قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلا يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ.
الشَّرْحُ أَىْ لا يَدْخُلُ فِى الْوُجُودِ مِنَ الأَعْيَانِ مَهْمَا صَغُرَتْ وَالْحَرَكَاتِ وَالسُّكُونِ وَالْخَوَاطِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سِوَى اللَّهِ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَلا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ وَمَا كَانَ مِنْهَا شَرًّا لِأَنَّ الْكُلَّ دَاخِلٌ فِى الإِمْكَانِ، وَلَوْ كَانَتْ إِرَادَةُ اللَّهِ خَاصَّةً بِالْخَيْرِ مِنْهَا لَاقْتَضَى ذَلِكَ مُخَصِّصًا خَصَّصَ إِرَادَتَهُ بِالْخَيْرِ وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْمُخَصِّصِ لِأَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مُسْتَوِيَانِ فِى الإِمْكَانِ.
وَالإِرَادَةُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَشِيئَةِ لَيْسَ بِمَعْنَى الْمَحَبَّةِ فَإِرَادَةُ الْمَحَبَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/185] أَىْ يُحِبُّ لَكُمُ الْيُسْرَ لِأَنَّهُ مَا جَعَلَ فِى دِينِكُمْ مِنْ حَرَجٍ.