والدا رسول الله ﷺ
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:” الوالد أوْسط أبواب الجنة” والمراد بالوالد هنا منْ ولدك أبا كان أو أما. ويقول عليه الصلاة والسلام: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف منْ أدرك والديْه أو أحدهما ولم يدْخل به الجنة. ومعنى ذلك أن منْ أدرك والديْه أو أحدهما ولم يكنْ بره لهما أو لأحدهما سببا لدخول الجنة فقد ضيع على نفسه الخير الكثير. الوالد فرْصة العمر لاكتساب الجنة. الوالد سبب من أسباب دخول الجنة. نعم رسول الله ﷺ مات أبوه يتيما وماتت أمه وهو صغير. إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا بر الوالديْن. يقول الله تبارك وتعالى في القرءان الكريم: وقضى ربك أنْ لا تعْبدوا إلا إياه وبالوالديْن إحسانا
أخي المؤمن أختي المؤمنة فلْننظر كيف أن الله تعالى إذا أمرنا ببر آبائنا قرن ذلك بالأمر بالإيمان به وترْك الإشْراك به شيْئا. وقضى ربك أنْ لا تعْبدوا إلا إياه و بالوالديْن إحْسانا. يقول الله تعالى في سورة لقمان في وصية لقْمان لابنه يا بني لا تشْركْ بالله إن الشرْك لظلْم عظيم ووصيْنا الانسان بوالديْه حملتْه أمه وهْنا على وهْن وفصاله في عاميْن أن اشكرْ لي ولوالديْك
نعم نبي الله ﷺ لم يدْرك أمه كبيرا إلا أنه علمنا بحاله ومقاله كيف يكون البر. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: سألت ربي أنْ أزور أمي فأذن لي واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذنْ لي. مجرد سؤال النبي ربه أن يستغفر لها يدلنا على أن السيدة ءامنة كانت مؤمنة وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام لن يستغفر لمشركة. فإن قيل لماذا إذا نهى الله تعالى نبيه عن أن يستغفر لأمه فالجواب أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان قدْوة لصحابته. فأما آباء الصحابة وأمهاتهم فكثير منهم ما كانوا مؤمنين. فلو أن النبي عليه الصلاة والسلام أذن له أن يستغفر لأمه لاقتدى الصحابة به في ذلك واستغفروا لآبائهم الذين ماتوا على الشرك ولذلك لم يأذن الله تعالى لنبيه بالاستغفار لأمه سدا للباب. رسول الله ﷺ أرضعته صغيرا ثويْبة. ثويْبة الأسْلمية وهي امرأة لم يثبتْ إسلامها ومع ذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يرْسل من المدينة إلى مكة يصلها ويرْسل لها الكسْوة. فإن كانت غير مؤمنة وكان يحْسن إليها فكيْف لو كانت مؤمنة. كيف لو كانت أمه التي أنجبتْه. رسول الله ﷺ حضنتْه أم أيمن الحبشية. تلك المرأة المباركة هذه المرأة الصحابية التي كانت لأبيه وورثها النبي عليه الصلاة والسلام من أبيه ثم أعتقها عندما تزوج خديجة. هذه المرأة شهدت مراحل حياة رسول الله ﷺ صغيرا فنبيا معلما وقائدا. أم أيمن التي كان يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي بقية أهلي وكان يناديها يا أمه وكان يقول هي أمي بعد أمي وكان لها من الدلال كان لها من الكرامة عند رسول الله الشئ الكثير. يرْوي أنس ذهابه ذات يوم مع رسول الله ﷺ إلى أم أيْمن وكانت أم أيمن قد أعدت لرسول الله ﷺ شرابا فالنبي عليه الصلاة والسلام امتنع من شرْب الشراب يقول أنس فلا أدري أكان صائما أم لم يرد الشرب إلا أن أم أيمن جعلت تصخب وتذمر. معناه صارت تغضب من شدة حبها بالنبي عليه الصلاة والسلام لا استهزاء به ولا تكبرا عليه لأنها تعلم حبها للرسول وتعلم حب الرسول لها وكان عندها من الدلال عند رسول الله ﷺ شئ عظيم. صارت تصخب ترفع صوتها تريد من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يشرب وهذا معروف بين الأم وولدها. رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان لم يلق أباه وإن كان لم يلق أمه كبيرا إلا أنه علم الأمة بفعله كيف تبر الأم. يذكر بعض العلماء أن حليمة السعدية ءامنت ويذكر بعضهم أن الرسول ﷺ التقى في الحديبة بامرأة بدوية. فنزع النبي ﷺ رداءه ليجلس هذه المرأة على ردائه، فقال رجل من الصحابة لآخر من هذه التي يحْسن إليها رسول الله ويكْرمها فقال أمه حليمة السعدية. وفاطمة الهاشمية أم علي بن أبي طالب زوجة أبي طالب وكما نعرف فالرسول عليه الصلاة والسلام نشأ في بيت عمه أبي طالب.هذه فاطمة آمنت برسول الله ﷺ وكان رسول الله ﷺ يحبها محبة شديدة كبيرة عظيمة ويقول هي أمي بعد أمي. ولما ماتت فاطمة أم علي وعلم بموتها رسول الله ﷺ دخل عليها ووقف عند رأسها وقال رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتطعميني وتعريْن وتكْسيني وتمنعين نفسك طيبا وتطْعميني تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ثم أمر بتغسيلها ثلاثا وأخذ النبي ﷺ الإناء في الغسلة الثالثة وغسلها بيده. ثم نزع قميصه وألبسها قميصه لتدْفن فيه. ثم أمر رسول الله ﷺ بحفْر قبرها فلما وصل إلى اللحد أخرج الرسول ﷺ تراب القبر بيده فصار يحفر اللحد لها ثم اضطجع في القبر وصار يقول الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اللهم اغفر لأمي فاطمة ووسع عليها مدْخلها بحق نبيك والأنبياء من قبلي إنك أرحم الراحمين الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر فكبر أربع مرات.
إخوتي في الله لم يردنا عن رسول الله ﷺ كيف عامل أمه وأباه من النسب وذلك لأن النبي لم يلق أباه ولم يلْق أمه كبيرا ولكن هذه الحكايات تخْبرنا وتدلنا كيف كانت عناية النبي ﷺ بأهل الفضل عليه بأمه من الرضاعة بحاضنته بمربيته فكيف كان رسول الله ﷺ لو التقى بأبويْه. لذلك ينبغي علينا أن نقتدي برسول الله ﷺ وأن نأتسي به أسْوة طيبة وأن نكرم والديْنا أحياء وأمواتا ولا سيما في شهر رمضان المبارك ينبغي أن نغدق عليْهما بالهدايا وأن نستغفر لهما ما حيينا نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا بر أهلينا إنه على ما نسأله قدير والحمْد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيد الأنبياء والمرْسلين.