#12 كيفية دخول وخروج أوقات الصلوات الخمس
الحمد لله المجيد والصلاة والسلامُ على سيدِنا محمدٍ الحكيمِ الرشيدِ وعلى آلهِ وأصحابِه إلى يومِ القيامةِ الأكيد أما بعدُ يجِبُ على المسلِمِ خَمْسُ صلواتٍ فى كُلِّ يومٍ وليلة، ولا صلاةَ واجبةٌ غيرَ هؤلاء الخمس -يعنى وجوبَ عينٍ-. وأداءُ هذه الصلوات أفضلُ الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله، وتركُهَا ذنبٌ عَظِيمٌ يجعَلُ الشخصَ قريبًا من الكفر، حفظنا الله من ذلك.
ومِنَ المهم معرفةُ كيفَ تَدخُلُ أوقاتُ الصلوات وكيف تخرُج. فوقتُ الظهر يَبْتَدِئ أولَ ما تميلُ الشمس ولو أَخَفَّ الميل عن وسطِ السماء إلى جهةِ المغرب. وبيان ذلك أنّ الشمسَ تَطْلُعُ مِنَ المشرق ثم تتحرك حتى تَصِل إلى وسطِ السّمَاء ويكونُ ظِلُّ الشىء أقْصَرَ ظِلٍّ له فى ذلك اليوم؛ هذا الوقت-أى لما تكون الشمسُ فى وسط السماء- ويقال له: وقتُ الاستواء وفى ذلك الوقت لا يكون الظهرُ قد دخل بعد لكن بعد ذلك أولَ ما تَميلُ الشمسُ ولو قليلًا عن وسطِ السماء إلى جهةِ الغرب يكونُ دَخَلَ الظهر. ويبقى وقتُ الظهر إلى أن يصيرَ طولُ ظِلّ الشىء مساويًا لطولِ الشىء نفسِهِ مع زيادَةِ طولِ ظِلِّ الاستواءِ عليه. مثال ذلك إذا كان هناك خَشَبَة قائمة طُولُهَا ثلاثُ أقدام، فلما صارت الشمس فى وسط السماء كان ظِلُّ هذه الخَشَبَة قَدَمًا واحدةً. فعندما يَصير فى ذلك اليوم طولُ الظِلِ أربعَ أقدام يكون انتهى وقتُ الظهر، وبعد ذلك يبتدئُ وقتُ العصر
ثم وقتُ العصر يستمرُ من بعدِ انتهاءِ وقتِ الظهرِ إلى أن يغيبَ كاملُ قُرْصِ الشمس. فإنْ كُـنْتَ لا تستطيعُ رُؤيةَ قُرصِ الشمسِ فى الجهةِ الغربية، يُعْرَفُ ذلك بزوالِ الشُّعَاعِ من رءوسِ الجبالِ وبإقبالِ الظلمةِ من المشرق.
وأما وقتُ المغرب فإنه يَبْتَدِئ بعد انتهاءِ وقتِ العصر مباشرةً، ويستمرُ إلى أن يغيبَ الشفقُ الأحمرُ من الأفقِ الغربىّ.
وأما وقْتُ العشاء فإنه يبتدِئ مباشرةً بعد انتهاءِ وقتِ المغرب، ويستمرُ إلى طلوعِ الفجر الصادق الذى هو بياضٌ معتَرِض يطلُعُ فى الأُفْق الشرقىّ، يَبْدَأُ أولَ ما يظهر دقيقًا ثم يزدادُ وينتشرُ شيئًا فشيئًا إلى أن تَطْلُعَ الشمس. فبمجرد طلوعِ هذا البياض ينتهى وقتُ العشاء ويبتدئ وقتُ الصبح.
وأما وقتُ الصبح فإنه يبدأ مباشرةً بطلوعِ الفجر، ويستمرُ إلى أن تطلُعَ الشمسُ، أى حتى يطلُعَ أوّلُ جُزءٍ مِنَ الشمسِ.
وليعلم يا أحبابنا الكرام أن معرفةَ هذه الأوقات وإيقاعَ الصلاةِ فيها لا قَبْلَهَا ولا بعدَهَا فَرْضٌ، فيحرم تقديمُ الصلوات على وقتِها وتأخيرُها عن وقتها بلا عذر لأنّ الله تبارك وتعالى قال: {فَوَيلٌ للمصلّين الذّينَ هم عن صلاتِهِم ساهون}. والمراد بالسهو هنا تأخيرُ الصلاةِ عمدًا حتى يخرجَ وقتُها. فالذى يؤخرُ الصلاةَ عمدًا حتى يخرجَ وقتُها فإنّ الله تَوَعَّدَه بالويلِ وهو العذابُ الشديد. ومَعَ ذلك فإنّ من يُؤَخرْها عن وقتِها عمدًا حتى يخرُجَ وقتُها من غيرِ أن يُصَلّـِيَهَا لا يكونُ كافرًا، لكنه يكون قريبًا من الكفر. وقال بعضُ الأئمةِ بتكفيرِهِ، لكنَّ الجمهورَ على أنه فاسقٌ لم يَصِل إلى الكفرِ بذلك.
و مَنْ صَلَّى الصلاةَ قبلَ وقتِهَا لم تَصِحَّ منه الصلاةُ، ومن صلَّاها بعد خروجِ وقتِها وَقَعَت هذه الصلاةُ قضَاءً، لكنْ عصى الله بتأخِيرِهَا إن كان أَخَّرَهَا بلا عُذْرٍ. وأشدُ المعصيتين معصيةُ التقديم، لأنَّ الذى قدَّمَها على وقتِها لم تقعْ صلاتُه لا أداءً ولا قضاءً. فإنْ جَمَعَ بين الصلاتين لعذرٍ شرعىٍّ فلا إثمَ عليه، مثلُ الذى يجمعُ بينهما للسَّفَرِ، أو المرضِ، أو المطرِ، ولذلك تفاصيلُ معروفةٌ فى كتب الفقه.
وفي الختام نسأل الله تعالى العفو والعافية. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك والحمد لله رب العالمين.