الخميس نوفمبر 21, 2024

قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَنَا عَلَى الإِيْمَانِ وَيَخْتِمَ لَنَا بِهِ وَيعْصِمَنَا مِنَ الأَهْوَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ وَالآرَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ وَالْمَذَاهِبِ الرَّدِيَّةِ مِثْلِ الْمُشَبِّهَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَالْجَبْرِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ خَالَفُوا السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ وَحَالَفُوا الضَّلالَةَ.

   الشَّرْحُ: إِنَّمَا سَأَلَ الْمُؤَلِّفُ الثَّبَاتَ عَلَى الدِّينِ لأِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ، قَالَ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ يُوسُفَ: ﴿رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [سُورَةَ يُوسُف/101]. وَالأَهْوَاءُ جَمْعُ هَوًى وَهُوَ الأَمْرُ الْبَاطِلُ الَّذِي تَمِيلُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ، وَقَدْ يُطْلَقُ الْهَوَى بِمَعْنَى الْحُبِّ، لَكِنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ هُنَا.

   وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْمُشَبِّهَةَ وَالْجَهْمِيَّةَ وَالْقَدَرِيَّةَ تَأْكِيدًا لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا لأِنَّ التَّحْذِيرَ مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ. ثُمَّ الْمُشَبِّهَةُ قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهَا، أَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَهِيَ طَائِفَةٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَى جَهْمِ بنِ صَفْوَانَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ مَعَ كُلِّ شَىْءٍ وَعَلَى كُلِّ شَىْءٍ، وَهُوَ يَقُولُ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ الْحَرَّانِيُّ فِي الْقَوْلِ بِفَنَاءِ النَّارِ، وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: «وَحَالَفُوا الضَّلالَةَ» أَيْ لَزِمُوا.