الجمعة أكتوبر 18, 2024

(125) بَيِّنِ الْعِلَّةَ فِى عَدَمِ صِحَّةِ حَدِيثِ الْجَارِيَةِ.

        اعْلَمْ أَنَّ مَا وَرَدَ فِى صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلَهُ عَنْ جَارِيَةٍ لَهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى جَارِيَةً تَرْعَى لِى غَنَمًا فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ ذِئْبٌ فَأَكَلَ شَاةً فَغَضِبْتُ فَصَكَكْتُهَا أَىْ ضَرَبْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا أُعْتِقُهَا قَالَ ائْتِنِى بِهَا فَأَتَاهُ بِهَا فَقَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ قَالَتْ فِى السَّمَاءِ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ فِى الْعَقِيدَةِ لِأَمْرَيْنِ الأَوَّلُ لِلِاضْطِرَابِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْبَيْهَقِىُّ فِى السُّنَنِ الْكُبْرَى لِأَنَّهُ رُوِىَ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ رُوِىَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَبِلَفْظٍ عِنْدَ النَّسَائِىِّ مَنْ رَبُّكِ فَقَالَتِ اللَّهُ وَبِلَفْظٍ عِنْدَ أَبِى دَاوُدَ أَيْنَ اللَّهُ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ وَبِلَفْظٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَتَشْهَدِينَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ وَالأَمْرُ الثَّانِى أَنَّ رِوَايَةَ أَيْنَ اللَّهُ مُخَالِفَةٌ لِلأُصُولِ الْمَقْطُوعِ بِهَا لِأَنَّ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الشَّخْصَ لا يُحْكَمُ لَهُ بِالإِسْلامِ بِقَوْلِ اللَّهُ فِى السَّمَاءِ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ فَلا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُقَالَ عَنْهُ إِنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْجَارِيَةِ السَّوْدَاءِ بِالإِسْلامِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا اللَّهُ فِى السَّمَاءِ وَإِنَّمَا الأَصْلُ الْمَعْرُوفُ فِى شَرِيعَةِ اللَّهِ هُوَ مَا جَاءَ فِى الْحَدِيثِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِى نَصَّ عَلَى تَوَاتُرِهِ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ وَرَوَاهُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ. وَأَمَّا لَفْظُ رِوَايَةِ مَالِكٍ أَتَشْهَدِينَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدِينَ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ قَالَتْ نَعَمْ فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ.