1 – رد مزاعم الملاحدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شهوانيًّا
ليعلم أن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكن متعلق القلب بالنساء، والدليل على ذلك أنه كان معروفًا بين أهل مكة بالأمين إلى أن بلغ من العمر أربعين سنة وقد كان أوتي من الجمال ما لم يساوه فيه أحد فلو كان كما يفتري عليه الملحدون ولوعًا بالنساء لظهرت منه رذيلة بل رذائل كثيرة ولكان أهل بلده طعنوا فيه بذلك حين أعلن دعوته ودعاهم إلى عبادة الله وحده وترك ما كانوا يعبدونه من الأوثان، وكانوا اكتفَوا بالتشنيع عليه بذلك عن غيره من أساليب الإيذاء له ولمن ءامن به. ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن صار عمره خمسة وعشرين عامًا ثم ماتت زوجته حين بلغ من العمر خمسين سنة ثم تزوج امرأةً أخرى ثم عدّد لا لإشباع الشهوة بل لحِكَمٍ تعود إلى مصالح دعوته فخصّه الله تعالى دون أمته بأن أباح له أن يجمع بين أكثر من أربع من الزوجات [(1245)]، ومن جملة تلك الحكم أن تنتشر شريعته بطريق النساء إلى النساء.
قلنا لو كان كما يقولون كان عدَّد الزواج قبل أن يبلغ عمره خمسين سنة كما هو شأن المنهمكين في شهوة النساء.
ومن الدليل على أنه لم يكن متعلق القلب بالنساء ما رواه مسلم [(1246)] عن عائشة أنها قالت «ما كانت تمر ليلتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خرج إلى البقيع أي جبانة المدينة يدعو لأهل الجبانة» هذا مع ما اجتمع في عائشة من حداثة السن والجمال. فبهذا ظهر ووضح أنه صلى الله عليه وسلم لو كان متعلق القلب بالنساء لكان غلب عليه ذلك التعلق فعدد الزواج بالكثير من النساء قبل بلوغ خمسين عامًا من عمره.
ـ[1245] انظر تفسير البيضاوي أنوار التنزيل (4/ 189).
ـ[1246] انظر تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي (ص/14)، المختصر الكبير في سيرة الرسول لعز الدين بن جماعة (ص/22).