الجمعة أكتوبر 18, 2024

(151) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ السَّمْعِ لِلَّهِ تَعَالَى.

        يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَسْمَعُ كُلَّ الْمَسْمُوعَاتِ بِلا أُذُنٍ وَلا ءَالَةٍ أُخْرَى فَهُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَسْمَعُ كَلامَهُ الأَزَلِىَّ وَكَلامَ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَصْوَاتَهُمْ بِسَمْعٍ أَزَلِىٍّ لا بِسَمْعٍ يَحْدُثُ فِى ذَاتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْحَادِثَاتِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الشُّورَى ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. أَمَّا الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ عَلَى وُجُوبِ السَّمْعِ لَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِالسَّمْعِ لَكَانَ مُتَّصِفًا بِالصَّمَمِ وَهُوَ نَقْصٌ عَلَى اللَّهِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ مُحَالٌ قَالَهُ الأَشْعَرِىُّ فِى اللُّمَعِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِى رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالَّذِى فِيهِ لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنًا لِقَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْءَانِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْتَمِعُ إِلَى قَيْنَتِهِ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ سَمَاعَ الْقُرْءَانِ لِقَارِئٍ مُؤْمِنٍ يُحْسِنُ قِرَاءَتَهُ أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ صَاحِبُ الْقَيْنَةِ الِاسْتِمَاعَ إِلَى قَيْنَتِهِ أَىْ جَارِيَتِهِ الَّتِى تُغَنِّى لَهُ. فَالأَذَنُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ هُوَ الِاسْتِمَاعُ كَمَا قَالَ الإِمَامُ الأَوْزَاعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَدْ حَصَلَ مِنْ بَعْضِ الْجَهَلَةِ أَنْ حَرَّفَ هَذَا الْحَدِيثَ فَزَعَمَ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ لَلَّهُ أَشَدُّ ءَاذَانًا بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَالذَّالِ فَاعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ أُذُنٌ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ فَمَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ بِأُذُنٍ فَقَدْ أَلْحَدَ وَكَفَرَ.