الأحد ديسمبر 22, 2024

سؤال: هل يُستحسن التوسل برسول الله عليه الصلاة والسلام؟

الجواب: نعم يُستحسن التوسل بذات رسول الله عليه الصلاة والسلام في حياته وبعد وفاته لا فرق لأن الخالق في الحالين هو الله وليس الرسول، ثم إن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلّون كما ثبت في الحديث الشريف، رواه البيهقي.‏

والله تعالى قال في كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابتَغُوا إِلَيهِ الوَسِيلَةَ) (المائدة، 35)، ‏ والوسيلة من حيث اللغة هي القربة قاله ابن عباس، رواه ابن جرير في تفسيره، وهي هنا القربة إلى ‏الله تعالى.

وقال ابن جرير كذلك: والوسيلة هي الفعيلة‎ ‎من قول القائل‎ ‎توسلت إلى فلان بكذا بمعنى ‏تقرَّبت إليه.

وقال ابن منظور في لسان العرب:

الوسيلة المنزلة عند المَلك، والوسيلة الدرجة، والوسيلة القربة. ‏

وقال: والوسيلة الوصلة والقربى وجمعها الوسائل، قال الله تعالى: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ‏ربهم الوسيلة) (الإسراء، ٥٧).

وقال‎ ‎الجوهري:‏‎

‎الوسيلة ما يُتقرب به إلى الغير، والجمع الوسل والوسائل. والتوسيل ‏والتوسل واحد.
وفي حديث الأذان: اللهم آت محمداً الوسيلة، هي في الأصل ما يُتوصل به إلى الشيء ‏ويُتقرب به، والمراد به في الحديث القرب من‎ ‎الله تعالى‎ .‎اهـ أي القرب المعنوي بلا كيف لاستحالة القرب الحسي على الله.

وقد ثبت في الحديث التوسل إلى الله بالعمل الصالح، ومن المعلوم أن الأنبياء أفضل من أعمالهم لأن ‏الأنبياء خير خلق الله تعالى، فإذا كان يجوز التوسل بالأعمال الصالحة فبالأولى يجوز التوسل بذوات ‏الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.‏
ثم إن التوسل بذات النبيّ مما علّمه عليه الصلاة والسلام للصحابة الكرام رضي الله عنهم بنص ‏حديث (أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد).. و(يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي)، والحديث رواه أحمد بن ‏حنبل من يدّعي أتباع ابن تيمية الضال أنهم يتبعونه.‏

ثم هناك ما رواه البخاري في الأدب المفرد من استغاثة ابن عمر بالنبيّ حين خدرت رجله ‏قال (يــــا مـحـمـد) فعافاه الله، وأتباع ابن تيمية يكفرون من يفعل ذلك، فهل كفر عبدالله بن عمر رضي الله ‏عنه؟ وهل كفر البخاري؟

وفي كتب الفقه الحنبلي ومنها الإنصاف للمرداوي أن الإمام أحمد قال إنه يُستسقى بالنبي في ‏الدعاء لنزول المطر؛ بل قال احمد يُستسقى بمن هو من صالحي هذه الأمة كصفوان بن سليم كما نقل الحافظ الزبيدي، فهل كفر أحمد بن حنبل وهل كفر فقهاء المذهب الحنبلي؟

واقرأوا حديث مسند الإمام أحمد ونصه:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن أحمد بن حنبل حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ ‏حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى جَعْفَرٍ الْمَدِينِىِّ قَالَ سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ ‏أَنَّ رَجُلاً ضَرِيراً أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَأَنْ يُصَلِّىَ ‏رَكْعَتَيْنِ وَأَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صل الله عليه وسلم نَبِىِّ الرَّحمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى ‏أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّى فِى حَاجَتِى هَذِهِ فَتُقْضَى وَتُشَفِّعُنِى فِيهِ وَتُشَفِّعُهُ فِىَّ. قَالَ فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَبَرَأَ، انتهى. ‏
فهل كان الرسول يُعلّم الناس ما حرّم الله؟ وهل قال الرسول إن هذا الحديث ملغى توقفوا عن العمل به؟، سبحان ‏الله‎.

ثم يقال لأتباع ابن تيمية الضالّ، اعلموا أن شيخكم روى حديث ابن عمر قال: (يــــا مـحـمـد) استغاث ابن ‏عمر بالنبي، ذكره ابن تيمية في كتاب له سماه -الكلم الطيب- وأنتم تكفّرون من يقول ذلك، ومع هذا ‏تسمون شيخكم الضال “شيخ الإسلام”، وهذا تناقض عجيب لا خلاص لكم منه إذا بقيتم على فسادكم.