#2
قال الإمامُ عُمرُ النسفى (والحرامُ رزقٌ) أى أن الرزق ليس مقصُورا على الحلال بل يشملُ الحلال والحرام وإن كان بينهُما فرقٌ من حيثُ العاقبةُ فإن الرزق الحلال ليس فيه وبالٌ على صاحبه وأما الحرامُ فإنهُ وبالٌ على صاحبه أى يستحق العُقُوبة عليه. والرزقُ ما ينفعُ حسا ولو كان مُحرما (وكُل يستوفى رزق نفسه) أى يأخُذُهُ كاملا (حلالا كان أو حراما) كما دل عليه حديثُ الحاكم والبيهقى إن رُوح القُدُس (معناهُ رُوحُ الطهر وهُو جبريلُ عليه السلامُ) نفث فى رُوعى (أى فى قلبى) إن نفسا لن تمُوت حتى تستوفى رزقها وأجلها فاتقُوا الله وأجملُوا فى الطلب، أى اطلُبُوا الرزق من طريق حلال (ولا يُتصورُ أن لا يأكُل إنسانٌ رزقهُ أو يأكُل غيرُهُ رزقهُ) لقوله ﷺ لو أن ابن ءادم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركهُ رزقُهُ كما يُدركُهُ الموتُ رواهُ أبُو نُعيم فى الحلية. فما كُتب للعبد من رزق وأجل لا بُد أن يستكملهُ قبل أن يمُوت.
(واللهُ تعالى يُضل من يشاءُ) أى يخلُقُ الضلالة فى قلب من يشاءُ من عباده (ويهدى من يشاءُ) أى يخلُقُ الاهتداء فى قلب من يشاءُ من عباده فلا أحد يخلُقُ الهداية ولا الضلالة فى القلب إلا اللهُ. ويصح إضافةُ الهداية إلى الأنبياء بمعنى أنهُم يدُلون الناس على طريق الهُدى كقوله تعالى فى نبيه مُحمد ﷺ ﴿وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم﴾ أى إنك يا مُحمدُ تُبينُ وتدُل الناس على طريق الهُدى وليس معناهُ أنك تخلُقُ الاهتداء فى قُلُوبهم.
وقولُهُ (وما هُو الأصلحُ للعبد فليس ذلك بواجب على الله تعالى) فيه رد على المُعتزلة لأنهُم قالُوا يجبُ على الله أن يفعل ما هُو الأصلحُ للعباد وكلامُهُم باطلٌ لأنهُ لو كان الأمرُ هكذا لما خلق اللهُ الكافر الفقير المُعذب فى الدنيا والآخرة ولما كان لهُ منةٌ على العباد واستحقاقُ شُكر فى الهداية وإفاضة أنواع الخيرات لكونها أداءٌ للواجب.
(وعذابُ القبر للكافرين) كعرض النار على الكافر كُل يوم مرتين مرة أول النهار ومرة ءاخر النهار يتعذبُ بنظره ورُؤيته لمقعده الذى يقعُدُهُ فى الآخرة وضرب مُنكر ونكير لهُ بمطرقة من حديد بين أُذُنيه (ولبعض عُصاة المُؤمنين) كالانزعاج من ظُلمة القبر ووحشته (وتنعيمُ أهل الطاعة فى القبر) كتوسيع قُبُورهم سبعين ذراعا طُولا فى سبعين ذراعا عرضا وعرض مقعدهم من الجنة عليهم غُدُوا وعشيا (وسُؤالُ) الملكين (مُنكر ونكير) كُل ذلك (ثابتٌ بالدلائل السمعية) أى بالنقل لا بالعقل قال اللهُ تعالى ﴿النارُ يُعرضُون عليها غُدُوا وعشيا ويوم تقُومُ الساعةُ أدخلُوا ءال فرعون أشد العذاب﴾ وقال رسُولُ الله ﷺ استنزهُوا من البول فإن عامة عذاب القبر منهُ. أما من كان من أهل الفترة من الكُفار أى الذين لم تبلُغهُم دعوةُ الإسلام التى جاء بها الأنبياءُ فلا يُعذبُ عند الجُمهُور لقوله تعالى ﴿وما كُنا مُعذبين حتى نبعث رسُولا﴾ واحتج الأشاعرةُ بهذه الآية فقالُوا من لم تبلُغهُ دعوةُ نبى من الأنبياء ثُم مات لا يُعذبُ لو عاش يعبُدُ الوثن ونُقل عن أبى حنيفة أنهُ قال لا يُعذرُ أحدٌ بالجهل بخالقه وإن لم تبلُغهُ دعوةُ الإسلام لأن العقل وحدهُ يكفيه مما يراهُ من خلق السمــٰوات والأرض وخلق نفسه، ليس لهُ عُذرٌ إن لم يُؤمن بالله. وإنما قال لبعض عُصاة المُؤمنين لأن عُصاة المُؤمنين قسمان قسمٌ منهُم مُعاقبُون وقسمٌ مغفُورٌ لهُم.
