الجمعة أكتوبر 18, 2024

(104) مَا هِىَ أَقْسَامُ الْمَوْجُودِ.

        اعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَ الْمَوْجُودِ ثَلاثَةٌ الأَوَّلُ أَزَلِىٌّ أَبَدِىٌّ وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَطْ أَىْ لا بِدَايَةَ لِوُجُودِهِ فَلَمْ يَسْبِقْ وُجُودَهُ عَدَمٌ وَلا نِهَايَةَ لِوُجُودِهِ فَلا يَلْحَقُهُ عَدَمٌ وَحُكْمُ مَنْ يَقُولُ الْعَالَمُ أَزَلِىٌّ بِجِنْسِهِ وَأَفْرَادِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ فَقَطْ التَّكْفِيرُ قَطْعًا لِأَنَّ الأَزَلِيَّةَ لا تَصِحُّ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَالثَّانِى أَبَدِىٌّ لا أَزَلِىٌّ أَىْ أَنَّ لَهُ بِدَايَةً وَلا نِهَايَةَ لَهُ وَهُوَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَهُمَا مَخْلُوقَتَانِ أَىْ لَهُمَا بِدَايَةٌ إِلَّا أَنَّهُ لا نِهَايَةَ لَهُمَا أَىْ أَبَدِيَّتَانِ فَلا يَطْرَأُ عَلَيْهِمَا فَنَاءٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ بَقَاءَهُمَا لَكِنْ بَقَاؤُهُمَا لَيْسَ بَقَاءً ذَاتِيًّا بَلْ هُمَا بَاقِيَتَانِ بِإِبْقَاءِ اللَّهِ لَهُمَا أَمَّا بَقَاءُ اللَّهِ فَهُوَ بَقَاءٌ ذَاتِىٌّ أَىْ لَيْسَ بِإِبْقَاءِ غَيْرِهِ لَهُ فَلا شَرِيكَ لِلَّهِ تَعَالَى فِى صِفَةِ الْبَقَاءِ. وَالثَّالِثُ لا أَزَلِىٌّ وَلا أَبَدِىٌّ أَىْ أَنَّ لَهُ بِدَايَةً وَلَهُ نِهَايَةً وَهُوَ كُلُّ مَا فِى هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالأَرْضِ فَلا بُدَّ مِنْ فَنَائِهِمَا وَفَنَاءِ مَا فِيهِمَا مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ وَمَلائِكَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الرَّحْمٰنِ ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ أَىْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يَفْنَى وَفَنَاءُ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ هُوَ بِمُفَارَقَةِ أَرْوَاحِهِمْ لِأَجْسَادِهِمْ وَأَمَّا فَنَاءُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ فَهُوَ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾ أَىْ ذَاتُهُ أَىْ يَبْقَى اللَّهُ.