الرَّدُّ:
ألا يكفي ما ورد في النصوص الشرعية عن حكم تارك الصلاة وهي واضحة لا لبس فيها فلماذا التنطع والمزايدة على النصوص والإتيان بمثل هذا الكلام من القصص الإسرائيليات أو بعض الكتب المليئة بالخرافات.
كيف تنقل يا عمرو خالد كلامًا يخالف الشرع كمثل هذا الكلام الذي ليس له مستند ولا دليل، لا تكن كحاطب ليل حيث يحمل مع الحطب عقربًا أو حية من حيث لا يشعر.
الرَّدُّ:
هذا الكلام هو عكس الحقيقة تمامًا، يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله: «لا تصح العبادة إلا بعد معرفة المعبود» فمن تصدق الغزالي أم عمرو خالد، واعلم أن معرفة الله تعالى لا تكون من خلال الصلاة؛ بل الصلاة لا تصح إلا بعد معرفة الله كما ورد في الكتاب والسُّنَّة وما أجمع عليه أهل الحق في اتباع العقيدة الحقة فمعرفة الله وصفاته وأن الله واحد لا شريك ولا شبيه له لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان وأنه الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية وسائر الكلام عن الذات والصفات والقدر وغير ذلك مما تجب معرفته على كل مكلف كل هذا لا يتحصل من الصلاة فالصلاة فرع ومعرفة الله أصل وكيف يتحصل أصل من فرع فالعبادات فروع والعقائد أصول ولذلك قال الشافعي: «أحكمنا هذا قبل ذاك»، أي: أحكمنا علم أصول العقيدة قبل علم الفروع.
ثم ألم تعلم يا عمرو أن الأنبياء لم يدعوا الكفار ابتداءً إلى الصلاة؛ بل دعوهم إلى الإيمان إلى معرفة الله وأقاموا لهم البراهين والحجج القاطعة من طريق المعجزات وأدلة العقل ولم يقولوا لهم صلوا لتعرفوا الله تعالى ثم لو قاموا بصورة الصلاة قبل أن يعرفوا الله لما صحت منهم ولَمَا عرفوا الله كحال كثير ممن يدَّعون الإسلام ويحافظون على صورة الصلاة وهم يعتقدون بالله العقائد القبيحة كاعتقاد أنه جسم قاعد فوق العرش أو منفصل عنه في جهة فوق أو تحت أو اعتقاد أن الله حال في الأجساد أو في كل مكان.
ومعنى قولك: «فإذا كنت لا تصلي»، فمعنى: ذلك «أنك لم تعرف ربك» أن الإنسان لا يعرف الله إلا إذا صلى وأنه لا يكون مؤمنًا حتى يصلي، ويكفي لرد هذه الفرية على الدين ما رواه البخاري وغيره عن الرجل الذي كان مشركًا ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل المعركة أُسلِمُ أم أقاتِلُ فقال: «أسلم ثم قاتل» فأسلم فقاتل فقتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمل قليلًا وأُجر كثيرًا».اهـ. فهذا الرجل لم يصل ركعة واحدة فهل يزعم عمرو خالد أنه لم يعرف الله وأنه كان كافرًا، نعم تارك الصلاة كسلًا مرتكب لذنب من كبائر الذنوب بلا شك.
الرَّدُّ:
في هذا الكلام عدة أخطاء:
الخطأ الأول: في زعمه أن مجرد الأمر بالصلاة ليس معناه تحسينها وإتمامها، كيف وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولم يقل أقيموا الصلاة كما رأيتموني أقيم الصلاة فهل يزعم أن الرسول لم يرد منا بذلك إتمامها والإتيان بها على وجهها، أَوَليس الرسول يرشدنا إلى الأحسن.
