الجمعة يوليو 18, 2025

17- بَابُ دَعْوَةِ الْوَالِدَيْنِ

  • حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ([1])، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى وهُوَ([2]) ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ([3]) لَهُنَّ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى وَلَدِهِمَا»([4])([5]).
  • حَدَّثَنَا عَيَّاشُ عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ([6])، أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا تَكَلَّمَ مَوْلُودٌ مِنَ النَّاسِ فِي مَهْدٍ إِلَّا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ([7])، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ»، قِيلَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَمَا صَاحِبُ جُرَيْجٍ؟ قَالَ: «فَإِنَّ جُرَيْجًا كَانَ رَجُلًا رَاهِبًا فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ، وَكَانَ رَاعِيَ بَقَرٍ يَأْوِي إِلَى أَسْفَلِ صَوْمَعَتِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ تَخْتَلِفُ إِلَى الرَّاعِي، فَأَتَتْهُ([8]) أُمُّهُ يَوْمًا فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، وَهُوَ يُصَلِّي([9])، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ([10]): أُمِّي وَصَلَاتِي؟ فَرَأَى أَنْ يُؤْثِرَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ صَرَخَتْ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: أُمِّي وَصَلَاتِي؟ فَرَأَى أَنْ يُؤْثِرَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ صَاحَتِ([11]) الثَّالِثَةَ، فَقَالَ([12]): أُمِّي وَصَلَاتِي؟ فَرَأَى أَنْ يُؤْثِرَ صَلَاتَهُ، فَلَمَّا لَمْ يُجِبْهَا قَالَتْ: لَا أَمَاتَكَ اللَّهُ يَا جُرَيْجُ حَتَّى تَنْظُرَ فِي وُجُوه([13]) الْمُومِسَاتِ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ. فَأُتِيَ الْمَلِكُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ([14]) وَلَدَتْ، فَقَالَ: مِمَّنْ؟ قَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَصَاحِبُ الصَّوْمَعَةِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: اهْدِمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأْتُونِي بِهِ، فَضَرَبُوا صَوْمَعَتَهُ بِالْفُئُوسِ حَتَّى وَقَعَتْ. فَجَعَلُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ بِحَبْلٍ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى الْمُومِسَاتِ، فَرَءَاهُنَّ فَتَبَسَّمَ، وَهُنَّ يَنْظُرْنَ إِلَيْهِ فِي النَّاسِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: مَا تَزْعُمُ هَذِهِ؟ قَالَ: مَا تَزْعُمُ([15])؟ قَالَ: تَزْعُمُ أَنَّ وَلَدَهَا مِنْكَ، قَالَ: أَنْتِ تَزْعُمِينَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَيْنَ هَذَا الصَّغِيرُ؟ قَالُوا: هَذا([16]) فِي حِجْرِهَا، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: رَاعِي الْبَقَرِ. قَالَ الْمَلِكُ: أَنَجْعَلُ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مِنْ فِضَّةٍ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا نَجْعَلُهَا؟ قَالَ: رُدُّوهَا كَمَا كَانَتْ، قَالَ: فَمَا الَّذِي تَبَسَّمْتَ؟ قَالَ: أَمْرٌ([17]) عَرَفْتُهُ، أَدْرَكَتْنِي دَعْوَةُ أُمِّي، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ»([18])([19]).

([1]) قال في الفتح: بفتح الفاء والضاد المعجمة وحكى بعضهم ضم الفاء. اهـ.

([2]) وفي (ج، و، ز، ي، ك) وفي شرح الحجوجي: هُوَ. اهـ وسقطت في (ب).

([3]) وفي (د): مستجاب. اهـ.

