{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ… *} [سورة الإسراء]
انظر إلى «الدكتور» في كتابه المسمى «غير المسلمين في المجتمع الإسلامي» كيف يحرف معنى هذه الآية ويقول ما نصه: «اعتقاد كل مسلم بكرامة الإنسان أيًّا كان دينه أو جنسه أو لونه قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ… *} [سورة الإسراء] وهذه الكرامة المقررة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية» اهـ.
الرد:
استمع إلى كلامه هذا وقارنه بقول الله تعالى: {…إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ… *} [سورة التوبة] ، وبقوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا… *} [سورة الأنفال] الآية، ثم سل نفسك أي احترام هذا هو الذي يتكلم عنه القرضاوي!!
وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ… *} [سورة الإسراء] فهو بالنسبة لأصلهم فقد جعل الله أصلهم وهو المني طاهرًا وإلا فهل يعتقد مؤمن أن أبا لهب مُكَرَّمٌ عند الله أو أن أبا جهل كان يستحق الاحترام من المسلمين أو أن عابد البقر أو الشيطان أو الفأر أو الخشب يستحق ويستوجب الاحترام على المسلمين بحيث إنّ من لم يحترمه ويعظمه يكون ءاثمًا عاصيًا؟! حاشا، بل هذه من تخيلات القرضاوي المبنية على المداهنة في الدين، والله حسيبه.
قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا *} [سورة الإسراء] .
قال الإمام المفسر محمد بن جرير الطبري في تفسيره ما نصه[(266)]: «فقال أكثر أهل العلم: ذلك هو المقام الذي هو يقومه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس – أي للمسلمين فالكفار لا أحد من الشفعاء يشفع لهم – ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم»، ثم قال: «حدثنا سليمان بن عمرو ابن خالد الرقي، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن رشدين بن كريب، عن أبيه عن ابن عباس، قوله {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا *} قال: المقام المحمود: مقام الشفاعة»، ثم قال الطبري بعد أن نقل قولا لم يصح عن مجاهد ما نصه: «وأولى القولين في ذلك بالصواب ما صح به الخبر عن رسول الله وذلك ما حدثنا به أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن داود بن يزيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا *} سئل عنها، قال: (هي الشفاعة)» اهـ.
قال المفسر الحسين بن مسعود البغوي في تفسيره في هذه الآية[(267)]: «المقام المحمود هو: مقام الشفاعة لأمته لأنه يحمدُه فيه الأولون والآخرون» اهـ.
وليس تفسير هذه الآية كما تقول الوهابية وسلفهم المجسمة المشبهة أن الله تعالى يُقعد النبي محمدا عليه الصلاة والسلام معه على العرش، وكذب وافترى من نسب هذا التشبيه والتجسيم لصحابي كالعباس وابنه أو عائشة أو ابن مسعود أو تابعي كمجاهد أو لأحد من السلف الصالح.
وقد قال الحافظ ابن الجوزي في كتابه «أخبار الصفات» المشهور باسم «الباز الأشهب المنقضّ على مخالفي المذهب» ما نصه[(268)]: «الحديث التاسع والثلاثون: رُوي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود قال: وعدني ربي بالقعود على العرش.
قلتُ – أي ابن الجوزي -: هذا حديث مكذوب لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حامد (المجسم): يجب الإيمان بما ورد من المماسة والقرب من الحق لنبيه في إقعاده على العرش. قال: وقال ابن عمر: (وإن له عندنا لزلفى)، وقال: ذكر الله الدنو منه حتى يمس بعضه.
قلت – أي ابن الجوزي -: وهذا كذب على ابن عمر ومن ذكر تبعيض الذات كفر بالإجماع.
قال القاضي (أبو يعلى المجسم): يقعد نبيه على عرشه بمعنى يدنيه من ذاته ويقربه منها ويشهد له قوله {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى *} وقال ابن عباس: كان بينه وبينه مقدار قوسين.
قلت – أي ابن الجوزي -: هذا عن جبريل لا عن الله سبحانه ومن أجاز القرب من الذات أجاز الملاصقة وما ذهب إليه القاضي صريح في التجسيم».اهـ.
