الجمعة أكتوبر 18, 2024

(154) مَا هُوَ دَلِيلُ أَهْلِ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ كَلامَ اللَّهِ لَيْسَ صَوْتًا وَلا حُرُوفًا مُتَعَاقِبَةً.

        اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّ كَلامَ اللَّهِ لَيْسَ صَوْتًا وَلا حُرُوفًا مُتَعَاقِبَةً بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَنْعَامِ ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ وَبِقَوْلِهِ ﷺ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ. فَاللَّهُ تَعَالَى يُكَلِّمُ كُلَّ إِنْسَانٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَفْهَمُ الْعَبْدُ مِنْ كَلامِ اللَّهِ السُّؤَالَ عَنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَاعْتِقَادَاتِهِ. فَلَوْ كَانَ حِسَابُ اللَّهِ لِخَلْقِهِ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ مَا كَانَ يَنْتَهِى حِسَابُهُمْ فِى مِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ لِأَنَّ الْخَلْقَ كَثِيرٌ وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَحْدَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَشَرُ كُلُّهُمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ كَوَاحِدٍ مِنْ مِائَةٍ وَفِى رِوَايَةٍ كَوَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ وَمِنَ الإِنْسِ مَنْ عَاشَ أَلْفَىْ سَنَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاشَ أَلْفًا وَزِيَادَةً وَمِنْهُمْ مَنْ عَاشَ مِئَاتٍ مِنَ السِّنِينَ وَبَعْضُ الْجِنِّ يَعِيشُونَ ءَالافًا مِنَ السِّنِينَ وَحِسَابُ الْعِبَادِ لَيْسَ عَلَى الْقَوْلِ فَقَطْ بَلْ عَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالِاعْتِقَادِ فَلَوْ كَانَ اللَّهُ يُكَلِّمُهُمْ بِالْحَرْفِ وَالصَّوْتِ لَاسْتَغْرَقَ حِسَابُهُمْ زَمَانًا طَوِيلًا جِدًّا وَلَمْ يَكُنِ اللَّهُ أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ بَلْ لَكَانَ أَبْطَأَ الْحَاسِبِينَ لَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْرَعُ مِنْ كُلِّ حَاسِبٍ.