الخميس نوفمبر 21, 2024

#15 كيف يكون الاستنجاء

الحمد لله البرِّ التوّاب والصلاة والسلام على محمد الذي بهر العقولَ والألباب وعلى آله وأصحابِه إلى يومِ الحساب. أما بعد فإنَّ الاستنجاءَ واجِبٌ أى لا بد منه لصحةِ الصلاةِ، وذلك مِنْ كُلِّ رَطْبٍ خارِجٍ مِنْ أَحَدِ السبيلينِ إلا المنِىَّ فإنَّه طاهِر، وأما الخارجُ الجافُّ الذِى لا رُطوبَةَ فيه فلا يَجِبُ الاستنجاءُ منه. والاستنجاءُ يَصِحُّ أَنْ يكونَ بالحجرِ أو ما يَقُومُ مقامَه أو بالماء أو بِهِمَا معًا. فإذا أراد الشخصُ الاقتصارَ على الحجرِ أو ما يقومُ مقامَه لا بدَّ أن يمسحَ المحل الذى أصابَه الخارج ثلاثَ مسحاتٍ على الأقل. فإذا أَنْقَى الْمَحَلَّ بأقلَّ من ثلاثة لا بُدَّ أن يزيد إلى الثلاثة، وإن أَنْقَى بالثلاثة كَفَاهُ ذلك، وإِنْ لم يُنْقِ بثلاثةٍ لا بد أن يزيدَ حَتَّى يُنْقِى. فإن لم يُرِدْ أنْ يستعملَ الحجر أَجْزَأَهُ أن يستعملَ شيئًا يقومُ مَقَامَه، وذلك بأنْ يكونَ هذا الشىءُ قالِعًا ليس كَـنَحْوِ الزُّجَاجِ والقصبِ، وطاهرًا فلا يُجْزِئُ الرَّوْثُ الجامِدُ الجاف لأنَّهُ نَجِس، وأن يكون جامدًا فلا يُجْزِئُ الترابُ المتناثر ولا يُجْزِئُ ما فيه رطوبة. ولا بد أَنْ يكونَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ فلا يجزئُ المحترمُ كَوَرَقَةٍ فيها علمٌ شَرْعِى وكطعامِ بَنِى ءادم أو الطعام المشترك بين بَنِى ءادم والبهائم، أى الذى لا يَغلِبُ عليه أنه أكْلُ البهائم ولا يغلبُ عليه أنه أكلُ بَنِى ءادم بل هو مُشْتَرَكٌ بين البهائم وبنى ءادم فإنه لا يجزئ. وإذا اسْتَنْجَى بالحجرِ أو بما يقومُ مقامَ الحجَرِ يَكْفِيهِ إزالةُ العين ولو بَقِىَ الأثر. والأثر هو الذى لا يزول إلا بالماء أو بصغار الخَزَف أى الفَخَّار، فما لا يزول إلا به يُعْفَى عنه. ولا يصح الاستنجاءُ بالحجرِ إذا انتقلَ الخارِجُ عَنْ مَحَلِّ الخروج، يعنى إذا انتقل البولُ عن محل خروجِه أى إذا تعدّى البولُ الحَشَفَةَ مِنَ الذَّكَرِ أوْ إذا وَصَلَ إِلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ مِنَ الأُنثى، أو إِذا تَجَاوَزَ الغائِطُ الصَفْحَتَينِ أى ما لا يَظهرُ مِنَ الأَلْيَينِ عند الوقوف، فعند ذلك لا يُجزِئ الحجر فى هذه الحالات الثلاث. وكذلك لو جفّ الخارج على محل الخروج لا يجزئ الحجر. وكما يجزِئُ الحجر وحده فى الاستنجاء يُجزِئُ الماءُ أيضًا، لكن إذا أراد الاقتصارَ على أحدِهِمَا فالماءُ أَفْضَل. فإذا أرادَ الاستنجاءَ بالماء يَسْكُبُ الماءَ على محلِّ الخروجِ مع دَلْكِ الْمَخْرَج حتى يذْهَبَ العَينُ والأَثر. وإذا جَمَعَ فِى الاستنجاءِ بين الماءِ والحجرِ فهو أحسن، ويبتدئ بالحجر ثم بعد ذلك يستعملُ الماء. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام وأن يعيننا على غض البصر وحفظ اللسان والحمد لله الموجود بلا مكان.