الجمعة أكتوبر 18, 2024

(117) مَا هُوَ دَلِيلُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِى الرَّدِّ عَلَى الْمُشَبِّهَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ نَفْىَ الْمَكَانِ عَنِ اللَّهِ نَفْىٌ لِوُجُودِ اللَّهِ.

        لَيْسَ مِحْوَرُ الِاعْتِقَادِ عَلَى الْوَهْمِ أَىْ أَنَّ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ لا يُبْنَى عَلَى الْوَهْمِ بَلْ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ الصَّحِيحُ السَّلِيمُ الَّذِى هُوَ شَاهِدٌ لِلشَّرْعِ أَىْ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الشَّرْعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَحْدُودَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ حَدَّهُ بِذَلِكَ الْحَدِّ أَىْ أَنَّ كُلَّ مَا لَهُ حَجْمٌ فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ جَعَلَهُ عَلَى هَذَا الْحَجْمِ فَلا يَكُونُ إِلَهًا فَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلا كَمِيَّةٌ فَالْعِبْرَةُ بِحُكْمِ الْعَقْلِ فَكَمَا أَنَّ الْعَقْلَ يَحْكُمُ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ مُتَّصِلًا بِالْعَالَمِ وَلا مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْوَهْمُ لا يَتَصَوَّرُهُ كَمَا لا يَتَصَوَّرُ الْوَهْمُ وُجُودَ وَقْتٍ لَيْسَ فِيهِ نُورٌ وَلا ظَلامٌ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَا لِأَنَّهُمَا خُلِقَا بَعْدَ خَلْقِ الْمَاءِ وَالْعَرْشِ وَالْقَلَمِ وَاللَّوْحِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَنْعَامِ ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾ أَىْ خَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ فَكَمَا صَحَّ وُجُودُ اللَّهِ تَعَالَى بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ قَبْلَ خَلْقِ الأَمَاكِنِ وَالْجِهَاتِ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ وُجُودُهُ تَعَالَى بَعْدَ خَلْقِ الأَمَاكِنِ وَالْجِهَاتِ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ وَاعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ لا يَكُونُ نَفْيًا لِوُجُودِهِ تَعَالَى كَمَا زَعَمَتِ الْمُشَبِّهَةُ وَمِنْهُمُ الْوَهَّابِيَّةُ وَهُمُ الدُّعَاةُ إِلَى التَّجْسِيمِ فِى هَذَا الْعَصْرِ أَىْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ قَاعِدٌ فَوْقَ الْعَرْشِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ.