وكُلُّ ما أتى بِهِ الرَّسُولُ فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ والقَبُولُ
إن هذه الدروس من أنفع الدروس التي ينبغي العناية بها عناية كبيرة تلقيا وفهما ونشرا، يجب الرد على الملاحدة المفترين على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال بعضٌ فيمن ألّف في العقيدة في التّوحيد:
وكُلُّ ما أتى بِهِ الرَّسُولُ *** فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ والقَبُولُ
معناه كلُّ ما جاءَ به الرسولُ أمَّتَهُ فعلينا أن نُسَلِـّمَ له ونَقبَلَ مِنه، هذا معنى الإيمانِ بالرّسول ليس مجرَّد أن نقول محمّدٌ رسول الله لأنّ كثيرين من النّاس يقولون محمّدٌ رسول الله ثمّ يُسِيؤونَ الأدَبَ معَه بالقَولِ السَّخيف، يقول هؤلاء الملحدون عن سيّدِنا محمد الذي هو أشرَفُ خلق الله وأطهَرُ خَلقِ الله، يقولون لعنهم الله الرسولُ متعلّقُ القلبِ بالنساء، يقولون محمد كان (نِسوَنجي) باللغة العامية، هؤلاء كفّار، الرسولُ لم يكن متعلّقَ القلبِ بالنساء، كان متعلِـّقَ القلبِ بربّه تبارك وتعالى، وأما الزِّواجُ فإنه ما تزوّج مرّةً من المرّات إلاّ لَغَرضٍ دينيٍّ، إلاّ لما يُحبُّ الله تبارك وتعالى من نشرِ دينه لأنه إذا تزوّج من هذه وهذه وهذه، هذه تتعلَّمُ منه أمورَ الدّين وهذه تتعلم، كلٌّ يتعلّمنَ منه وينشُرنَ دين الله لأنَّ النِساءَ آلَفُ للنِسّاءِ أكثَرُ إلفاً للنساء من إلفِهِنَّ للرِّجال، لهذه الحكمة وغيرها كانَ عليه الصلاةُ والسّلام أكثَرَ من الزِّواج، عدّدَ، الله تعالى خصَّهُ بحُكمٍ لم يجعَلهُ لأمّتِه أحلَّ له أن يجمع بين أكثر من أربع في آن واحد أمّا غيرُه لم يُحِلَّ له ذلك، أمّتُه لا يجوز للواحد منهم أن يجمع في ءانٍ واحد أكثر من أربع، ثم من الشواهد على أنّ الرسول لم يكن متعلّق القلب بالنّساء أنه كان هو أجملَ خَلق الله، لو كان فيه ما يقولُ هؤلاء كانت ظهرت منه رذالات، أهلُ بلده مكة كانوا مَسكوا عليه رذالة، لكن ما أحدٌ من أهل بلده شاهد عليه أو عرف عليه رذالةً قطّ، بل كانوا يُسَمُّونَه الأمين، لا شاهدوا منه خيانة ولا كَذبة ولا رَذَالة، كانوا يسمّونَه الأمين، كانوا يسمّونه باسمه الأصلي الذي سمّاه به جدُّه وهو محمد لكن من شدّة ما كانوا يعتقدون فيه من الأمانة والصِـّدق والوفاء وحُسنِ الخُلُق والنَّزاهة كانوا يسمّونه الأمين، يقولون جاء الأمين، هكذا كانوا يلقّبونه، الله تعالى ألهَمَهُم أن يُلقّبُوه، هو ما قال لهم، ولا قال لهم جدُّه هذا ابني محمد سمُّوه الأمين، بل مماّ رأوا منه من مكارم الأخلاق مع الابتعاد من الرّذالات سَمَّوهُ الأمين، ثمّ أوّل ما تَزوَّج من خديجة كانَ عمره أربَعاً وعشرين أو خمسًا وعشرين ثم بعد ذلك بعد أن ماتت خديجة تزوَّج امرأةً اسمُها سَودَة وهي كانت من قريش، ثم تزوَّجَ عائشةَ رضيَ الله عنها، لأنَّ جبريلَ جاءه بخرقة حرير عليها صورتها، وقال له هذه زوجتك، بعد ذلك خطبَها من أبيها أبي بكر رضي الله عنه، ثم بعدَ ذلك بمدَّة تزوَّج حَفصَةَ بنتَ عمر إلى ءاخر من تزوّجَ بها من النّساء، وكُلٌّ منهُنَّ لم يشغَلنَ قلبَه عن الله تعالى، كان يتركُ عائشة في دَورِها، كان دورُها من الرسول في نحو يوم واحد في الاسبوع، كان يتركها على الفراش ويذهب إلى الجبّانة ليلاً ليدعو لأهل الجبّانة فيقضي وقتاً من الزمن هناك ثم يعود، الذي قلبُه متعلّق بالنساء لا يترك هذه التي هي فتاةٌ حديثَة السّنِّ جميلة على الفراش في دورها الذي هو يومٌ من ثمانية ايّام، ليلةٌ واحدة من ثمانِ ليال تقريبًا، ويذهب إلى الجَبانة وحدَه، فهو ﷺ أنزَهُ خَلق الله تباركَ وتعالى وأشَدُّهُم خوفًا من الله وخشيةً وأعلَمُهُم بالله. اهـ