الأحد ديسمبر 22, 2024

11 مقتل سيدنا الحسين ظلما

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ورضي الله عن أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وعن سائر الأولياء والصالحين. أما بعد ففي يوم عاشوراءَ في يوم الجمُعةِ في سنةِ إحدى وسِتين من الهجرةِ، كانتِ الفاجعةُ التي ألـمّتْ بالمسلمين بمقتلِ أبي عبدِ الله الحسينِ بنِ عليٍ حفيدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ابنِ بِـنْتِهِ فاطمةَ رضي الله عنهما، على أيدي فئةٍ ظالمةٍ فماتَ الحُسينُ شهيدا، وهو ابنُ سِتٍّ وخمسينَ سنةً وهو الذي قال فيه جدُّه صلى الله عليه وسلم وفي أخيه:”الحسنُ والحسينُ سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّة” رواه الترمذيُّ وأحمدُ والطبرانيّ. وقال:” حسين منِّي وأنا من حسين” أي محبتي له كاملة ومحبتُه لي كاملة.  وليعلم أنّ ما حصل لسيدنا الحسين عليه السلام هو سنة الله في الدعاة إلى دينه، فهذا سيدنا نوح عليه السلام يدعو قومه إلى عبادة الله الواحد، وترْكِ الإشراك به تسعمائة وخمسين سنة، فيُضرب بالحجارة ويُشدخُ رأسُه بالصخر حتى يحمل مغشيا عليه ولا يؤمنُ به إلا نحو ثمانين شخصا، وسيدنا إبراهيم عليه السلام يرمى في النيران، والنار تكون بردا وسلاما عليه، ويحيى عليه السلام يُقطع رأسه، وزكريا عليه السلام يُنشر بالمنشار، وموسى يَكيد له الطاغيةُ فرعون وينكِّلُ بمن ءامن به، وسيدنا عيسى عليه السلام يريدون صلبه على الألواح، [وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ] ، وها هو خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم يُبعث في قوم يعبدون الأصنام والأوثان وتلهو بهم الشياطين، فيدُلّـهم على ما فيه فلاحهم وخلاصهم من غياهب الجهل ويقول لهم ” قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” فيُرمى بالحجارة حتى يسيلَ الدم من قدميه الطاهرتين، ويقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم “اللهم إن لم يكن بك سخط عليَّ فلا أبالي “، ويُقتل ءالُ ياسر لإيمانهم بمحمد، وبلال يُضرب وسط الصحراء ويُوضَعُ الصخرُ على صدره وهو يقول: ” أَحدٌ أحدٌ” ويخرج المؤمنون من ديارهم، وتُدَك بيوتهم وتُسلَب أموالهم، وفي غزوة أحد، يُقتل عمُّ رسول الله سيدُ الشهداء حمزة بن عبد المطلب صياد الأسود ويُقتلَعُ كبدُه من جسده. وهذا الفاروق عمر بن الخطاب يُقتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرءان، وهذا عثمان ذو النورين يُقتل وهو محصور في داره، وهذا عليّ المرتضى يُقتل وهو خارج إلى صلاة الفجر.

وفي هذا المقام لا بد من التنبيه إلى أمر عظيم، ألا وهو أنّ من ناصر الحقَّ، وكان في صفِّه ومعه، هو المنصور حقا، وإن ظُلِم وقتل، فهو الرابح الفائز على الحقيقة، وأنّ مَن جانبَ الحقّ وعادى أهلَه هو الخاسر المخذول.  ومن هنا نقول أيضا إن أبا عبد الله الحسين عليه السلام ما خرج إلا ليطلب الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يخرج أشرا ولا بطرا، فقُتِل عليه السلام مظلوما، ومنعوه أن يرِدَ الماءَ فيمن ورد، وأن يرحل عنهم إلى بلد، وسبَوا أهلَه وقتلُوا الولد.   إنه الحسينُ الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مِنْ حبِّه يُقبِّلُ شفتيه، ويحملُه كثيرا على عاتقيه، فلو رءاه مُلقًى على أَحَدِ جانبيه، والسيوفُ تأخذُه، والأعداء حواليه، والخيل قد وطئت صدرَه، ومشت على يديه، ودماؤه تجري بعدَ دموعِ عينيه، لغضب الرسولُ من ذلك ولعزَّ عليه.

واعلموا رحمكم الله تعالى أن ثبت عند التِّرْمِذِيِّ أنَّ رسولَ الله ، صلَّى الله عليهِ وسلَّم ، قال :” حسينٌ منِّي وأنا من حسين ، أحبَّ اللهُ مَنْ أحبَّ حسينًا ” .  هذا الحديثُ الصَّحيحُ الثَّابتُ عن رسولِ الله ، صلَّى الله عليه وسلَّم ، يعني أَنَّ مَحَبَّةَ رسولِ الله للحسينِ كاملةٌ ومَحَبَّةَ الحسينِ لجَدِّهِ رسولِ الله كاملةٌ أَيضًا ..  وفي هذا الحديث دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أحب الحسين أن يحبَه الله ومن منا لا يرجو أن يكون داخلا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم؟ نسأل الله تعالى أن يزيد في حبنا لسيدنا الحسين ولآل النبي الطاهرين ولأمهات المؤمنين ورضي الله عن الخلفاء الراشدين ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وسائر الأولياء والصالحين والحمد لله رب العالمين.