قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَفَوْقَهُ.
الشَّرْحُ الْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ شَىْءٍ تَحْتَ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾ [سُورَةَ الأَنْعَام/18] وَهَذَا مَعْنَى الْعُلُوِّ الَّذِى وَصَفَ اللَّهُ نَفْسَهُ بِهِ بِقَوْلِهِ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ [سُورَةَ الأَعْلَى/1] وَبِقَوْلِهِ ﴿وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/255] لِأَنَّ عُلُوَّ الْجِهَةِ مُسْتَحِيلٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ وَكَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ فِى حَقِّهِ وَهُوَ الْقَدِيمُ الْمُتَعَالِى عَنِ التَّنَاهِى وَالْحُدُوثِ فَالْعَالَمُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مَكَانٍ.
وَأَمَّا دَعْوَى بَعْضِ الْجُهَّالِ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ حَيْثُ لا مَكَانَ فَهَذِهِ دَعْوَى بِلا دَلِيلٍ لِأَنَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مَكَانٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِى كِتَابٍ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى» فَلا يَمْتَنِعُ شَرْعًا وَلا عَقْلًا أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْعَرْشِ مَكَانٌ فَلَوْلا أَنَّ فَوْقَ الْعَرْشِ مَكَانًا لَمْ يَقُلِ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ الْكِتَابِ «فَهُوَ مَوْضُوعٌ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» وَالْمَقْصُودُ بِعِنْدَ هُنَا عِنْدِيَّةُ التَّشْرِيفِ كَمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ ءَاسْيَةَ ﴿رَبِّ ابْنِ لِى عِنْدَكَ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ﴾ [سُورَةَ التَّحْرِيم/11].