قال الإمام جمال الدين المتولي الذي هو من أصحاب الوجوه في المذهب الشافعي: «من اعتقد قدم العالم، أو حدوث الصانع، أو نفى ما هو ثابت للقديم بالإجماع ككونه عالمًا قادرًا، أو أثبت ما هو منفي عنه بالإجماع، كالألوان، أو أثبت له الاتصال والانفصال، كان كافرًا» اهـ. نقله عنه الحافظ النووي في كتابه «روضة الطالبين»[(269)].
وأما ما ينسب لمجاهد كما في تفسير الطبري وغيره أنه يقول: «يقعده ربه معه على العرش»، فهذا كذب ولم يصح عن مجاهد، فالطبري لم يصحح القول عن مجاهد الذي رواه عن ليث ابن أبي سليم، بل هو قال إن القول الصواب هو ما ثبت صحته عن الرسول أنه قال في المقام المحمود أي الشفاعة.
فالطبري روى عن مجاهد هذا القول بهذا السند: «حدثنا عباد بن يعقوب الأسدي قال ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد…» إلى آخر كلامه، فعباد بن يعقوب قال فيه الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه «لسان الميزان» ما نصه[(270)]: «عباد بن يعقوب الأسدي الرواجني أبو سعيد الكوفي الرافضي»، وقال الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه «الضعفاء والمتروكين» ما نصه[(271)]: «عباد بن يعقوب الرواجني أبو سعيد الكوفي يروي عن شريك، قال ابن حبان كان رافضيا داعيا يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك وقال ابن عدي روى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت وما له غيرهم».اهـ
وأما الليث بن سليم هذا فقد قال فيه الحافظ العُقيلي في كتابه «الضعفاء الكبير» في باب حرف اللام ما نصه: «كَانَ ابن عُيَيْنَةَ يُضَعِّفُ لَيْثَ بْنَ أَبِي سُلَيْمٍ»، وقال أيضا: «حدثنا عبد الله ابن أحمد، قال: سمعت عثمان بن أبي شيبة، قال: سألت جريرا عن الليث، وعن عطاء بن السائب، وعن يزيد بن أبي زياد، فقال: كان يزيد أحسنهم استقامة في الحديث، ثم عطاء، وكان ليث أكثر تخليطا قال: وسألت أبي عن هذا، فقال: أقول كما قال جرير.
حدثنا عبد الله، قال: سمعت أبي، يقول: ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ولكن حَدّث عنه الناس».اهـ
وقد غلط وخبط وخلط وأبعد حسن السقاف عندما ادعى على مجاهد أنه قال بهذا القول الفاسد، كما في تعليقه على كتاب الذهبي المسمى «العلو للعلي الغفار»، فهذا لم يقله مجاهد ولا غيره من السلف الصالح.
وقال الإمام ابن الجوزي الحنبلي أيضا في كتابه «الباز الأشهب» في الرد على ما يفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نصه[(272)]: «حديث العباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين السماء والأرض والله تعالى فوق ذلك. قلت: هذا حديث لا يصح تفرّد به يحيى بن العلاء، قال أحمد: هو كذاب يضع الحديث وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال ابن عدي: أحاديثه موضوعة». وقال ابن الجوزي بعد كلام: «أما لفظة القعود فقد رواها عن ابن عباس ولا يصح وأما القيام فيرويها عيسى عن جابر عن عمر بن الصبح.
قال البخاري: قال عمر بن الصبح: أنا وضعت – أي اختلقها من عند نفسي – خطبة رسول الله.
وقال ابن حبان: وكان يضع الحديث على الثقات لا يصح كَتْبُ حديثِه إلا على التعجب – أي لإنكارها والتحذير منه -، ثم قال: قلتُ وبمثل هذه يثبت لله صفة، أين العقول؟! تعالى الحق أن يوصف بقيام وهو انتصاب القامة ولا يوصف بالقعود لأنها حالة الجسماني» اهـ.
