الخميس نوفمبر 21, 2024

16 أحكام الخلع

 ننتقل الآن إلى الكلام على الخلع، وتعريفُه شرعاً أنه فُرقةٌ مقابلَ عِوضٍ مقصودٍ شرعًا يَرجع لجهة الزوج. والعوض المقصود شرعًا كبيت وثوب، لا كدم ونحوه لأن الدم ليس شيئًا مقصودًا بالعادة، لا يقصد بالمال من الناس، فإذا خالع الرجل زوجته على دم مثلا وقع الخلع طلقة رجعية ولا يَستحق مالاً. أما لو خالعها على ما يُقصدُ لكنه حرام كالخمر فيقعُ الخلعُ أي تقعُ البينونةُ بينهُما و لا يستحق الخمر إنما يستحقُ مهرَ المثلِ. والعوض يكون من إنسان يلتزم أن يدفَعَه، ولا يشترط أن يكون الزوجة يعنى قد يأتي إنسانٌ أجنبىٌ فيقول له خالع زوجتَك على كذا أنا أدفَعُها، فيقول خالعتُها على كذا، حصل الخلع ولزِم هذا الشخص أن يعطيَه المال. والمشهور فى المذهب أن الخلع يُعَدُّ طلقة لكنها طلقة بائنة لا يستطيعُ الرجل أن يُرجِعَ الزوجة فى خلال العدة إليه بمجرد أرجعتُكِ إلى نكاحي، إنما له أن يعيدَها بعقد جديد. وهناك قول ءاخر فى المذهب خلاف المشهور لكن رجحه بعض المرجحين أن الخلع يُعَدُّ فسخاً لا طلاقاً فلا يُحسَبُ طلقة ويجوز العمل به. أبو شجاع قال والخلع جائز على عوض معلوم، قصدُه بجائز أي صحيح، لا يقصد خالِى من الكراهة لأن الخلع فيه كراهة إلا فى حالات لا يكره فيها فمثلاً لو حَلَفَ بالطلاق بالثلاث على فعل أمر أو على عدم فعله وخافَ وقوع الثلاث فعند ذلك يتخالعان للخلاص من وقوع الثلاث ولا يكونُ الخلع مكروهاً فى هذه الحال. مثلاً لو عَلَّقَ طلاقَها على خروجها من البيت وهما يظنان أنها ستخرج من البيت عاجلاً أم ءاجلاً، قال الزوج لزوجته مثلا إن خرجتِ من البيت فأنت طالق ثلاثاً، فهنا يتخالعان فينفسخ العقد ويزول المعلّق ثم بعد ذلك يعملان عقداً جديداً، وعلى القول بوقوع الطلاق تكون وقعت طلقة واحدة، يعملان بعدها عقداً جديداً فيرجعان.

إذًا يصح الخلع على عوض معلوم فلا تقول له خالعني على بيت من بيوتي وهي عندها أكثر من بيت، إنما لا بد أن تعيّن له البيت ليكون معلومًا، فإن لم تفعل وقع الخلع، والعوض يكون مهرُ مثلِها وهي تدفعه له. ويُشترط في العوض أيضًا أن يكون مقدورًا على تسلمه فخرج ما لو خالعها على شىءٍ مغصوبٍ لا يُقْدَر على ردّهِ وفى هذه الحال يقعُ الخلع بائنًا بمهرِ المثلِ. ثم الخلع الصحيح كما قلنا تَمْلِكُ به المرأةُ نفسَها ولا رجعة للزوج عليها إلا بعقد نكاح جديد. ويجوز الخلع فى الطهر وفى الحيض. ولا يَلْحَقُ الْمُخْتَلِعَةَ طلاق، يعنى إذا خالعها ثم فى العدة طلَّقها لا يُعَدُّ هذا الطلاق طلقةً، لا يَلْحَقُها طلقةً بذلك لأنها لما افتدت نفسَها صارت أجنبيةً بالنسبة له بخلاف الرجعية، فإن الرجعية يلحَقُها الطلاق فى العدة. وبهذا نكون أنهينا الكلامَ عن الخلع والله تعالى أعلم وأحكم