الأحد ديسمبر 22, 2024

   قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَهْدِى مَنْ يَشَاءُ وَيَعْصِمُ وَيُعَافِى فَضْلًا وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَخْذُلُ وَيَبْتَلِى عَدْلًا.

   الشَّرْحُ أَىْ أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الِاهْتِدَاءَ فِيمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ هُوَ هَدَاهُمْ فَضْلًا مِنْهُ وَكَرَمًا فَلَوْ لَمْ يَخْلُقْ فِيهِمُ الِاهْتِدَاءَ لَمْ يَكُنْ هُوَ ظَالِمًا لِأَنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ شَىْءٌ فَلا حَاكِمَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ ءَامِرٌ وَلا نَاهٍ، لَمْ يَخْلُقْ سُبْحَانَهُ فِى الْكُفَّارِ الِاهْتِدَاءَ خَذَلَهُمْ عَدْلًا مِنْهُ أَىْ لَيْسَ ظُلْمًا مِنْهُ لِأَنَّ الظُّلْمَ لا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لا يَتَصَرَّفُ إِلَّا فِيمَا هُوَ مِلْكٌ لَهُ حَقِيقَةً لَيْسَ مِلْكُهُ مَجَازِيًا عَقْلًا كَمِلْكِنَا وَأَمَّا مِلْكُنَا فَهُوَ مِلْكٌ مَجَازِىٌّ عَقْلًا لِأَنَّ الْعِبَادَ وَمَا يَمْلِكُونَ كُلٌّ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى لا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَا تَمْلِكُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِ كُلٍّ مِلْكًا لِلَّهِ تَعَالَى، أَنْتَ خَلَقَكَ وَأَحْدَثَكَ مِنَ الْعَدَمِ وَكَذَلِكَ مَا تَمْلِكُهُ هُوَ خَلَقَهُ وَأَحْدَثَهُ مِنَ الْعَدَمِ، لَهُ سُبْحَانَهُ الْحَاكِمِيَّةُ عَلَى الْعِبَادِ فَمَا مَنَعَهُمْ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْتَهُوا عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا تَوَجَّهَ اللَّوْمُ عَلَيْهِمْ وَاسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ وَالْعَذَابَ.