(138) مَا مَعْنَى حَدِيثِ التِّرْمِذِىِّ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمٰنُ ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ.
ارْحَمُوا مَنْ فِى الأَرْضِ أَىْ بِإِرْشَادِهِمْ إِلَى الْخَيْرِ كَتَعْلِيمِهِمْ أُمُورَ الدِّينِ الضَّرُورِيَّةَ وَإِطْعَامِ جَائِعِهِمْ وَكِسْوَةِ عَارِيهِمْ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ أَىْ أَهْلُ السَّمَاءِ وَهُمُ الْمَلائِكَةُ لِأَنَّ الْمَلائِكَةَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُنْزِلُونَ لَهُمُ الْمَطَرَ وَيَحْفَظُونَهُمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَأْمُرُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِى السَّمَاءِ الْمَلائِكَةُ فَهُوَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُفَسِّرُ الرِّوَايَةَ الأُولَى لِأَنَّ خَيْرَ مَا يُفَسَّرُ بِهِ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْوَارِدِ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ الْعِرَاقِىُّ فِى أَلْفِيَّتِهِ. وَقَالَ الْحَافِظُ فِى أَمَالِيِّهِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ (أَىْ فِى حَدِيثِ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحِيمُ ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ) عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَّنْ فِى السَّمَاءِ﴾ الْمَلائِكَةُ، لِأَنَّهُ لا يُقَالُ لِلَّهِ أَهْلُ السَّمَاءِ أَىْ لا يَجُوزُ ذَلِكَ.