(والبعثُ حق) لقوله تعالى ﴿ثُم إنكُم يوم القيامة تُبعثُون﴾ والبعثُ هُو خُرُوجُ الموتى من القُبُور بعد إحيائهم أى بعد إعادة الجسد الذى أكلهُ الترابُ إن كان من الأجساد التى يأكُلُها الترابُ فيُعادُ تركيبُ الجسد على عظم صغير قدر حبة خردلة يُسمى عجب الذنب قال اللهُ تعالى ﴿كما بدأنا أول خلق نعيدُهُ﴾ (والوزنُ حق) لقوله تعالى ﴿والوزنُ يومئذ الحق﴾ والذى يُوزنُ هُو الكُتُبُ وقيل الأعمالُ والذى يتولى وزنها الملكان جبريلُ وميكائيلُ (والكتابُ حق) أى كتابُ الأعمال وهُو الذى كتبهُ الملكان رقيبٌ وعتيدٌ فى الدنيا قال تعالى ﴿ونُخرجُ لهُ يوم القيامة كتابا يلقاهُ منشُورا﴾. والمُؤمنُ يأخُذُ كتابهُ بيمينه والكافرُ يأخُذُ كتابهُ بشماله من وراء ظهره قال تعالى ﴿فأما من أُوتى كتابهُ بيمينه فسوف يُحاسبُ حسابا يسيرا وينقلبُ إلى أهله مسرُورا وأما من أُوتى كتابهُ وراء ظهره فسوف يدعُو ثُبُورا ويصلى سعيرا﴾ (والسؤالُ حق) أى يوم القيامة لقوله تعالى ﴿لنسألنهُم أجمعين﴾ ولقوله ﷺ إن الله يُدنى المُؤمن يوم القيامة فيضعُ عليه كنفهُ وسترهُ فيقُولُ أتعرفُ ذنب كذا فيقُولُ نعم أى رب حتى قررهُ بذُنُوبه ورأى فى نفسه أنهُ قد هلك قال اللهُ تعالى سترتُها عليك فى الدنيا وأنا أغفرُها لك اليوم فيُعطى كتاب حسناته وأما الكُفارُ والمُنافقُون فيُنادى عليهم على رُؤُوس الخلائق هؤُلاء الذين كذبُوا على ربهم ألا لعنةُ الله على الظالمين رواهُ البُخارى. والمُرادُ بالظالمين الكُفارُ لأن الكُفر هُو أعلى الظلم وما سواهُ بالنسبة لهُ فكأنهُ ليس بظُلم (والحوضُ حق) وهُو مكانٌ أعد اللهُ فيه شرابا لأهل الجنة يشربُون منهُ بعد عُبُور الصراط وقبل دُخُول الجنة فلا يُصيبُهُم بعد ذلك ظمأٌ ويصُب فيه ميزابان من الجنة. فقد روى البُخارى عن عبد الله بن عمرو أنهُ قال قال رسُولُ الله ﷺ حوضى مسيرةُ شهر ماؤُهُ أبيضُ من اللبن وريحُهُ أطيبُ من المسك وكيزانُهُ كنُجُوم السماء (أى أكوابُهُ كعدد نُجُوم السماء) من شرب منهُ لا يظمأُ أبدا (والصراطُ حق) وهُو جسرٌ عريضٌ يُمد فوق جهنم فيردُهُ الناسُ جميعا فمنهُم من ينجُو ومنهُم من يقعُ فيها أما ما ورد أنهُ أدق من الشعرة وأحد من السيف كما روى مُسلمٌ عن أبى سعيد الخُدرى فهُو كنايةٌ عن شدة هوله وخطره وليس المُرادُ به ظاهرهُ (والجنةُ حق والنارُ حق) أى وُجُودُهُما ثابتٌ (وهُما مخلُوقتان الآن موجُودتان) و(باقيتان لا تفنيان ولا يفنى أهلُهُما) وهذا هُو المذهبُ الحق وخالف فى ذلك ابنُ تيمية فقال إن النار تفنى لا يبقى فيها أحدٌ وتبعهُ فى هذه المقالة الفاسدة الوهابيةُ ذكرُوا ذلك فى كتابهمُ المُسمى القول المُختار لفناء النار فكذبُوا قول الله تعالى ﴿إن الله لعن الكافرين وأعد لهُم سعيرا خالدين فيها أبدا﴾ وقولهُ تعالى ﴿وما هُم بخارجين من النار﴾ فلو كانت النارُ تفنى والكُفارُ يخرُجُون منها فأين يذهبُون بزعمهم وقد حرم اللهُ الجنة على الكافرين إذ لا يُوجدُ فى الآخرة إلا منزلتان إما جنةٌ وإما نارٌ.
