الأحد نوفمبر 24, 2024

12 أحكام المهر

نكمل الكلام فى كتاب النكاح ونتكلم فى فصل جديد بأحكام الصداق أى المهر. والمهر شىءٌ شديد اللزوم فإنه لا يسقط ولو تراضت الزوجةُ مع الزوج على عقد النكاح بلا مهر، لمجرد ذلك لا يسقط المهر. وهو شرعًا ما يجبُ من مالٍ أو منفعة بسبب عقدِ نكاحٍ أو نحوِ ذلك. ويُستحب يعنى يُسن للعاقد تسميةُ المهر أى أن يذكرَ المهر فى صُلب عقد النكاح.

ودل قولُه ويُستحب تسمية المهر أنه يجوز إخلاءُ عقد النكاح من ذكر المهر. فإن لم يسمّ المهر فى العقد صح العقد بالإجماع فإن لم يُسمَّ المهر ولم تكن الزوجةُ مُفَوِّضَةً ثَبَتَ لها مهرُ المثل. الْمُفَوِّضة هي المرأةُ التي تقول لوليها زوجنِى بلا مهر ثم هو يفعل. فإذا صَحَّ التفويض وَجَبَ المهرُ لها عند ذلك بواحدٍ من ثلاثةِ أشياء.

 الشىء الأول: أن يَفْرِضَه الزوجُ على نفسه، مثلا عُقِدَ العقد من غير ذكر المهر وكانت مفوِّضة، بعد ذلك قال لها زوجها فرضتُ لك علىّ كذا مهرًا أو هى قالت له افرض لى مهرًا ففعل فقبِلَت ثبتَ لها هذا المهر. ولها حبسُ نفسِها عنه حتى يَفرِضَ لها. إن كان المهر مهرَ مثل لا يُشتَرَط قَبُولُها عند ذلك إنما يُشترط قبولُها إذا كان دون مهر المثل أما إن فرض لها مهرَ مثلٍ  أو أكثر  لا يُشترط قبولها لثبوتِه.

والأمرُ الثاني أن يَفْرِضَه الحاكم.

والثالث أن يَدْخُلَ الزوجُ بها. فإذا وطِئَها ولو وَطْئًا محرمًا كأن وطِئَها فى الحيض أو فى الدبر ثبتَ لها مهرُ المثل. ويُلْحَقُ بالوطء شىء وهو الموت.

والمرادُ بمهر المثل القدر الذي يُدفع عادة لمثلها والأصل فيه أنه يُنْظَرُ إلى نسَبِها، من كان له نسبُها من النساء ماذا يأخذ من المهر، ويُراعَى مع ذلك أمور أخرى، يُراعَى مع ذلك عقلٌ وسنٌ وعلمٌ وجمالٌ وغيرُ ذلك. فأول ما يُنظر لتحديد مهرِ المثل يُنظَرُ إلى أختِها من أبيها وأمِّها ثم بعد ذلك الأختُ للأب ثم بعد ذلك بنتُ أخيها الشقيق ثم بنتُ أخيها لأبيها وهكذا يُراعَى نساءُ عصباتِها. فإن لم يكن من نساء عصباتها أحد، يُنظر عند ذلك إلى ذوات الأرحام، إلى قريباتها من جهة الأم. أولاً يُنظر إلى أمها ثم إلى أختِها لأمها ثم إلى جدتِها ثم إلى خالتها وهكذا. فإن تَعَذَّر ذلك اعتُبرت بالأجنبيات من مثيلاتها.

وليس لأقل الصَّداق حدٌّ معيَّن فى القِلة فيكفى فى المهر تسميةُ أىِّ شىء يعنى سواء كان عينًا أو ديْنًا أو منفعة بشرط أن يصح جعلُه ثمنًا أما لو عَقَدَ على عين لا يصح جعلُها ثمنًا مثلِ نواةِ تمر واحدة أو حبةِ قمح واحدة أو ما شابه ذلك لم يَثبُت هذا مهرًا إنما يرجِعُ الأمرُ إلى مهر المثل.

 ويجوز أن يتزوجَها على منفعة معلومة لهما، للمتعاقِدَين، كتعليمها القرءان أو سورة منه أو تعليمِها الخياطة مثلاً أو الفقه أو الحديث أو الخط وهكذا.

 فإن طلق الزوج زوجته قبل الدخول سقط نصفُ مهرها وثبت لها النصف. وهذا الحكم ثابت حتى لو كان الطلاق بسبب تعليقه له على شىء تفعَلُه هى ففعلت فإنه يثبت لها.