ومما يجب التحذير منه، وهوكفر صريح ما كُذِب على ابن مسعود أنه نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في المقام المحمود كما في مستدرك الحاكم على الصحيحين ويليه تضمينات الذهبي في التلخيص والميزان[(273)]: «يوم ينزل الله فيه على كرسيه يئط به كما يئط الرحل من تضايقه كسعة ما بين السماء والأرض»، وهو كذب معارض لصريح القرءان والسنة النبوية وإجماع الأمة، فالله ليس كمثله شىء منزه عن القعود والجلوس والحركة والسكون والحجم والكمية وما كان من صفات المخلوقين.
وهذا لا يصح عن ابن مسعود ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي سنده أبو اليقظان عثمان بن عمير وهو ضعيف قال الذهبي فيه: «ضعيف ضعّفه الدراقطني»، وضعفه الإمام أحمد وغيره.
وإن كان في المستدرك على الصحيحين فإن المستدرك فيه الصحيح وغير الصحيح كما هو معروف عند الحفاظ والمحدثين، بل قال بعضهم: «إن مستدرك الحاكم فيه تساهل».
ومما يجب التحذير منه أيضا ما يفترى على ابن مسعود رضي الله عنه أنه نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في تفسير المقام المحمود: «يجلسني على العرش»، فقد قال الذهبي المتناقض في كتابه المسمى «العلو للعلي الغفار» ما نصه[(274)]: «هذا حديث منكر لا يُفرح به، وسلمة هذا – وهو أحد رواة هذا الحديث المكذوب – متروك الحديث، وأشعث – أيضا من رواة الحديث – لم يلحق ابن مسعود».اهـ
وكذلك ضعفه الوهابي المتناقض الألباني في سلسلته الضعيفة (2/255/865) حيث حكم عليه بقوله «باطل»، وقال أيضا: «ومن العجائب التي يقف العقل تجاهها حائرا أن يفتي بعض العلماء من المتقدمين – يقصد أئمته المجسمة منتقدا عليهم – بأثر مجاهد هذا كما ذكره الذهبي عن غير واحد منهم».اهـ
ومن تناقضات الوهابية وزعمائها في هذه المسألة:
قول إمام المشبهة والمجسمة ابن تيمية الحراني في كتابه المسمى «مجموع الفتاوى»[(275)] واصفا الله بالجلوس ومشبها له بخلقه كاذبا ومفتريا على الأولياء والعلماء، نعوذ بالله من الكفر وأهله ما نصه: «فقد حدَّث العلماء المرضيون وأولياؤه المقبولون أن محمدًا رسول الله يُجلسه ربه على العرش معه» اهـ. وابن تيمية أيضًا أثبت قول المجسم عثمان الدارمي في كتابه المسمى «الرد على بشر المريسي» وأثنى عليه ونقله هو وأثبته محتجا به أيضا في كتابه المسمى «بيان تلبيس الجهمية» المجلد الأول ص568: «ولو قد شاء لاستقر على ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته، فكيف على عرش عظيم أكبر من السماوات والأرض» اهـ. نعوذ بالله من مقت القلوب.
وفي كتاب «مجموع الفتاوى»[(276)]، وكتاب «شرح حديث النـزول» يقول ابن تيمية[(277)]: «فما جاءت به الآثار عن النبي من لفظ القعود والجلوس فى حق الله تعالى كحديث جعفر بن أبي طالب وحديث عمر». ا هـ.
وفي الصحيفة نفسها يقول: «إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سُمِع له أطيط كأطيط الرَّحل الجديد» اهـ.