(و)المعصيةُ (الكبيرةُ لا تُخرجُ العبد المُؤمن من الإيمان) وهى كُل ذنب أُطلق عليه بنص كتاب أو سُنة أو إجماع أنهُ كبيرةٌ أو عظيمٌ أو أُخبر فيه بشدة العقاب أو عُلق عليه الحد وشُدد عليه النكيرُ وكذا كُل ذنب ورد فى القُرءان أو الحديث أن فاعلهُ ملعُونٌ أو شُبه فاعلُهُ بالكافر (ولا تُدخلُهُ) الكبيرةُ (فى الكُفر) أى أن المُؤمن لا يخرُجُ بذنبه من الإيمان ما لم يقع فى الكُفر لقوله تعالى ﴿وإن طائفتان من المُؤمنين اقتتلُوا فأصلحُوا بينهُما﴾ فسمى اللهُ كلتا الطائفتين مُؤمنين مع كون إحداهُما على المعصية لأن قتال المُؤمن للمُؤمن ورد فيه زجرٌ شديدٌ إلى درجة تشبيهه بالكُفر كما فى الحديث الذى رواهُ البُخارى سبابُ المُسلم فُسُوقٌ وقتالُهُ كُفرٌ أى يُشبه الكُفر لعُظم ذنبه (واللهُ تعالى لا يغفرُ أن يُشرك به) أى لمن استمر عليه إلى الموت أو وصل إلى حالة اليأس من الحياة برُؤية ملك الموت وملائكة العذاب أو إدراك الغرق بحيثُ أيقن بالهلاك كفرعون الذى لم يقبل اللهُ توبتهُ حين أدركهُ الغرقُ وعلم أنهُ هالكٌ لا محالة (ويغفرُ ما دُون ذلك لمن يشاءُ من الصغائر والكبائر) أى ما دُون الكُفر من الكبائر والصغائر يغفرُها اللهُ لمن يشاءُ من عباده المُسلمين المُتجنبين للكُفر بنوعيه الإشراك بالله الذى هُو عبادةُ غيره والكُفر الذى ليس فيه إشراكٌ كسب الله أو نبى من أنبيائه قال رسُولُ الله ﷺ إن الله ليغفرُ لعبده ما لم يقع الحجابُ قالُوا وما وُقُوعُ الحجاب يا رسُول الله قال أن تمُوت النفسُ وهى مُشركةٌ رواهُ أحمدُ وابنُ حبان (ويجُوزُ العقابُ على) المعصية (الصغيرة) التى لم يجتنب فاعلُها الكبائر أما الذى اجتنب فاعلُها الكبائر فلا يُعاقبُ عليها لقوله تعالى ﴿إن تجتنبُوا كبائر ما تُنهون عنهُ نُكفر عنكُم سيئاتكُم﴾ أى الصغائر (و)يجُوزُ (العفوُ عن) المعصية (الكبيرة) بلا توبة (إذا لم تكُن عن استحلال و)أما (الاستحلالُ) أى استحلالُ المعصية مع العلم بها فهُو (كُفرٌ).
(والشفاعةُ ثابتةٌ للرسُل والأخيار فى حق أهل الكبائر بالمُستفيض من الأخبار) أى أن الشفاعة فى الآخرة ثابتةٌ بنص القُرءان والأحاديث المشهُورة كحديث الترمذى شفاعتى لأهل الكبائر من أُمتى، معناهُ الذى يحتاجُ للشفاعة هُم أهلُ الكبائر دُون غيرهم. ومعنى الشفاعة أن الرسُول ﷺ يطلُبُ من ربه يوم القيامة إنقاذ خلق كثير من أُمته من النار بإخراج قسم منهُم منها بعد أن دخلُوها وبعدم دُخُولها لبعض ءاخرين (وأهلُ الكبائر من المُؤمنين لا يخلُدُون فى النار وإن ماتُوا من غير توبة) أى أن المُؤمن من أهل الكبائر إذا مات من غير توبة لا يخلُدُ فى النار إن دخلها لقوله ﷺ فيما رواهُ مُسلمٌ وابنُ حبان أشهدُ أن لا إلـٰه إلا اللهُ وأنى رسُولُ الله لا يلقى الله تعالى بهما عبدٌ غيرُ شاك فيُحجب عن الجنة وقوله ﷺ من كان ءاخرُ كلامه لا إلـٰه إلا اللهُ عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابهُ قبل ذلك ما أصابهُ رواهُ ابنُ حبان.
