(وأركانُ الـحجِّ أربعةٌ) أحدُها (الإحرامُ مع النِيَّةِ) أي النِّيَّةُ مع الإحرام أي النيةُ الـمصاحبةُ للدخولِ في الـحجِّ فعبارةُ الـمصنِّفُ مقلوبةٌ ويكون الـمرادُ بالإحرام هنا الدخولُ في النُّسُكِ وهو بـهذا الـمعنى لا يُعَدُّ ركنًا إنـما الرُّكنُ هو النيةُ التي يصيـرُ بـها مـحرمًا داخلًا في الـحجِّ.
(و) ثانيها (الوقوفُ بعرفةَ) والـمرادُ حضورُ الـمُحْـرِمِ بالـحجِّ لـحظةً بعد زوال شمس يوم عرفةَ وهو يوم التاسعِ مِن ذِي الـحِجِّةِ بشرط كزن الواقفِ أهلًا للعبادة لا مـجنونًا ولا مـغمًى عليه ولا سكرانَ زائلَ العقلِ. ويستمرُّ وقت الوقوف إلى فـجر يوم النـحر وهو العاشرُ مِن ذِي الـحجة ويُستحب فيه الـجمع بيـن الليل والنهار بأن يكون هناك في كلٍّ.
(و) ثالثُها (الطوافُ بالبيت) أي الكعبةِ زادَها اللهُ شرفًا سبعَ طَوْفاتٍ جاعلًا في طوافه البيت عن يساره مبتدئًا بالـحجر الأسود مـحاذِيًا له في مروره بـجميعِ بدنه بأن لايتقدمَ جـزءٌ منه على الـحجر الأسودِ فلو بدأ بغيـره لـم يُـحسب له.
(و) رابعها (السَّعْيُ) في الـمَسْعَى الأصليِّ الذي سَعَـى فيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم وصحابتُهُ الكرام وسلفُنا الصالـح وخلفهم الذين اقتفوا أثرهم وأجـمعَ على اعتباره أهلُ العلمِ الثِّقاتُ وهو الـمَسْعَى الكائن (بيـن الصَّفَا) وهو طرفُ جبل أبـي قُبَيْـسٍ (والـمَرْوَة) وهو طرفُ جبل قَيْنُقاع سبعَ مرَّاتٍ وشـرطُهُ أن يبدأَ في أولِ مرةِ بالصفا ويـختِم بالـمروة ويُـحسب ذهابُه من الصفا إلى الـمروة مرةً وعودُه إليه مرةً أخرى وأن يكونَ في الـموضِعِ الذي عيَّنَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النوويُّ في الـمجموع قال الشَّافعيُّ والأصحابُ لا يـجوزُ السَّعْيُ في غيـرِ موضِعِ السَّعْي فلو مرَّ وراءَ موضِعِ السَّعْيِ في زُقاقِ العطَّاريـنَ أو غيـرِهِ لـم يصِحَّ سعيُهُ لأنَّ السَّعْيَ مـختصٌّ بـمكانٍ فلا يـجوزُ فعلُهُ في غيـرِهِ كالطواف اهـ ولذلك فـمن أرادَ أن يصح سعيُهُ في أيامنا سَعَى ذهابًا وإيابًا في الـمَسعى القديـم الذي قرَّرَ حكامُ الـحجازِ ونـجدٍ الـحاليَّيـنَ أن يكونَ للرجوعِ فقط منَ الـمَروةِ إلى الصَّفا وهو الأقربُ للكعبةِ دون الزيادةِ التي استحدثوها بـجانبه للذهابِ مِنَ الصَّفا إلى الـمروةِ.
وبَقِيَ مِن أركانِ الـحجِّ الـحلقُ أو التقصيـرُ والـحلقُ أفضلُ للذكرِ والتقصيـرُ لغيـرِه وأقلُّهُ إزالةُ ثلاثِ شعراتٍ من رأسِ الـمُحرِمِ بنحو حلقٍ ونتفٍ. وكذلك يُفتَـرَضُ التـرتيبُ بتقديـمِ الإحرامِ على كلِّ الأركانِ السابقة وتقديـمِ الوقوفِ على الطوافِ والـحلقِ وتقديـمِ الطوافِ على السَّعْيِ إن لـم يفعله بعد طواف القُدومِ فلا يُعتَدَّ بـما قُدِّمَ على مـحلِّهِ. ولا تـرتيبَ واجبٌ بيـن إزالة الشعَرِ والطوافِ لكن يُستحب أن يـرمِيَ العقبةَ ثـم يـحلِقَ ثـم يطوفَ.