الرَّدُّ:
أما قولك يا عمرو إنه لا رحمة للعالمين إلا بالأخلاق فهو قولٌ باطلٌ يؤدّي إلى تكذيب النصوص الشرعية الصريحة في تفضيل المؤمن على الكافر ولو كان هذا المؤمن سيّئ الخلُق، فالكافر ولو كان حسَنَ الخلْق فهو شرُّ ما يمشي على وجْه الأرض؛ لأنه ترك أعظم حقوق الله عليه وهو عبادة الله وحده وتنزيهه عن مشابهة خلقه قال الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [سورة الأنفال: 55]، فبيّن الله لنا أن شرّ ما يمشي على وجه الأرض هم الكفار ولم يستثن منهم من كان حسَنَ الخلْق. فهنا نريد أن نسأل لو أن شخصًا ملحدًا وكان ذا أخلاق حسنة معاملته مع الناس حسنة ولا يؤذي أحدًا على الإطلاق بغير حق لا يكذب لا يغتاب لا يسرق… فهل تعتبر هذا الشخص مرحومًا في الآخرة ويدخل الجنّة بسبب أخلاقه مع فقدانه للإيمان ورسول الله يقول: «لا يَدْخلُ الجنَّة إلا نفسٌ مؤمنة».
وهنالك سؤال ءاخر لو أن هنالك شخصًا مسلمًا كان ذا أخلاق حسنة جدًّا لا يكذب لا يغتاب لا يسرق لا يعتدي على حرمات الناس؛ بل يساعدهم ويعاونهم ويتبرع لهم من ماله ووقته وجهده فماذا تقول يا عمرو لو قال الصلاة سقطت عني وكذلك سائر الفرائض بسبب أنني صرت حسن الأخلاق؛ لأنك قلت: (لأن كل العبادات هدفها الأسمى هو ضبط الأخلاق)، فإن قلت: نعم سقطت الصلاة والفرائض عنك نقول لك لقد أتيت بهتانًا عظيمًا ما سبقك به أحد من العالمين فالله تعالى قال عن نبيّه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ} [سورة القلم: 4]، ومع ذلك لم تسقط الصلاة عنه رغم الأخلاق الحسنة.
وكيف تجرؤ يا عمرو على جعل حسن الخلق أفضل من الصلاة والصيام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «واعلموا أنّ خير أعمالِكُم الصلاة»، وكان أوّل ما يعلمه لمن دخل في الإسلام هو الصلاة.
فما معنى كلامك إذن؛ بل كيف تزعم ما زعمتَ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس شهادة أن لا إلـٰه إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا»، فجعل العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج مقدمة وجعلها أعظم أمور الإسلام على خلاف نهجك وطريقتك فماذا تقول، وكيف تجرؤ بعد هذا على أن تقول في (ص11) من نفس الكتاب «هل وافقتني الآن على أنّ الأخلاق أهم العبادات»؛ بل أهم العبادات هي التي قال عنها رسول الله إنها الأهم وقد عَدَّ رسول الله الأهم على خلاف ما قلت يا عمرو والعبرة بقوله u لا بقولك، لقد سبقك بعض المتحذلقين فقالوا الحكمة الوحيدة من الصيام هو تذكير الأغنياء بالفقراء فقيل لهم: إذا كانت هذه الحكمة فلِمَ يصوم الفقراء إذًا؟
فسكتوا…
وبعضٌ قالوا: الحكمة من الصلاة الحركة الرياضية فقل لهم فلماذا يصلي الرياضيون إذًا؟
فسكتوا…
وبعضٌ قالوا: الحكمة من تحريم لحم الخنزير أن فيها جراثيم مضرة فقيل لهم لو اكتشفت أدوية تقتل هذه الجراثيم فهل يحل أكل لحم الخنزير؟
فسكتوا…
فإذا قيل لك يا عمرو من ضَمِنَ النتائج وهي الأخلاق فهل تسقط عنه المقدمات وهي الفرائض فما هو الجواب؟…
ثم ماذا تقصد بقولك: وإلا فإن العبادات تمارين رياضية.
هل تعني أنها لا تصح أو أنها تصح بلا ثواب أو ماذا؟!
يا من تقول أنا لا أفتي ما هو دليلك من الشرع على صحة ما تقول بل ما تقوله إفتاء وإفتاء بغير علم ولا دليل فاتق الله.
الرَّدُّ:
أعوذ بالله من هذا الكلام ومن هذا الافتراء!! أين الدليل يا رجل؟! ألا تتقي الله بنفسك وبالناس كيف تتجرأ وتقول لا قيمة للعبادات إلا بأثر أخلاقيّ؟! ألا تفهم ما معنى كلمة (لا قيمة)؟؟…
فالمسلم إن صلى أو صام أو حج وأتى بالشروط والأركان والواجبات وأخلص عمله لله فهذا العمل الله يقبله ويعطيه الثواب عليه أما خُلُقُهُ فإنّه إن ساء إلى درجة أنه ظلم الناس أو شتمهم بغير حق مثلًا فهو ءاثم عندئذٍ بهذا أما أن يقال لا قيمة لصلاته وأنها مجرد تمارين رياضية فهذا هراء وغير مقبول ألم تسمع يا رجل قول الله تبارك وتعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(٧) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [سورة الزلزلة: 7، 8]، فجعل الله تعالى قيمة يوم القيامة لمثقال ذرة من خير ولو عمل المسلم بجانبها شرًّا أما أنت فألغيت قيمة الصلاة والصيام والحج والزكاة إن لم يكن لها أثر أخلاقيّ فبكلام من نأخذ يا ابن خالد بكلامك أم بكلام الله تعالى، أعتقد أن الجواب واضح.