12 فضائل سيدنا عثمان بن عفان ذو النورين رضي الله عنه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين، ورضي الله عن أمهاتِ المؤمنين وءالِ البيت الطاهرين وعن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ الصديق وعمرَ الفاروق وعثمانَ ذي النورين وعليٍ الْمُرتضى وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالكٍ والشافعيِ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحين أما بعد قبل نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عثمان رضي الله عنه ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد هاجرت معه إلى الحبشة وماتت رقيّة عنده في ليالي بدر وهي التي ولدت له عبدَ الله فصار يُكَنّى بأبي عبد الله بعد أن كان يكنى بأبي عمرو ثم زوجه النبي صلى الله عليه وسلم من ابنته أمِ كلثوم وبقيت عنده إلى أن ماتت سنة تسع للهجرة وبهذا سُمي رضي الله عنه بذي النورين لأنه تزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن جملة فضائله رضي الله عنه ما في تاريخ ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوّل الليل إلى أن طَلَعَ الفجرُ رافعًا يديه يدعو لعثمان: “اللهم عثمانَ رضيتُ عنه فارضَ عنه”. وروى الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتابه “حلية الأولياء” عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “اشترى عثمانُ بنُ عفان من رسول الله الجنةَ مرتين، حين حفر بئر رُومة وحين جهّز جيشَ العُسرة”. وكانت بئر رومة يُباع ماؤها للمسلمين فاشتراها عثمان رضي الله عنه وحفرها وجعلها عامة للمسلمين ولا تزال إلى الآن معروفةً في المدينة المنورة. وتفصيل حادثة تجهيز جيش العسرة في ما رواه الترمذي عن عبد الرحمن بنِ خبّاب السُلَمِيِّ قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحثّ الناس على جيش العسرة فقال عثمان: عليَّ مائةُ بعير بأحلاسها وأقتابها ثم حثَّ رسول الله فقال عثمانُ عليَّ مائةٌ أخرى بأحلاسها وأقتابها. قال السُلَمِيُ: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بيده يحركها: “ما على عثمانَ ما عمِل بعد هذا“. وفي رواية للحاكم النيسابوري رحمه الله تعالى عن عبد الرحمن بن سَمُرَة قال: جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار حين جَهز جيشَ العسرة فنثرها في حجره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَلِّبُها ويقول: “ما ضرَّ عثمانَ ما عمِل بعد اليوم” مرتين. وأخرج صاحبُ “حلية الأولياء” عن عبد الله بن مسعود قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمانَ بنَ عفان يوم جيش العسرة جائيًا وذاهبًا فقال: “اللهم اغفر لعثمان ما أقبل وما أدبر، وما أخفى وما أعلن، وما أسرَّ وما أجهر”. وفي سنة ثلاثين بلغ الخليفةَ عثمانَ بنَ عفان أنه وقع اختلافٌ في القرءان في وجوه القراءات على اختلاف لغات العرب فتنازع أناس وخطَّأ بعضهم بعضًا، فخشي عثمان من تفاقم الأمر في ذلك فجمع رضي الله عنه الصحابة ونسخوا أربعة مصاحف فبعث أمير المؤمنين عثمانُ بنُ عفان رضي الله عنه إلى كل أفُق من الآفاق بمصحف يكون مرجِعا وعُمدةً يعتمدون عليه فلم يقع بعد ذلك ولله الحمد خلافٌ في كلِمةٍ أبدا. وبالإضافة إلى ما اجتمع في سيدنا عثمان رضي الله عنه من الخصال المرضيّة والصفات السَّنيَّة من حلم وعلم وكرم وجود وحياء وصفاء وورع وزهد، كان من أشد الناس تواضعًا. وهكذا نصِل ُإلى نهاية حلقتنا هذه لنحدثَكم في الحلقةِ القادمةِ من سلسلةِ مختصر سيرة الخلفاء الراشدين عن خلافته رضي الله عنه فتابعونا وإلى اللقاء.