(والإيمانُ) فى الشرع (هُو التصديقُ) بالقلب (بما جاء به النبى من عند الله والإقرارُ به) باللسان أى أن الإيمان يشملُ كلا الأمرين فيُعلمُ من ذلك أنهُ إذا انتفى التصديقُ بالقلب انتفى الإيمانُ. والكافرُ إذا صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه لا يدخُلُ فى الإسلام إلا إذا كان عاجزا عن النطق فيكفيه حينئذ التصديقُ بالقلب (فأما الأعمالُ فهى تتزايدُ فى نفسها والإيمانُ) من حيثُ الأصلُ (لا يزيدُ ولا ينقُصُ) لأنهُ إن نقص صار صاحبُهُ كافرا أما من حيثُ الوصفُ فإنهُ يزيدُ بالطاعة وينقُصُ بالمعصية (والإيمانُ والإسلامُ) شىءٌ (واحدٌ) لا يكُونُ إيمانٌ بلا إسلام ولا إسلامٌ بلا إيمان (فإذا وُجد من العبد التصديقُ والإقرارُ صح لهُ أن يقُول أنا مُؤمنٌ حقا) لأنهُ تحقق فيه معنى الإيمان الذى هُو التصديقُ من غير اقتران ما يُنافيه (ولا ينبغى أن يقُول أنا مُؤمنٌ إن شاء اللهُ) لأنهُ يُوهمُ الشك فإن كان شاكا فهُو كافرٌ (والسعيدُ قد يشقى) عند الماتُريدية أتباع أبى حنيفة ومُرادُهُم أن الشخص قد تكُونُ حالتُهُ حسنة ثُم يُختمُ لهُ بالكُفر (والشقى) عندهُم (قد يسعدُ) أى أن الشقى الذى هُو مُتصفٌ بالكُفر قد يتحولُ حالُهُ إلى الإيمان بعد الكُفر فيمُوتُ على الإيمان (والتغيرُ يكُونُ على السعادة والشقاوة دُون الإسعاد والإشقاء وهُما من صفات الله تعالى) أى أن التغير يرجعُ إلى صفة العبد وليس إلى صفات الله الإسعاد والإشقاء أى إسعاد الله للعبد وإشقائه لهُ (ولا تغير على الله تعالى ولا على صفاته) لأن التغير هُو أقوى علامات الحُدُوث أى فى كون الشىء مخلُوقا فلا يجُوزُ على الله ولا على صفاته قال اللهُ تعالى ﴿ليس كمثله شىءٌ﴾.
(وفى إرسال الرسُل) أى الأنبياء (حكمةٌ) أى مصلحةٌ ضرُوريةٌ للعباد لحاجتهم لذلك ولو لم يُرسل اللهُ لهُم رُسُلا فعذب من شاء لم يكُن ظالما (وقد أرسل اللهُ تعالى رُسُلا من البشر إلى البشر مُبشرين) من اتبعهُم بالنعيم المُقيم (ومُنذرين) من ترك اتباعهُم بالعذاب الأليم (ومُبينين للناس ما يحتاجُون إليه من أُمُور الدنيا والدين) قال اللهُ تعالى ﴿كان الناسُ أُمة واحدة﴾ أى كانُوا كُلهُم على الإسلام فاختلفُوا ﴿فبعث اللهُ النبيين مُبشرين ومُنذرين﴾ (وأيدهُم بالمُعجزات الناقضات) أى الخارقات (للعادات) ولولا التأييدُ بالمُعجزة لما بان الصادقُ فى دعوى الرسالة عن الكاذب. والمُعجزةُ أمرٌ يظهرُ بخلاف العادة على يد من ادعى النبُوة عند تحدى المُنكرين على وجه يُعجزُهُم عن الإتيان بمثله (وأولُ الأنبياء ءادمُ عليه السلامُ) لقوله تعالى ﴿إن الله اصطفى ءادم ونُوحا وءال إبراهيم وءال عمران على العالمين﴾ ويشهدُ لنُبُوته حديثُ الترمذى ءادمُ فمن سواهُ من الأنبياء تحت لوائى يوم القيامة. خلقهُ اللهُ من غير أب وأُم وجعلهُ نبيا رسُولا وأرسلهُ إلى ذُريته وزوجته حواء ليُعلمهُم تنزيه الله ويأمُرهُم بعبادة الله وحدهُ وعدم الإشراك به شيئا فكان ءادمُ عليه السلامُ يُعلمُ ذُريتهُ الوُضُوء والصلاة وحُرمة أكل الدم ولحم الخنزير والميتة والذبيحة التى رُفع عليها غيرُ اسم الله (وءاخرُهُم) أى ءاخرُ الأنبياء (مُحمدٌ ﷺ) لقوله تعالى ﴿ولكن رسُول الله وخاتم النبيين﴾ وبين ءادم ومُحمد جم غفيرٌ من الأنبياء (وقد رُوى بيانُ عددهم فى بعض الأحاديث) منها ما أخرجهُ ابنُ حبان فى صحيحه من حديث أبى ذر أنهُم مائةُ ألف وأربعةٌ وعشرُون ألفا.
