الأحد ديسمبر 22, 2024

#14 ما هي فروض الوضوء ونواقضه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيرِ المرسلين وعلى آله وأصحابِه إلى يومِ الدين. أما بعد ليعلم أنَّ الوضوءَ شرطٌ لصحةِ الصلاة، فلا تصح الصلاة بغير طهارة.

و هناك ستة أشياء إذا فعَلَها الشخصُ فى الوضوءِ صح وضوءُهُ بلا إثم، وأما الأمورُ الأخرى المطلوبُ شرعًا فعلُها فى الوضوءِ فهى سُـنَّـة.

الفرضُ الأول من فروض الوضوء النيةُ، فينوى بقلبه الطهارةَ للصلاة، أو الوضوءَ، أو فرضَ الوضوء. ولا بُدَّ أَنْ تكونَ هذه النيةُ بالقلبِ فلا يكفى أن يتلفظ بها بلسانه وهو غافل عن معناها بقلبه، ولا بد أن تكونَ مَع أولِ غسلِ الوجه، أى أولَّ ما يلامسُ الماءُ وجهَهُ يستحضِرُ بقلبِهِ الوضوءَ، (هذا مذهبُ سيدِنَا الشافعىّ رضى الله عنه). وقال مالكٌ تُجزِئُ النية إذا سبقت غَسْلَ الوجهِ بقليل، يعنى ولو لم يستحضرْها فِى أول غسلِ الوجه.

و يجب غَسْلُ كُلِّ الوجهِ فى الوضوء. وحدُّ الوجه طُولًا من منابت شعر الرأس عادةً عند الناس إلى أسفلِ الذَّقَنِ، وعَرْضًا مِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ، أى مِنْ وَتِدِ الأذن إلى وَتِدِ الأُذُن، يعنى من أصلِ الأذن إلى أصلِ الأذن. فيجبُ غَسْلُ كُلِّ جِلْدِ الوجهِ وشَعَرِهِ، إلَّا باطِنَ لحيةِ الرَّجُلِ الكثيفةِ وباطنَ عارِضَيْهِ الكثيفين. وأما إذا كان الشَعَرُ خَفِيفًا فلا بد من غَسْلِ ظاهرِ اللحية وباطِنِهَا.

و الفرضُ الثالثُ فى الوضوء غسلُ اليدين من رءوسِ الأصابعِ إلى المرفقِ أى مع المرفق، فلو تَرَك غسلَ المرفقِ لَم يصحَّ وضوءُه .

وأما الفرضُ الرابعُ مِنْ فروض الوضوء مسحُ بعضِ شَعْرِ الرأسِ أو جلدِهِ. وحدُّ الرأسِ من مَنْبِتِ الشعر عند غالبِ الناس إلى نُقْرَةِ القفا. فلو مَسَحَ شَعرةً أو جُزءًا مِنْ شعرةٍ بحيث أن هذا الجزءَ من الشعرة لو مُدَّ إلى جهةِ نزوله أى إلى الجهة التى ينزلُ منها عادةً لا يخرج بهذا المدِّ عن حد الرأس فإنه يكفى عند ذلك لأن هذا جزءٌ مِنْ الرأس.

و الركن الخامسَ من أركانِ الوضوءِ غَسْلُ الرّجلينِ مع الكعبينِ، فإذا لم يغسل الكعبين لم يصحَّ وضوءُه. وينوبُ المسحُ على الخُـفِّ عن غَسْلِ الرّجلين إذا اكتملت شروطُ المسح على الخف، بأَن يكونَ الخفُ ساترًا لِمَحَلِّ غَسْلِ الفرضِ مِنَ القَدَمَينِ، وأَنْ يُمْكِنَ تتابُعُ المشْىِ علَيهِ، وأن يكون لُبسُه بعد تمام الطهارة، وأن لا يكون نَجِسَ العَيْنِ.

