الجمعة أكتوبر 18, 2024

(150) تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْبَقَاءِ لِلَّهِ تَعَالَى.

        يَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يَلْحَقُهُ فَنَاءٌ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ لَكَانَ مَخْلُوقًا وَلَمْ يَكُنْ أَزَلِيًّا لَكِنَّ اللَّهَ أَزَلِىٌّ أَىْ لا ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ فَلا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْفَنَاءُ هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِىُّ عَلَى وُجُوبِ الْبَقَاءِ لِلَّهِ وَأَمَّا الدَّلِيلُ النَّقْلِىُّ فَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الرَّحْمٰنِ ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ أَىْ ذَاتُ رَبِّكَ أَىْ يَبْقَى اللَّهُ قَالَ الرَّازِىُّ فِى تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ وَالْمُرَادُ بِوَجْهِهِ ذَاتُهُ وَقَالَ الْبَيْضَاوِىُّ فِى تَفْسِيرِهِ ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ ذَاتُهُ. وَلا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْوَجْهِ فِى هَذِهِ الآيَةِ بِالصِّفَةِ لِأَنَّ الذَّاتَ هُوَ الَّذِى يُوصَفُ بِذِى الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ. وَ﴿ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يُجَلَّ فَلا يُجْحَدَ وَلا يُكْفَرَ بِهِ وَهُوَ الْمُكْرِمُ أَهْلَ وِلايَتِهِ بِالْفَوْزِ وَالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَبَقَاءُ اللَّهِ بَقَاءٌ ذَاتِىٌّ أَىْ لَيْسَ بِإِبْقَاءِ غَيْرِهِ لَهُ أَمَّا بَقَاءُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَهُوَ لَيْسَ بَقَاءً ذَاتِيًّا بَلْ هُمَا بَاقِيَتَانِ بِإِبْقَاءِ اللَّهِ لَهُمَا فَلا شَرِيكَ لِلَّهِ تَعَالَى فِى صِفَةِ الْبَقَاءِ.