الأربعاء ديسمبر 4, 2024

اعْلَمْ أَنَّ تَحْذِيرَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يَضُرُّهُمْ فِى دِينِهِمْ أَوْ دُنْيَاهُمْ فَرْضٌ مُؤَكَّدٌ كَتَحْذِيرِ مَنْ يَمُرُّ بِطَرِيقٍ فِيهِ قُطَّاعُ طَرِيقٍ يَقْتُلُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَهُمْ أَوِ التَّحْذِيرِ مِمَّنْ يُفْتِى النَّاسَ بِخِلافِ شَرِيعَةِ اللَّهِ أَوْ يُعَلِّمُ النَّاسَ عَقِيدَةً تُخَالِفُ عَقِيدَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَمَّا مَنْ يَسْكُتُ عَنِ هَؤُلاءِ وَلَمْ يُحَذِّرْ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ ذَنْبٌ كَبِيرٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَىْ لَيْسَ عَلَى نَهْجِنَا الْكَامِلِ لَيْسَ عَلَى طَرِيقَتِنَا. وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ مَعْنَاهُ أَمْرُ الْغَيْرِ بِأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ أَمَّا النَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ فَمَعْنَاهُ نَهْيُهُ عَنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَحْرُمُ السُّكُوتُ عَنِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَعَنِ النَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِلا عُذْرٍ شَرْعِىٍّ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْ. وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ لا يُقَرِّبُ أَجَلًا وَلا يَقْطَعُ رِزْقًا فَيَنْبَغِى لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُنْكِرَ الْمُنْكَرَ الْكُفْرَ وَمَا دُونَ الْكُفْرِ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ مُعْتَمِدًا وَمُتَوَكِّلًا عَلَى اللَّهِ فَالإِنْسَانُ لا يَمُوتُ إِلَّا بِأَجَلِهِ وَلا يَأْتِى الإِنْسَانَ رِزْقٌ إِلَّا الَّذِى كَتَبَ اللَّهُ لَهُ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَمَرَنَا بِالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَدَعَانَا إِلَى إِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَإِحْقَاقِ الْحَقِّ وَعَدَمِ السُّكُوتِ عَنْ كُلِّ مَا هُوَ مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنِ الْبَاطِلِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَى الإِنْكَارِ مَفْسَدَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ ءَالِ عِمْرَانَ ﴿وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ وَقَالَ أَبُو عَلِىٍّ الدَّقَاق السَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَس. فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نُحَذِّرَ مِمَّنْ يَدْعُو إِلَى الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ فَمَنْ لَمْ يُحَذِّرْ فَهُوَ عَاصٍ يَسْتَحِقُّ عَذَابَ اللَّهِ. الَّذِى لا يُزِيلُ الْمُنْكَرَ مَعَ الْقُدْرَةِ يَسْتَحِقُّ الْعَذَابَ لِذَلِكَ عَلَيْنَا أَنْ نُحَذِّرَ النَّاسَ مِنْ دُعَاةِ الْكُفْرِ لِأَنَّ مُكَافَحَةَ الضَّلالِ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَى أَنْ يَحْصُلَ الْقَدْرُ الَّذِى هُوَ فَرْضٌ. وَتَعْلِيمُ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الَّتِى يُعْرَفُ بِهَا الْكُفْرُ مِنَ الإِيمَانِ جِهَادٌ يُكَافَحُ بِهِ كُفْرُ الْمُجَسِّمَةِ وَالْمُشَبِّهَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الضَّالِّينَ فَالَّذِى يَتَقَاعَسُ الْيَوْمَ عَنْ نَشْرِ عِلْمِ أَهْلِ السُّنَّةِ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ ذَنْبُهُ كَبِيرٌ. جِهَادُ هَؤُلاءِ بِالْبَيَانِ هُوَ مِنْ أَفْرَضِ الْفُرُوضِ فَمَنْ تَكَاسَلَ عَنْ هَذَا فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَذَابَ اللَّهِ. فَمِنْ أَوْكَدِ الْوَاجِبَاتِ الدِّفَاعُ عَنْ دِينِ اللَّهِ بِالرَّدِّ عَلَى هَؤُلاءِ الضَّالِّينَ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُمْ. وَالَّذِى يَقُومُ بِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ الِاعْتِقَادِىِّ وَالْعَمَلِىِّ فِى هَذَا الزَّمَنِ أَجْرُهُ كَأَجْرِ خَمْسِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالنِّسْبَةِ لِإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهَا بِمِثْلِ الَّذِى أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ قَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىّ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ قَالَ بَلْ مِنْكُمْ. هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِثَوَابِ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ لِأَنَّ إِنْكَارَ الْمُنْكَرِ فِى هَذَا الزَّمَنِ أَصْعَبُ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ فِى ذَلِكَ الزَّمَنِ كَانَ الأَخُ يُسَاعِدُ أَخَاهُ أَمَّا الْيَوْمَ الأَخُ يُحَارِبُ أَخَاهُ مِنْ أَجْلِ إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَالْعَائِلَةُ قَدْ تُحَارِبُكَ لِأَجْلِ إِنْكَارِ مُنْكَرٍ. فَلا يَجُوزُ السُّكُوتُ عَمَّنْ يَنْتَهِكُ حُدُودَ الشَّرِيعَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الإِنْكَارِ وَخَاصَّةً فِى هَذَا الزَّمَنِ الَّذِى كَثُرَ فِيهِ الْمُفْسِدُونَ كَالْوَهَّابِيَّةِ وَحِزْبِ الإِخْوَانِ وَحِزْبِ التَّحْرِيرِ الَّذِينَ يُحَرِّفُونَ الدِّينَ فَهَؤُلاءِ يَجِبُ الْحَذَرُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهُمْ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِىُّ أَنَّ حُذَيْفَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلَ الرَّسُولَ ﷺ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قَالَ حُذَيْفَةُ بنُ الْيَمَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا. فَهَؤُلاءِ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنَ الْكُفَّارِ الْمُعْلِنِينَ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُمْ سَرِيعٌ فَهُمْ يَدَّعُونَ الإِسْلامَ وَيَقْرَؤُونَ الْقُرْءَانَ وَيُورِدُونَ ءَايَاتٍ مِنْهُ أَمَّا الْكَافِرُ الْمُعْلِنُ الَّذِى لا يَنْتَسِبُ إِلَى الإِسْلامِ إِذَا تَحَدَّثَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْلِمُونَ لا يَأْخُذُونَ كَلامَهُ فِى أَمْرِ الدِّينِ. وَقَدْ جَاءَ فِى الْحَدِيثِ إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا (أَىْ مُحَارَبًا يُحَارِبُهُ الْجُهَّالُ فِى الدِّينِ) وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ (أَىْ خَيْرٌ عَظِيمٌ لِلْغُرَبَاءِ) قِيلَ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مِنْ سُنَّتِى مَا أَفْسَدَ النَّاسُ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبَيْهَقِىُّ. وَفِى هَذَا الْحَدِيثِ بِشَارَةٌ لِمَنْ يَتَمَسَّكُ فِى هَذَا الزَّمَنِ الَّذِى فَسَدَتِ فِيهِ الأُمَّةُ بِسُنَّةِ الرَّسُولِ أَىْ شَرِيعَتِهِ وَهِىَ الْعَقِيدَةُ وَالأَحْكَامُ بِتَعَلُّمِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا وَنَشْرِهَا بِإِخْلاصٍ وَصِدْقٍ.