وتلميذه ابن قيم الجوزية في كتابه المسمى «القصيدة النونية»[(278)] مع شرحها للمجسم الوهابي العنيد – وكلهم كذلك عنيد – محمد خليل هراس، يُثبِتُ في أول كلامه أن المقام المحمود أي الشفاعة، ثم يناقض نفسه بعد ذلك فيقول بنسبة الجلوس إلى الله والعياذ بالله تعالى ناقلا بصيغة الجزم مُفتَرِيًا على مجاهد، يقول: «وروى ابن جرير وغيره في تفسير {…عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا *} أن المقام المحمود هو الشفاعة العظمى،وذكر عن مجاهد أن المقام المحمود هو أن الله يُجلس رسوله معه على العرش» اهـ. وفي كتابه المسمى «بدائع الفوائد»[(279)] لابن قيم الجوزية يقول: «ولا تنكروا أنه قاعد ولا تنكروا أنه يقعده» اهـ. وقد كذب على الدارقطني فى نسبة هذا البيت له.
بينما يقول إمام الوهابية المجسم الألباني رادًّا على أسياده، في كتابه المسمى «مختصر العلو للعلي الغفار»[(280)]: «فكنتُ -أي الألباني – أُحِب له – أي للذهبي – ألاّ يتردد في إنكار نسبة القعود إلى الله تعالى وإقعاده محمدًا على عرشه ما دام أنه لم يأتِ نص ملزم عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه ليس له شاهد في السنة، ومعناه ولفظه لم يتوارد على ألسنة الأئمة». ثم قال: «ومن العجيب حقًا أن يعتمد هذا الأثر ابن القيم». وفي ص20 يقول: «قال ابن القيم: ولا تنكروا أنه قاعد ولا تنكروا أنه يُقعِدُه! قلتُ – أي الألباني -: وقد عرفتُ أن ذلك لم يثبت عن مجاهد، بل صح عنه ما يُخالفه كما تقدم. وما عزاه للدارقطني لا يصح إسناده كما بيناه في الأحاديث الضعيفة».
ثم قال: «وجعل ذلك قولا لابن جرير فيه نظر» اهـ.
فيا لفضيحة الوهابية الذين يتيهون في كل وادٍ يُناقضون أنفسهم وزعماءهم ولا يعرفون ربهم الذي خلقهم.
وقد نقل ابن المعلم القرشي المتوفى سنة 725هـ في «نجم المهتدي»[(281)] عن «كفاية النبيه في شرح التنبيه» ما حكاه القاضي حسين عن نص الإمام الشافعي رضي الله عنه: «من اعتقد أن الله جالس على العرش فهو كافر».
وقال الإمام الأشعري رضي الله عنه: «من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارف بربه وإنه كافر به». كما في كتابه النوادر.
قاعدة مهمة ومفيدة لها تعلق بهذا البحث:
قال الإمام الحافظ الفقيه العالم شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الهرري الحبشي رضي الله عنه في كتابه «الدليل القويم على الصراط المستقيم» ما نصه[(282)]: «وقد احتاط العلماء في الاحتجاج بالأخبار الواردة في الصفات حتى إن بعضهم اشترط للاحتجاج بالأخبار الواردة في الصفات أن يكون الحديث القطعي الثبوت يعني المتواتر وعلى ذلك كثير من الأشاعرة.
وتوسط بعضهم وهم الماتريدية أصحاب أبي حنيفة وبعض الأشاعرة فشرطوا للاحتجاج بالحديث أن يكون مشهورا مستفيضا وهو أقل من المتواتر إذ لا يراعى فيه إلا أن يكون من رواية ثلاثة فأكثر.
وقد اشترط الحافظ ابن حجر أن يكون الحديث الوارد في الصفات متفقًا على ثقة رواته، ومثل ذلك ذكر الذهبي فلا سبيل إلى الاحتجاج بالخبر المختلف في رواته، وكثيرا ما تحتج الحشوية والمشبهة بالخبر الذي هو دون ذلك.
ولا دليل لمن أثبتوا لله التحيز في جهة فوق ولا حجة لهم في حديث الجارية لأن هذا الحديث من الآحاد، ظاهره معارض للحديث المتواتر. وقد قرر علماء الأصول وعلماء الحديث كما في كتاب «تشنيف المسامع»[(283)] وكتاب «الفقيه والمتفقه»[(284)] أن الحديث إذا خالف النص القرءاني أو الحديث المتواتر أو صريح العقل ولم يقبل تأويلا فهو باطل موضوع كذب على الرسول.