(وكُلهُم كانُوا مُخبرين مُبلغين عن الله تعالى صادقين ناصحين) أى أنهُم بلغُوا ما أُمرُوا بتبلغيه ولم يكتُمُوا شيئا من ذلك وأنهُم صادقُون فيما جاءُوا به وأنهُم ناصحُون فلا يكذبُون ولا يخُونُون فالأنبياءُ معصُمُون من الكُفر والكبائر والصغائر التى تدُل على خساسة النفس قبل النبُوة وبعدها (وأفضلُ الأنبياء مُحمدٌ عليه الصلاةُ والسلامُ) لقوله ﷺ فيما رواهُ الترمذى أنا سيدُ ولد ءادم يوم القيامة ولا فخرُ، أى لا أقُولُ ذلك افتخارا إنما تحدثا بنعمة الله وفى ذلك جوازُ وصفه بأنهُ سيدُ البشر.
(والملائكةُ عبادُ الله تعالى العاملُون بأمره) كما أخبر اللهُ تعالى فى القُرءان ﴿لا يعصُون الله ما أمرهُم ويفعلُون ما يُؤمرُون﴾ (ولا يُوصفُون بذُكُورة ولا أُنُوثة) أى ليسُوا ذُكُورا ولا إناثا لا يأكُلُون ولا يشربُون ولا يبُولُون ولا يتغوطُون ولا ينامُون ولا يتعبُون ولا يتناكحُون ولا يتوالدُون وهُم مُسلمُون مُكلفُون بالإيمان ويُصلون الصلوات الخمس ويذكُرُون الله كثيرا.
(ولله تعالى كُتُبٌ أنزلها على أنبيائه وبين فيها أمرهُ ونهيهُ ووعدهُ ووعيدهُ) أى يجبُ الإيمانُ بأن الله أنزل على بعض أنبيائه كُتُبا سماوية أشهرُها القُرءانُ والتوراةُ والإنجيلُ والزبُورُ. والزبُورُ لم يكُن فيه أحكامٌ وإنما هُو أمثالٌ يتعظ بها الناسُ ومواعظُ من ترغيب وترهيب ورقائقُ أى أشياءُ تُرققُ القُلُوب فكان داوُدُ عليه السلامُ يرجعُ إلى التوراة فى الأحكام وكُل الأنبياء الذين بين مُوسى وعيسى كانُوا على شرع التوراة.
(والمعراجُ لرسُول الله فى اليقظة بشخصه إلى السماء) أى عُرُوجُ الرسُول ﷺ إلى السمــٰوات السبع (ثُم إلى ما شاء اللهُ تعالى من العُلى حق) أى ثابتٌ بنص الأحاديث الصحيحة وأما رُؤيةُ النبى فى ليلة المعراج لربه فالجُمهُورُ يُثبتُهُ ومنهُم من يقُولُ إنهُ رءاهُ بعينى رأسه ﷺ ومنهُم من يقُولُ رءاهُ بفُؤاده ولم يرهُ بعينه وهذا القولُ هُو المُعتمدُ. وأما الإسراءُ فهُو ثابتٌ بنص القُرءان والحديث قال تعالى ﴿سُبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حولهُ لنُريهُ من ءاياتنا إنهُ هُو السميعُ البصيرُ﴾.
(وكراماتُ الأولياء حق) والولى هُو المُؤمنُ المُستقيمُ بطاعة الله والاستقامةُ هى لُزُومُ طاعة الله بأداء الواجبات واجتناب المُحرمات والإكثار من نوافل الطاعات والكرامةُ التى تظهرُ على يد الولى هى للدلالة على صدق اتباع صاحبها للنبى اتباعا تاما (فيُظهرُ) اللهُ (الكرامة على طريق نقض) أى خرق (العادة للولى من قطع المسافة البعيدة فى المُدة القليلة) كإتيان ءاصف بن برخيا صاحب سُليمان عليه السلامُ بعرش بلقيس قبل ارتداد طرفه مع بُعد المسافة (وظُهُور الطعام والشراب واللباس عند الحاجة) كما حصل لمريم (والمشى على الماء) كما حصل للصحابى الجليل العلاء بن الحضرمى (والطيران فى الهواء وكلام الجماد) كتسبيح السبحة فى يد أبى مُسلم الخولانى (و)كلام (العجماء) أى البهيمة كتكليم الكلب لأصحاب الكهف (وغير ذلك من الأشياء ويكُونُ ذلك) أى ظُهُورُ الكرامة (مُعجزة للرسُول الذى ظهرت هذه الكرامةُ لواحد من أُمته لأنهُ يظهرُ بها أنهُ ولى ولن يكُون وليا إلا أن يكُون مُحقا فى ديانته) أى إلا إذا ءامن برسُول زمانه والتزم بما أمر به وانتهى عما نهى عنهُ (وديانتُهُ الإقرارُ) باللسان والتصديقُ بالقلب (برسالة رسُوله) مع الطاعة لهُ فى أوامره ونواهيه.
