الجمعة أكتوبر 18, 2024

(153) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْكَلامِ لِلَّهِ تَعَالَى.

        اعْلَمْ أَنَّ الْكَلامَ صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِهَا ءَامِرٌ نَاهٍ وَاعِدٌ مُتَوَعِّدٌ لَيْسَ حَادِثًا كَكَلامِ غَيْرِهِ بَلْ أَزَلِىٌّ بِأَزَلِيَّةِ الذَّاتِ لا يُشْبِهُ كَلامَ الْخَلْقِ لَيْسَ بِصَوْتٍ يَحْدُثُ مِنِ انْسِلالِ الْهَوَاءِ أَىْ خُرُوجِ الْهَوَاءِ مِنَ الْجَوْفِ أَوِ اصْطِكَاكِ الأَجْرَامِ أَىْ أَجْرَامِ الْفَمِ أَىْ حَرَكَتِهَا وَهِىَ مَخَارِجُ الْحُرُوفِ وَلا بِحَرْفٍ يَنْقَطِعُ بِإِطْبَاقِ شَفَةٍ أَوْ يَحْدُثُ بِسَبَبِ تَحْرِيكِ لِسَانٍ. كَلامُ اللَّهِ لَيْسَ حُرُوفًا مُتَعَاقِبَةً يَسْبِقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَلا صَوْتًا وَلا لُغَةً لا يَطْرَأُ عَلَيْهِ سُكُوتٌ أَوْ تَقَطُّعٌ لا يُبْتَدَأُ وَلا يُخْتَتَمُ. أَمَّا الدَّلِيلُ النَّقْلِىُّ عَلَى وُجُوبِ الْكَلامِ لِلَّهِ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ أَىْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ مُوسَى كَلامَهُ الأَزَلِىَّ وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ فَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا لَكَانَ أَخْرَسَ وَهُوَ صِفَةُ نَقْصٍ لا تَلِيقُ بِاللَّهِ.