وِلادَةُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ
وَنَفَخَ جِبْرِيلُ فِى جَيْبِ دِرْعِ مَرْيَمَ فَدَخَلَ الرُّوحُ مِنْ فَمِهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ثُمَّ تَنَحَّتْ بِحَمْلِهَا بَعِيدًا خَوْفَ أَنْ يُعَيِّرَهَا النَّاسُ بِوِلادَتِهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ.
ثُمَّ أَلْجَأَهَا وَجَعُ الْوِلادَةِ إِلَى سَاقِ نَخْلَةٍ يَابِسَةٍ وَتَمَنَّتِ الْمَوْتَ اسْتِحْيَاءً مِنَ النَّاسِ فَنَادَاهَا جِبْرِيلُ يُطَمْئِنُهَا وَيُخْبِرُهَا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ تَحْتَهَا نَهْرًا صَغِيرًا وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ تَهُزَّ جِذْعَ النَّخْلَةِ لِيَتَسَاقَطَ عَلَيْهَا الرُّطَبُ الْجَنِىُّ وَأَنْ تَأْكُلَ وَتَشْرَبَ مِمَّا رَزَقَهَا اللَّهُ وَأَنْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَأَنْ تَقُولَ لِمَنْ رَءَاهَا وَسَأَلَهَا عَنْ حَمْلِهَا إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمٰنِ أَنْ لا أُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ.
وَبَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلامُ ابْنَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ حَمَلَتْهُ إِلَى قَوْمِهَا وَحِينَ كَلَّمُوهَا فِى شَأْنِهِ أَشَارَتْ إِلَيْهِ أَىْ كَلِّمُوهُ هُوَ فَأَنْطَقَ اللَّهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَكَانَ عُمُرُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَالَ ﴿إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [سُورَةَ مَرْيَم].
أَنْطَقَهُ اللَّهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمَعْدُودَةِ وَالْحِكْمَةُ فِى ذَلِكَ أَنْ يُخَفَّفَ الأَذَى الَّذِى كَانَ لَحِقَ مَرْيَمَ وَزَكَرِيَّا وَأَهْلَهُ لِأَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ تَحْتَ رِعَايَتِةِ. فَلَمَّا حَمَلَتْ اتَّهَمُوهَا وَأَسَاءُوا الظَّنَّ بِزَكَرِيَّا أَيْضًا.
وَهُنَاكَ حِكَمٌ أُخْرَى مِنْ جُمْلَتِهَا أَنَّ هَذَا يَكُونُ تَأْسِيسًا لِمُسْتَقْبَلِ أَمْرِ عِيسَى لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ عِيسَى فِى الْمُسْتَقْبَلِ أَىْ بَعْدَ أَنْ يَقْضِىَ سِنَّ الطُّفُولَةِ يُوحَى إِلَيْهِ فَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى الإِيـمَانِ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الأَحَدِ الَّذِى لا شَرِيكَ لَهُ وَإِلَى الإِيـمَانِ بِأَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ.
الأَسْئِلَةُ:
(1) كَيْفَ دَخَلَ الرُّوحُ إِلَى جَوْفِ مَرْيَمَ وَبِمَنْ حَمَلَتْ.
(2) لِمَاذَا تَنَحَّتْ بِحَمْلِهَا بَعِيدًا عَنِ النَّاسِ.
(3) مَاذَا طَلَبَ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ مِنْ مَرْيَمَ لَمَّا كَانَتْ تَحْتَ النَّخْلَةِ.
(4) كَمْ كَانَ عُمُرُ سَيِّدِنَا عِيسَى لَمَّا أَنْطَقَهُ اللَّهُ فِى الْمَهْدِ، مَاذَا قَالَ.
(5) مَا الْحِكْمَةُ مِنْ إِنْطَاقِ سَيِّدِنَا عِيسَى فِى الْمَهْدِ، هَلْ هُنَاكَ حِكَمٌ أُخْرَى.