([4]) كذا في (د): وَلَدِهِمَا، وأما في (أ، ب، ج، و، ز، ك، ل): وَلَدِهِ. اهـ وفي (ح، ط، ي): ودَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلى وَلَدِهِ. اهـ وكذا هي عند المصنف في بر الوالدين وأحمد والترمذي وابن حبان: «وَدَعْوَةُ الْوالِدِ عَلَى وَلَدِهِ»، وعند أبي داود: «دعوةُ الوالدِ». اهـ وعند ابن ماجه: وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ. اهـ قلت: وأثبتنا لفظ: «الوالدين» لموافقته عنوان الباب، ولموافقته متن رواية ابن الجوزي في البر والصلة من طريق المصنف في الأدب المفرد قال البخاري: قثنا مُعَاذُ ابْنُ فَضَالَةَ، قثنا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدَيْن عَلَى وَلَدِهِمَا». اهـ.

([5]) أخرجه أبو داود والطبراني في الدعاء والترمذي وأحمد وابن حبان والخرائطي في مساوئ الأخلاق والمروزي في البر والصلة والطيالسي من طرق عن هشام به نحوه. قال الترمذي: هذا حديث حسن. اهـ.

([6]) قال المزي في تهذيبه: روى له البخاري في كتاب الأدب حديثًا واحدًا عن أبي هريرة… اهـ.

([7]) وفي (ب، ج، و، ز، ي، ك) زيادة: صلى الله عليه وسلم. اهـ.

([8]) وفي (ج، ز): فَأَتَتْ. اهـ.

([9]) الـمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا النَّفلُ، قاله النووي وغيره. اهـ.

([10]) وفي (ب، ج، د، و، ز، ك، ل) زيادة: وَهُوَ يُصَلِّي. اهـ.

([11]) كذا في (أ، د، ح، ط): ثم صاحت الثالثة. اهـ وأما في (ب، ج، و، ز، ي، ل): ثم صَرَخَتْ بِهِ الثَّالِثَةَ. اهـ وفي (ك): فصرخت به الثالثة. اهـ.

([12]) وفي (د، ل): فقال في نفسه. اهـ.

([13]) وفي (ج، ز، ك) وفي شرح الحجوجي: فِي وَجْهِ. اهـ وفي هامش (ب): خ وجه. اهـ.

([14]) كذا في (ب، د): وقد ولدت. اهـ وأما في البقية: ولدت. اهـ والمراد ولدت من الزنا. اهـ.

([15]) وفي (ب، ج، ز، ي، ك، ل): مَا تَزْعُمُ. اهـ.

([16]) وقيد ناسخ (و) فوقها: خ هُوَ ذَا. اهـ وفي (ب): قالوا في حجرها. اهـ وفي (ي): قالوا هو في حجرها. اهـ.

([17]) كذا في (أ، ح، ط، ل): أَمْرٌ. اهـ وهو الموافق لرواية ابن الجوزي في البر والصلة من طريق المصنف في الأدب المفرد، وأما في (ب، ج، د، و، ز، ي، ك): أَمْرًاز اهـ قلت: يصح الوجهان ويرجح النحاة في مثل هذا الرفع، ومع هذا يقولون: النصب جيد لكن الرفع أجود منه لأنه لا يستغني عن تقدير. اهـ.

([18]) قال الحافظ في الفتح: وفي الحديث إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع لأن الاستمرار فيها نافلة وإجابة الأم وبرها واجب، وفي الحديث أيضًا عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذورًا لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد، وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب، وفيه أن صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن، وفيه قوة يقين جريج المذكور وصحة رجائه، وفيه أن الأمرين إذا تعارضا بدئ بأهمهما، وأن الله يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارج وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات تهذيبًا وزيادة لهم في الثواب، وفيه إثبات كرامات الأولياء ووقوع الكرامة لهم باختيارهم وطلبهم. اهـ.

([19]) أخرجه أبو سعيد النقاش في فنون العجائب وأبو عوانة في البر والصلة كما في الإتحاف من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق به نحوه ورواه الشيخان بطرق أخرى مع اختلاف في المتن فأخرجه المصنف في صحيحه ومسلم من طرق عن أبي هريرة مرفوعًا نحوه.