثانية مكبرا ويمد التكبير من الرفع من السجود إلى أن يستوى قائما ثم يصلى الركعة الثانية مثل الأولى لكنه يبدأ بقراءة الفاتحة فإذا كان فى صلاة هى ثلاث ركعات أو أربع فإنه يجلس بعد الركعتين الأوليين على كعب الـيسرى جاعلا ظهرها للأرض وينصب قدمه اليمنـى ويضع بالأرض أطراف أصابعها لجهة القبلة ويتشهد ويصلى على النبى ﷺ ولا يصلى على الآل ثم يصلى ما بقى من صلاته مثل الثانية ولا يقرأ سورة بعد الفاتحة ثم يجلس لقراءة التحيات فيفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ويخرجهما من تحته ويفضى بوركه إلى الأرض ويضع يده اليمنى على فخذه الأيمن ويقبض أصابعه إلا المسبحة فلا يقبضها بل يضعها على طرف الإبهام ثم يرفعها ويحنيها قليلا عند قوله “إلا الله” ولا يـحركها، ويبسط يده اليسرى ويضعها على فخذه الأيسر بحيث تسامت رؤوس أصابعها الركبة. ثم يقرأ التحيات فيقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد ثم يقرأ دعاء ءاخر الصلاة ربنا ءاتنا فى الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب. ثم يقول اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. ثم يستقبل القبلة بوجهه ويقول السلام عليكم ثم يلتفت يمينا ويقول ورحمة الله ثم يستقبل القبلة بوجهه ويقول السلام عليكم ثم يلتفت يسارا ويقول ورحمة الله. ويسن له عقب الصلاة أن يستغفر الله ثلاثا وأن يقول اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

 

اذكر بعض الأمور التى تخالف فيها المرأة الرجل فى الصلاة.

        اعلم أن المرأة تخالف الرجل فى أمور فالرجل يؤذن ويقيم للصلاة ويباعد مرفقيه عن جنبيه فى الركوع والسجود ويرفع بطنه عن فخذيه فى السجود ويجهر فى موضع الجهر وإذا أصابه شىء فى الصلاة سبح فيقول سبحان الله بقصد الذكر لا بقصد التنبيه وعورته فى الصلاة ما بين السرة والركبة وإذا صلى إماما فإنه يتقدم على المأمومين فى الموقف أما المرأة فإنها تقيم الصلاة لنفسها ولا تؤذن وتؤذن وتقيم فى النساء بدون رفع الصوت وتضم بعضها إلى بعض فتلصق بطنها بفخذيها فى السجود وتضم مرفقيها لجنبيها فى الركوع والسجود وتخفض صوتها فى موضع الجهر إن صلت بحضرة الرجال الأجانب أما إن صلت منفردة عنهم فإنها تجهر، وإذا نابها أى أصابها شىء فى الصلاة صفقت بضرب بطن الكف اليمنى على ظهر الكف الشمال وعورتها فى الصلاة إن كانت حرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وإذا صلت بنسوة فإنها تقف وسط الصف الأول من دون أن تتقدم عليهن.

والله تعالى أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين

لمشاهدة الدرس: https://youtu.be/90XBJZTUsLA

للاستماع إلى الدرس: https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/umdah-17