والركن السادسُ التَرْتِيبُ هكذا. أي أنه يُشترط أن يَبدَأَ بالنيةِ مع غَسْلِ الوجهِ، ويُكْمِلَ غَسْلَ وجهِهِ، ثم يغسِلَ يديه بعد ذلك ثم يمسَحَ رأسَهُ ثم يغسِلَ قَدَمَيْه. فلو أَخَلَّ بالترتيب لا يصحّ وضوءُه، وذلك لأن الله تبارك وتعالى ذَكَرَ غَسْلَ الأعضاءِ فى الوضوءِ على هذا الترتيبِ فِى القرءان الكريم.

وَينقُضُ الوضوءَ مَا خَرجَ مِنَ السَّبيلَينِ غَيرَ المَنِىّ؛ وَمَسُّ قُبُلِ الآدَمِىِّ أَو حَلْقَةِ دُبُرِهِ بِبَطْنِ الكَفِّ بِلا حَائِلٍ؛ وَلَمْسُ بَشَرَةِ الأجنبِيةِ التِى تُشْتَهَى؛ وَزَوَالُ العَقْلِ، لا نَـوْمُ قَاعِدٍ مُمَكّـِنٍ مقْعَدَتَهُ. يعني أن ما يَنْقُضُ الوضوءَ هى هذه الأشياءُ المذكورةُ فقط، وما عداها لا ينقضُ الوضوء. أَوَّلُهَا كلُّ ما خرج من السبيلين أي من القُبُل والدُّبُر إلا المنىَّ، سَوَاءٌ كان هذا الخارجُ مُعْتَادًا أو غيرَ مُعْتَادٍ. وأما المنىُّ فلا يَنقضُ مجرَّدُ خروجِهِ الوضوءَ وإنْ كان يُوجِبُ الغُسْلَ.

الأمر الثانِى مَسُّ قُبُلِ الآدمىّ أو حَلْقَةِ دُبُرِهِ ببطنِ الكفِ من غير حائل. وبطنُ الكف هو ما يختَفِى عِندَ إطباقِ الكفين بعضِهما على بعضٍ مع تحامُلٍ يسير أى خفيف وتفريقِ ما بين الأصابع، فكل ما لا يظهرُ عندها هو بطنُ الكفِ. أما مَسُّ القُبُلِ أو حَلْقَةِ الدُبُّر بظهر الكف أو أطرافه فلا يَنقُض الوضوء.

ومن نواقض الوضوء لمسُ بشرَةِ الأجنبيةِ التِى تُشْتَهَى. فالذى يَنقُضُ هوَ مسُّ الجلدِ للجِلْدِ مع كَون الجانبين بَلَغَا سِنًا يُشْتَهَى فيه مِثْلُهُمَا ولو كانا لم يبلُغَا بعد. وأما لمسُ سنِّ الأَجنبية أو شَعَرِها أو ظُفْرِها فلا ينقض الوضوء ولكن حرام.

كذلك مما يَنْقُضُ الوضوءَ الجنونُ ولو لِلَحْظَة، وكُلُّ زَوَالٍ للعقل، حتى النومُ إلا إذا نام الشخصُ مُمَكّـِنًا مقْعَدَتَهُ وأَفَاقَ وهو على ذلك. والأجنبيةُ المذكورة ءانفًا هى من ليست مَحْرَمًا. وأما مَسّ جِلْدِ مَحْرَمٍ كأُمِـّهِ أو أُختِهِ أو بِنْتِهِ الصُّلْبِيَةِ أو بنتِهِ مِنَ الرَّضَاع أو أُمِّ زَوْجَتِهِ فلا ينقض. ولو مست المرأة جِلْدَ عَمّهَا أو خَالِهَا، أو جِلْدَ وَالِدِ زَوجِهَا أو وَلدِها بالرَّضَاع، أو واحدٍ من سائرِ الْمَحَارِم فلا ينقضُ ذلك وضوءَها ولا يحرم. والله تبارك تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.