(وأفضلُ البشر بعد نبينا) والأحسنُ أن يُقال بعد الأنبياء (أبُو بكر الصديقُ رضى اللهُ عنهُ ثُم عُمرُ الفارُوقُ ثُم عُثمانُ ذُو النورين ثُم على المُرتضى) أى أفضلُ هذه الأُمة بعد نبيها هؤُلاء الأربعةُ وأفضليةُ أبى بكر وعُمر موضعُ إجماع أما التفضيلُ بين على وعُثمان فقد اختلف فيه الأئمةُ فمنهُم من صرح بأفضلية عُثمان وهُمُ الجُمهُورُ ومنهُم من فضل عليا على عُثمان (وخلافتُهُم ثابتةٌ على هذا الترتيب أيضا) أى أن الخلافة بعد رسُول الله لأبى بكر ثُم لعُمر ثُم لعُثمان ثُم لعلى (و)مُدةُ (الخلافة) الراشدة بعد رسُول الله ﷺ (ثلاثُون سنة) تنتهى بانتهاء خلافة الحسن بن على (ثُم بعدها مُلكٌ وإمارةٌ) كما دل على ذلك ما رواهُ ابنُ حبان الخلافةُ بعدى ثلاثُون سنة ثُم تكُونُ مُلكا وفى بعض الروايات عند أبى داوُد وغيره مُلكا عضُوضا أى ظالما. وهذا لا ينفى تولى بعض الحُكام الأتقياء العادلين لكنهُم يكُونُون قلة بالنسبة للظلمة.
(والمُسلمُون لا بُد لهُم من إمام) أى يجبُ عليهم تنصيبُ إمام أى خليفة إن قدرُوا (ليقُوم بتنفيذ أحكامهم وإقامة حُدُودهم وسد ثُغُورهم) أى المواضع الضعيفة التى يُخافُ هُجُومُ العدو منها (وتجهيز جُيُوشهم وأخذ صدقاتهم) أى أخذ الزكاة منهُم وتوزيعها على مُستحقيها (وقهر المُتغلبة) أى الذين خرجُوا عن طاعته وتمردُوا عليه (والمُتلصصة) أى اللصُوص الذين لجؤُوا إلى السلاح (وقُطاع الطريق) على المُسلمين بإخافتهم أو أخذ أموالهم أو قتلهم (وإقامة الجُمُع والأعياد) أى إقامة صلاة الجُمُعة والعيد (وقطع المُنازعات الواقعة بين العباد) بتعيين قُضاة يحكُمُون بينهُم (وقبُول الشهادات القائمة على الحُقُوق وتزويج الصغار والصغائر الذين لا أولياء لهُم وقسمة الغنائم) وهى ما أُخذ من مال وغيره من كُفار أصليين حربيين بقتال (ونحو ذلك).
(ثُم ينبغى أن يكُون الإمامُ ظاهرا لا مُختفيا) حتى يُرجع إليه فيقُوم بالمصالح فلا ينبغى أن يكُون مُختفيا عن أعيُن الناس لأن ذلك يُنافى المقصُود من الإمامة (ولا) ينبغى أن يكُون (مُنتظرا) أى ليس من شأن الإمام أن يكُون مُنتظرا أى مُختفيا عن الناس يُنتظرُ خُرُوجُهُ عند تغير حال الزمان (و)يجبُ أن (يكُون من قُريش ولا يجُوزُ من غيرهم) ما دام فيهم من هُو صالحٌ للإمامة لحديث الأئمةُ من قُريش رواهُ النسائى والبيهقى. أما إذا فُقد فيهم من هُو صالحٌ لذلك فيجُوزُ أن يتولى الإمامة غيرُهُ (ولا يختص) الإمامُ (ببنى هاشم وأولاد على رضى اللهُ عنهُ ولا يُشترطُ فى الإمام أن يكُون معصُوما) أى ليس من شرط الخليفة أن يكُون معصُوما كما يجبُ ذلك للأنبياء (ولا) يُشترطُ (أن يكُون) الخليفةُ (أفضل أهل زمانه) ولا أتقاهُم ولا أعلمهُم (ويُشترطُ أن يكُون من أهل الولاية المُطلقة الكاملة) والمُرادُ بالولاية هُنا التصرفُ فى أُمُور الناس فيُشترطُ أن يكُون الخليفةُ مُسلما حُرا عدلا ذكرا عاقلا بالغا (سائسا) أى أن يكُون مُقتدرا على التصرف فى أُمُور المُسلمين بقُوة رأيه ومعُونة بأسه وشوكته (قادرا على تنفيذ الأحكام) أى أحكام الشرع (وحفظ حُدُود دار الإسلام وإنصاف المظلُوم من الظالم ولا ينعزلُ الإمامُ بالفسق والجور) أى لا ينعزلُ الإمامُ إذا فسق أو ظلم لأن النبى ﷺ قال إلا أن تروا كُفرا بواحا رواهُ البُخارى وأغلبُ الذين تولوا أُمُور المُسلمين لم يسلمُوا من خوارم العدالة ومع ذلك فجُمهُورُ المُسلمين أقروهُم على ولايتهم.
