قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالأَمْنُ وَالإِيَاسُ يَنْقُلانِ عَنْ مِلَّةِ الإِسْلامِ وَسَبِيلُ الْحَقِّ بَيْنَهُمَا لِأَهْلِ الْقِبْلَةِ.
الشَّرْحُ الأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَالإِيَاسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ كُلٌّ مِنْهُمَا يُخْرِجُ الإِنْسَانَ مِنْ دِينِ اللَّهِ هَذَا عَلَى تَفْسِيرِ الْحَنَفِيَّةِ فَعِنْدَهُمْ يَعْتَبِرُونَهُمَا كُفْرًا أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ هَذَيْنِ مِنَ الْكَبَائِرِ وَلا يَعْتَبِرُونَهُمَا مِنَ الْكُفْرِيَّاتِ وَسَبِيلُ الْحَقِّ بَيْنَ الأَمْنِ وَالإِيَاسِ نَقُولُ إِنْ مِتْنَا وَنَحْنُ بِحَالَةِ التَّوْبَةِ نَجَوْنَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِى الْقَبْرِ وَفِى الآخِرَةِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ أَنْ يُسَامِحَنَا اللَّهُ وَلا يُعَذِّبَنَا بِذُنُوبِنَا وَيَجُوزُ أَنْ يُعَذِّبَنَا بِهَا. وَتَفْسِيرُ الأَمْنِ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ أَنَّ الَّذِى نَفَى عَذَابَ اللَّهِ لِلْعُصَاةِ فَهَذَا أَمِنَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَكَذَلِكَ الآيِسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَىِ الَّذِى يَعْتَقِدُ أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ الذَّنْبَ لِلْمُسْلِمِ التَّائِبِ فَهُوَ كَافِرٌ هَذَا تَفْسِيرُهُمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَمَّا الأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَعْدُودُ مِنَ الْكَبَائِرِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَرْسِلَ فِى الْمَعَاصِى اتِّكَالًا عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَأَمَّا الْيَأْسُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ أَنْ يَجْزِمَ الشَّخْصُ أَنَّ اللَّهَ لا يَرْحَمُهُ لِذُنُوبِهِ بَلْ يُعَذِّبُهُ فَهُوَ أَيْضًا عِنْدَهُمْ كَبِيرَةٌ وَلَيْسَا عِنْدَهُمْ مِنْ نَوْعِ الرِّدَّةِ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى عَدَّهُمَا كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِى كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ الَّتِى تَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ.