قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَهُوَ تَفْسِيرُ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ نَقُولُ لا حِيلَةَ لِأَحَدٍ وَلا حَرَكَةَ لِأَحَدٍ وَلا تَحَوُّلَ لِأَحَدٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ.
الشَّرْحُ قَوْلُهُ إِلَّا بِمَعُونَةِ اللَّهِ أَىْ إِلَّا بِعِصْمَتِهِ هُنَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَعُونَةِ أَمَّا فِى التَّفْسِيرِ الَّذِى رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَفْظُهُ «إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ» وَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُفْتَقِرًا إِلَى اللَّهِ فِى الْعِصْمَةِ عَنِ الْمَعَاصِى وَالتَّوْفِيقِ لِلطَّاعَاتِ فَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى اللَّهِ فِى الأَمْرَيْنِ فِى التَّحَفُّظِ عَنِ الْمَعَاصِى وَالْقُدْرَةِ وَالتَّمَكُّنِ عَلَى الطَّاعَاتِ فَلِذَلِكَ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ فِى الْخَبَرِ الصَّحِيحِ هَذِهِ الْكَلِمَةَ كَنْزًا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ لِأَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ «أَلا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ» قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَاجْتَمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى كَوْنِهَا مِنْ أُصُولِ الْعَقَائِدِ وَهِىَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [سُورَةَ التَّكْوِير/29] وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَ لا تَكُونُ لَهُمْ مَشِيئَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَنْ يَشَاءُوا فَمَا شَاءَ اللَّهُ فِى الأَزَلِ أَنْ يَشَاءَ الْعِبَادُ تَحْصُلُ مَشِيئَتُهُمْ وَإِلَّا فَلا تَحْصُلُ مَشِيئَتُهُمْ.