(وتجُوزُ الصلاةُ خلف كُل بر وفاجر) أى تصح القُدوةُ فى الصلاة بالعدل والفاسق لكن الاقتداء بالفاسق مكرُوهٌ أما البدعى الذى وصل إلى حد الكُفر كالقدرى فلا تصح الصلاةُ خلفهُ (ويُصلى على كُل بر وفاجر) أى إذا مات المُسلمُ الفاسقُ تجبُ الصلاةُ عليه كما تجبُ على المُسلم التقى (ويُكف عن ذكر الصحابة إلا بخير) أى لا يُتكلمُ فيهم من حيثُ الإجمالُ إلا بخير ومن تكلم فيهم بغير الخير فقد ضل. وليس مُرادُ المُؤلف أنهُ يحرُمُ ذكرُ أحد من أفراد الصحابة بغير الخير لأن الرسُول ﷺ قال للخطيب الذى قال فى خُطبته من يُطع الله ورسُولهُ فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى بئس الخطيبُ أنت قُل ومن يعص الله ورسُولهُ رواهُ مُسلمٌ وقال فى مُعاوية لا أشبع اللهُ بطنهُ رواهُ مُسلمٌ وأبُو داوُد.
(ونشهدُ بالجنة للعشرة المُبشرين الذين بشرهُمُ النبى ﷺ بالجنة) قال عليه الصلاةُ والسلامُ أبُو بكر فى الجنة عُمرُ فى الجنة عُثمانُ بنُ عفان فى الجنة على بنُ أبى طالب فى الجنة طلحةُ بنُ عُبيد الله فى الجنة الزبيرُ بنُ العوام فى الجنة سعدُ بنُ أبى وقاص فى الجنة أبُو عُبيدة بنُ الجراح فى الجنة عبدُ الرحمٰن بنُ عوف فى الجنة وسعيدُ بنُ زيد فى الجنة رواهُ الترمذى وأبُو داوُد (ونرى) جواز (المسح على الخُفين فى السفر والحضر) فإن حديث المسح على الخُفين مُتواترٌ فقد نقل ابنُ المُنذر عن الحسن البصرى أنهُ قال حدثنا سبعُون من أصحاب مُحمد أنهُ ﷺ مسح على الخُفين (ولا نُحرمُ نبيذ التمر) أى التمر الذى نُقع فى الماء إلى أن تنحل حلاوتُهُ فى الماء ليُشرب فإنهُ حلالٌ (ولا يبلُغُ ولى درجة الأنبياء أصلا) لقوله تعالى ﴿وكُلا فضلنا على العالمين﴾ أى أن أنبياء الله هُم أفضلُ الخلق قال القُرطُبى فالنبى أفضلُ من الولى وهُو أمرٌ مقطُوعٌ به عقلا ونقلا والصائرُ إلى خلافه كافرٌ لأنهُ أمرٌ معلُومٌ من الشرع بالضرُورة، وفى ذلك رد على من قال بتفضيل بعض الأئمة على الأنبياء وإنما استحق الولى الولاية باتباعه للنبى واقتدائه به (ولا يصلُ العبدُ) المُكلفُ (إلى حيثُ يسقُطُ عنهُ الأمرُ والنهىُ) أى لا يسقُطُ عنهُ التكليفُ مهما أكثر من الطاعات وجاهد نفسهُ وخالف هواهُ وانقطع للعبادة والذكر وإنما يسقُطُ عنهُ التكليفُ عند زوال عقله.
