الخميس ديسمبر 12, 2024

  (واللُّقَطَةُ على أربعةِ أضربٍ أحدُها ما يبقَى على الدوامِ) كذهبٍ وفضةٍ وقماشٍ (فهذا) أي ما سبق من تعريفِها سنةً وتملكِها بعد ذلك (حكمُهُ).

  (و)الضربُ (الثاني ما لا يَبْقَى) على الدوام بل يفسد بالتأخير ولا يَبْقَى بعلاجٍ (كالطعامِ الرَّطْبِ) كالرُّطَبِ الذي لا يَتَتَمَّرُ والعنبِ الذي لا يَتَزَبَّبُ (فهو) أي الملتقِطُ له (مخيرٌ بين) خَصْلَتَينِ بحسب المصلحة للمالك (أَكْلِهِ) بعد تملُّكِه (وغُرْمِه) أي غُرْم بَدَلِهِ مِنْ مِثْلٍ أو قيمةٍ بعد تعريفِهِ (أو بَيْعِه) بثمنِ المثلِ (وحفظِ ثَمَنِهِ) إلى ظهورِ مالكِه. وله أن يتملَّكَ الثمَنَ بعدَ أن يُعَرِّفَ الْمَبيعَ سنةً بنيةِ تملُّكِ ثَمَنِه.

  (والثالثُ ما يَبْقَى بعلاجٍ) فيه (كالرُّطَبِ) الذي يتتمرُّ والعنب الذي يتزبَّبُ (فيفعلُ ما فيه المصلحةُ) للمالك (مِن بَيعِه وحفظِ ثَمَنِهِ) ويُعَرِّفُ الْمَبيعَ حينئذٍ ثم يتمَّكُ الثَّمَنَ إذا أرادَ التملُّكَ (تجفيفِهِ) تَبرُّعًا أو ببيعِ ما يُساوي مؤنةً التجفيفِ منه بإذنِ الحاكمِ إن وجدَهُ (وحِفْظِهِ) إلى ظهورِ مالكِهِ.

  (والرابعُ ما يحتاجُ إلى نفقةٍ كالحيوانِ) ومنه الرقيقُ ويُعْرَفُ كونه رقيقًا بنحوِ علامةٍ فيه فيجوزُ لقظُهُ في زمنِ نهبٍ لا أمنٍ وفيه تفاصيلُ تُطْلَبُ مِن مظانِّها. (وهو) أي الحيوانُ المحتاجُ للنفقةِ (ضربان) أحدُهما (حيوانٌ لا يَمتنعُ بنفسِه) من صغار السباعِ كذئبٍ وفهدٍ ونَمِرٍ وذلك كغنمٍ وعِجْلٍ (فهو) أي الْمُلتَقِطُ إن التَقَطَهُ في غيرِ العُمرانِ عرَّفَهُ سنةً وهو مع ذلك (مخيرٌ) فيه (بين) ثلاثةِ اشياء (أكله) إن كان مأكولًا بعد تملُّكِهِ في الحال (وغُرْم ثَمَنِهِ أو تَرْكه) عندَهُ (والتَّظَوُّعِ بالأنفاقِ عليه) إن شاءَ فإن لم يَتطوع وأراد الرُّجوعَ فَلْيُنْفِق بإذن الحاكم فإن لم يَجدْهُ أشهدَ (أو بَيْعِهِ وحِفْظِ ثَمَنِهِ) إلى ظهورِ مالِكِه أو تملُّكِ الثمنِ بعد سنةٍ إن شاء. فإن التقطَهُ في العمرانِ امتنعَ عليه الأكلُ لسهولةِ بيعِهِ في الحضرِ ويَتَخَيَّرُ فيه بين الأمرين الأخيرين. (و)الثاني (حيوانٌ يمتنع بنفسه) مِن صغارِ السِّباع بقوَّتِهِ كإبلٍ وبقرٍ وفرسٍ وحمارٍ أو بشدةِ عَدْوِهِ كغزالٍ وأرنبٍ أو بطيرانه كحمامٍ (فإن وجدَه) الْمُلْتَقِطُ (في الصحراءِ) الآمنةِ (ترَكَه) وحَرُمَ التقاطُهُ للتملُّكِ فلو أَخَذَهُ للتملُّكِ ضَمِنَهُ وأمَّا أخذُهُ للحِفْظِ فهو جائزٌ للحاكم ونُوَّابِه وكذا للآحاد لِئَلَّا يضيعَ بأخذِ خائنٍ (وإن وجدَهُ) الْمُلْتَقِطُ (في الحَضَرِ فهو) عند المصنفِ رحمه الله (مُخَيَّرٌ بين الأشياءِ الثلاثةِ فيه) والمعتمدُ أنهُ مخيَّرٌ بين الاثنينِ الأخيرينِ ويمتنعُ عليه أكلُهُ لسهولةِ بيعِهِ في الحضرِ كما تقدَّم.

  والحاصلُ أنَّ اللُّقَطَةَ إمَّا أن تحتاجَ إلى نفقةٍ أو لا فإن احتاجَت فهي الضَّرْبُ الرابعُ وإلا فإن لم تتغيَّر بطولِ البقاءِ كالذهبِ والفضةِ خُيِّرَ الملتقِطُ بينَ أمرينِ تملُّكها مع غُرمِ بدلِها وإدامةِ حفظها وإن تغيَّرَت فإما أن لا تقبلَ التجفيفَ بالعلاجِ أو تقبلَهُ فإن لم تقبلْهُ خُيِّرَ بينَ أمرينِ التملُّكِ ثم الأكلِ والغُرْمِ وبين البيعِ مع حفظِ الثمنِ وإن قبلت التجفيفَ خُيِّرَ بين بيعِها وحفظِ ثمنها وبين التجفيفِ لها إنا بطريقِ التبرُّعِ أو بيعِ جُزْءٍ منها لذلك.