الخطأ الثاني: قوله: «فمعنى أقيموا أي أتموا وأحسنوا» من أين أتيت بهذا الكلام أم أنك (فتح على حسابك)؟! قال شارح «القاموس» الحافظ محمد مرتضى الزبيدي في «تاج العروس» الذي يعتبر أضخم المعاجم العربية قال في مادة: (ق و م): «وأقام الشيء إقامة: أدامه ومنه قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} [سورة البقرة: 43]». وأما ادعاء عمرو في قوله (وفي اللغة العربية أقام البيت، أي: حسنه وأتمه وجمَّله) فإن هذا الكلام لا أصل له في معاجم العرب كما رأيت وإن كان له أصل فليتحفنا به حتى نتراجع.
الخطأ الثالث: قوله: «(صلى)، بمعنى: الأداء فقط إلا في موضع واحد وهو موضع ذم في سورة الماعون: {فَوَيْلٌ لِلْمُصلِّين (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُون} [سورة الماعون: 4، 5]، فلم يقل سبحانه فويل للمقيمي الصلاة».
هذا الكلام يدل على قلة اطلاعه على القرءان الكريم فالله تعالى قال: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [سورة المعارج: 19 ـ 23]، ثم امتدحهم في أكثر من عشر ءايات ثم قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [سورة المعارج: 34]، فهنا جاء في القرءان استعمال فعل الصلاة من غير «أقيموا» للمدح البليغ تمامًا على عكس ما ابتدعه عمرو خالد وزعمه فهل نأخذ بقول عمرو خالد أم بقول الله تعالى، لا شك أننا نأخذ بما جاء في القرءان ونضرب بكل ما خالفه عرض الحائط.
أوّلًا: إذا كان ترك الصلاة من أعمال الكفر كما زعم فتاركها كافر؛ لأن ارتكاب أي عمل من أعمال الكفر بإرادة من إكراه كفر سواء كان فعليًّا أو اعتقاديًّا أو لفظيًّا. وقد ذكر العلماء كالنووي والبلقيني وابن عبادين والبهوتي ومحمد عليش وغيرهم من أهل المذاهب الأربعة أمثلة كثيرة لذلك فقالوا: إنّ الكفر الاعتقادي كاعتقاد أن الله غير قادر أو غير عالم أو أنه يشبه المخلوقات أي باعتقاد أنه جسم أو له لون أو حجم أو له لون أو حجم أو هيئة والكفر الفعلي كرمي المصحف في الزبالة وكالسجود للصنم أو للنار والكفر القولي كشتم الله أو النبي أو الإسلام فمن فعل أيّ عمل من أعمال الكفر المذكورة يكفر من غير شرط أن يجتمع معه نوع ءاخر، فقول عمرو خالد بعدم تكفير من يعمل عمل كفر بعيد عن الصواب كل البعد.
نعم تارك الصلاة كسلًا لم يرتكب فعل كفر ولذلك لا يكفر ويدل على ذلك حديث النَّسائي حيث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد من جاء بهن لم يضيّع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة» وروى أحمد نحوه.
وأما قول عمرو فاحذروا أيها الأخوة أن تكفروا أحدًا فناقص فاسد وإنما كان عليه أن يقول احذروا أن تكفروا أحدًا بغير حق ولو قال ذلك لوافقناه وقلنا جاء بعين الحق.
أما قوله: «لا تكفروا أحدًا» فهذا تعطيل للشرع فالفرض على كل مسلم أن يعتقد كفر الكافرين المرتدين والملحدين والمشركين والذين حاربوا الأنبياء وجاءوا على خلاف ما قاله الأنبياء كعبدة الأوثان والشيطان والأشخاص والشمس والقمر والنجوم وغيرهم، وكذلك إذا سمع أي إنسان يسب الله أو الأنبياء أو يفتي بفتاوى تكذب الشريعة والدين فإنّ عليه أن يعتقد كفره ولو اعتقد أنه بعد كل الذي حصل منه أنه على الإسلام كفر هو فكيف يقول عمرو خالد احذروا أن تكفروا أحدًا.
نعم ليس شرطًا أن يعلن المسلم بلسانه في كل حال أن فلانًا كافر وفلانًا وفلانًا حتى يَسْلَم بل الواجب اعتقاد كفر الكافر وإيمان المؤمن.