14 مقتل سيدنا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين ورضي الله عن أمهاتِ المؤمنين وءالِ البيت الطاهرين وعن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ الصديق وعمرَ الفاروق وعثمانَ ذي النورين وعليٍ الْمُرتضى وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالكٍ والشافعيِ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحين. أما بعد كان رؤساءُ الفتنة الأشرارُ يُبطنون ما في قلوبهم من الخبث ويموّهون للناس أنهم يريدون إظهار الحق والعدل. وكان رئيسهم في ذلك الأمر عبدَ الله بنَ سبأ، يُعرف بابن السوداء، كان من يهود العراق نافق وأظهر الإسلام لإيقاعِ الفتن والانشقاقِ في الأمة الإسلامية العظيمة، فلما عَرَفَه أهلُ البَصرة طردوه وأخرجوه منها، فذهب إلى الكوفة ثم إلى الشام فطُرد منهما. ذهب ابنُ السوداء إلى مصر واستوطنها فكثُرت جماعته هناك، وكان يكثر الطعن في عثمان، ومرادُه شقُّ كلمة المسلمين. وكثر الطعن والقيل والقال في المدينة وكتب رؤساء الفتنة إلى جماعتهم في الأمصار يستقدمونهم إلى المدينة المنورة، ودخلوا المدينة مظهرين الحج مجمعين باطنًا على السوء بعثمانَ رضي الله عنه. فحاصروه أربعين يومًا حتى منعوه الماء فغضب عليّ وأرسل إليه بثلاثِ قُرَبٍ مملوءةٍ بالماء وقال للحسن والحسين: اذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحدًا يصل إليه وبعث الزبيرُ ابنَه وبعث طلحةُ ابنَه وبعث عددٌ من الصحابة أبناءَهم يمنعون الناس من أن يدخلوا على عثمان رضي الله عنه. وهاج المنحرفون يقتحمون باب عثمان فمنعهم الحسن والحسين والزبيرُ وطلحة وغيرُهم، ثم تسوّروا واقتحموا الدار من دار عمرِو بنِ حَزم فلم يشعر الذين على الباب. ودخل محمدُ بنُ أبي بكر وتكلّم مع عثمان فقال له عثمان: لو رءاك أبوك أبو بكر ما رضي ذلك، فاستحى وخرج نادمًا. ثم دخل عليه سفهاءُ الفتنة فضربه أحدُهم بالسيف، فأكبّت عليه نائلةُ زوجتُه فقُطعت أصابعُ يدها ولم يكن معَ عثمان رضي الله عنه سواها في الدار، فقُتل شهيدًا سعيدًا رضي الله تعالى عنه يومَ الجمعة لثمانِ عشْرة ليلة خلت من شهر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين للهجرة. ثم جهزوه ودفنوه بين المغرب والعشاء في بستانٍ كان اشتراه عثمانُ رضي الله عنه وأدخلَه في بقيع الغرقد. وكانت خلافته اثنتي عشرة سنةً إلا يومًا. وكان عثمانُ رضي الله عنه قبل قتله قال: إني رأيت البارحةَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في المنام وأبا بكرٍ وعمرَ فقالوا لي: اصبر فإنك تُفْطِرُ عندنا القابلة. وبعدُ فإنما هذا غيضٌ غائضٌ من فيضٍ فائضٍ من بحر فضائل سيدنا عثمان بنِ عفان رضي الله عنه وأرضاه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيرًا ورضي الله تعالى عنه وحشرنا في زمرته وأماتنا على محبته وجعلنا من أتباعه. وهكذا نصِل ُإلى نهاية حلقتنا هذه لنحدثَكم في الحلقةِ القادمةِ من سلسلةِ مختصرِ سيرةِ الخلفاءِ الراشدين عن عليِ بنِ أبي طالبٍ رابعِ الخلفاء الراشدين ورابعِ أفضلِ البشرِ بعد الأنبياء وأبي بكر وعمرَ وعثمان فتابعونا وإلى اللقاء.
الإشعارات