(والنصُوصُ من الكتاب والسنة تُحملُ على ظواهرها) أى أن النصُوص القُرءانية والحديثية تُحملُ على الظاهر ما لم يدُل دليلٌ عقلى أو سمعى على وُجُوب العُدُول عن ذلك فعندئذ تُحملُ على غير الظاهر للضرُورة كما لو خالف حديثُ الآحاد حديثا مُتواترا وقبل التأويل فإنهُ يُؤولُ ويُعملُ به وإلا فيُقطعُ بأنهُ غيرُ صحيح أما التأويلُ لغير سبب شرعى فهُو عبثٌ مردُودٌ (والعُدُولُ عنها) أى العُدُولُ عن ظواهر النصُوص (إلى معان يدعيها أهلُ الباطن إلحادٌ) وكُفرٌ (ورد النصُوص كُفرٌ) أى أن رد النص القُرءانى أو الحديثى مع اعتقاد أنهُ كلامُ الله أو أنهُ كلامُ رسُول الله كُفرٌ (واستحلالُ المعصية كُفرٌ والاستهانةُ بها كُفرٌ) أى أن الذى يجعلُ المعصية حلالا مع علمه بها أو يستهينُ بها أى يعتبرُها لا بأس بها فهُو كافرٌ (والاستهزاءُ بالشريعة) أو بحُكم من أحكامها (كُفرٌ واليأسُ من رحمة الله تعالى) أى اعتقادُ أن الله لا يغفرُ لأحد ذنبا (كُفرٌ و)كذا (الأمنُ من عذاب الله تعالى) أى اعتقادُ أن الله لا يُعاقبُ أحدا من المُسلمين بذنب كما تقُولُ المُرجئةُ فإنهُ (كُفرٌ وتصديقُ الكاهن بما يُخبرُهُ عن الغيب كُفرٌ) فمن اعتقد أن الكاهن يعلمُ الغيب أو شيئا من الغيب كفر والعياذُ بالله فلا يجُوزُ الإخبارُ عن المُستقبل اعتمادا على خبر الجن أو على النجُوم أو اعتمادا على النظر فى الكف أو فنجان البُن أو اعتمادا على الأبراج (والمعدُومُ ليس بشىء) لأن الشىء هُو الثابتُ الوُجُود لذلك يُقالُ اللهُ شىءٌ لا كالأشياء بمعنى الوصف بالوُجُود لا بمعنى الاسم.
(وفى دُعاء الأحياء للأموات وصدقتهم عنهُم نفعٌ لهُم) أى أن الأموات عند أهل السنة ينتفعُون بدُعاء الأحياء وصدقتهم لهُم (واللهُ تعالى يُجيبُ الدعوات ويقضى الحاجات) لقوله تعالى ﴿ادعُونى أستجب لكُم﴾ فمن كان دُعاؤُهُ بغير إثم ولا مانع شرعى لا بُد أن ينال مطلبهُ بدُعائه أو يُصرف عنهُ السوءُ أو يُدخر لهُ فى الآخرة فكُل ذلك استجابةٌ (وما أخبر به النبى ﷺ من أشراط الساعة) الكُبرى أى علامات القيامة (من خُرُوج الدجال) الذى شاهدهُ تميمٌ الدارى محبُوسا فى جزيرة وتحدث معهُ (و)خُرُوج (دابة الأرض ويأجُوج ومأجُوج ونُزُول عيسى عليه السلامُ من السماء وطُلُوع الشمس من مغربها فهُو حق) يجبُ الإيمانُ به. ومن أشراطها دُخانٌ ينتشرُ فى الأرض يكادُ الكافرُون يمُوتُون من شدة هذا الدخان ونارٌ تخرُجُ من قعر عدن تسُوقُ الناس إلى المغرب وثلاثةُ خُسُوف خسفٌ بالمشرق وخسفٌ بالمغرب وخسفٌ بجزيرة العرب
(والمُجتهدُ قد يُخطئُ وقد يُصيبُ) فإن اجتهد فأصاب فلهُ أجران وإن اجتهد فأخطأ فلهُ أجرٌ واحدٌ كما ورد فى الحديث الذى رواهُ البُخارى. ومن شُرُوط المُجتهد الإسلامُ والعدالةُ وحفظُ ءايات الأحكام وأحاديث الأحكام ومعرفةُ العربية الأصلية ومعرفةُ إجماع الفُقهاء واختلافهم مع قُوة القريحة. (ورُسُلُ البشر أفضلُ من رُسُل الملائكة ورُسُلُ الملائكة أفضلُ من عامة البشر وعامةُ البشر أفضلُ من عامة الملائكة) أى أن الأنبياء هُم أفضلُ خلق الله على الإطلاق ثُم يليهم خواص الملائكة ثُم أولياءُ البشر ثُم عامةُ الملائكة أى من غير خواصهم ثُم عامةُ المُؤمنين من إنس وجن (واللهُ أعلمُ).
واللهُ تعالى أعلمُ وأحكمُ، والحمدُ لله رب العالمين
لمُشاهدة الدرس: https://youtu.be/xxWEAGxFYqc?si=iuduVxzlGcZ0RCoI
للاستماع إلى الدرس: https://soundcloud.com/shaykh-gilles-sadek/nasafiyyah_2
الموقعُ الرسمي للشيخ جيل صادق: https://shaykhgillessadek.com