وعبارة الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه «الفقيه والمتفقه» ما نصه[(285)]: «وإذا روى الثقة المأمون خبرًا متصل الإسناد رُدّ بأمور: أحدها أن يخالف موجَبات العقول فيعلم بطلانه لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول وأما بخلاف العقول فلا، والثاني أن يخالف نص الكتاب أو السنة المتواترة فيعلم أنه لا أصل [له] أو منسوخ، والثالث أن يخالف الإجماع فيُستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له لأنه لا يجوز أن يكون صحيحا غير منسوخ وتجمع الأمة على خلافه»، ثم قال: «والرابع أن ينفرد الواحد برواية ما يجب على كافة الخلق علمه فيدل ذلك على أنه لا أصل له لأنه لا يجوز أن يكون له أصل وينفرد هو بعلمه من بين الخلق العظيم، والخامس أن ينفرد برواية ما جرت العادة بأن ينقله أهل التواتر فلا يقبل لأنه لا يجوز أن ينفرد في مثل هذا بالرواية، وأما إذا ورد مخالفا للقياس أو انفرد الواحد برواية ما تعم به البلوى لم يُرد. وقال قوم ممن ينتحل مذهب مالك بن أنس إذا كان مخالفا للقياس لم يجز العمل به – أي القياس مقدم عندهم -. وقال قوم ممن ينتسبون إلى مذهب أبي حنيفة النعمان بن ثابت لا يجوز العمل بخبر الواحد في ما تعم به البلوى».اهـ
فكيف تحتج الوهابية أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن قيم الجوزية بهذا الأثر غير الثابت عن مجاهد والمُتَكَلَّم في رُواتِه، وكيف يحتجّون بهذا الحديث المكذوب على عائشة رضي الله عنها وقد بيَّن أنه موضوع ومكذوبٌ الحافظ ابن الجوزي وقد مرَّ آنفًا.
ونختم بقاعدة أصولية في العقيدة وهي «لا تثبت لله صفة بقول صحابي أو تابعي»، كما هو معلوم عند أئمة الإسلام.
ـ[266] (طبعة دار الجيل بيروت المجلد الثامن الجزء الخامس عشر ص97).
ـ[267] (طبعة دار المعرفة الطبعة الثالثة سنة 1413هـ الجزء الثالث ص130).
ـ[268] أخبار الصفات (طبعة دار الجنان الطبعة الأولى سنة 1407هـ).
ـ[269] روضة الطالبين (الجزء العاشر طبعة المكتب المسمى الإسلامي، الطبعة الثانية 1405هـ ص64).
ـ[270] لسان الميزان (المجلد السابع ص263).
ـ[271] الضعفاء والمتروكين (طبعة دار الكتب العلمية الجزء الثاني ص77).
ـ[272] الباز الأشهب (ص/159).
ـ[273] طبعة دار الكتب العلمية الجزء الثاني الطبعة الأولى سنة 1411هـ ص396).
ـ[274] العلو للعلي الغفار (طبعة دار الإمام النووي الأردن الطبعة الثانية سنة 1424هـ ص305).
ـ[275] مجموع الفتاوى (المجلد الرابع، ص374).
ـ[276] مجموع الفتاوى (المجلد الخامس ص/527).
ـ[277] شرح حديث النزول (طبع دار العاصمة ص/400).
ـ[278] القصيدة النونية (مطبعة الإمام – القاهرة، ص256).
ـ[279] بدائع الفوائد (طبعة دار الكتاب العربي 4/40).
ـ[280] مختصر العلو للعلي الغفار (طبعة المكتب المسمى الإسلامي لزهير الشاويش الوهابي، ص19).
ـ[281] نجم المهتدي (ص/551).
ـ[282] الدليل القويم على الصراط المستقيم (طبعة شركة دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الثالثة سنة 1430هـ ص164).
ـ[283] تشنيف المسامع (2/374).
ـ[284] الفقيه والمتفقه (ص/132).
ـ[285] الفقيه والمتفقه (ص132 – 133).