الجمعة أكتوبر 18, 2024

هل هناك من علاقة بين كسب محبة الناس ومودتهم وبين الإصغاء أو الاستماع إليهم؟

الجواب: أجل.

لو حصل أن التقى المرء شخصاً ودخل معه في حديث وتجاهل ما يقوله الشخص الآخر بأن كان لم يستمع إليه جيداً، فما هو الشعور الذي يتولد في هذا الشخص الآخر؟ بلا شك إنه لا يسر به لا ينجذب إليه. وليجرب أيضاً أن يلتقي شخصاً آخر ويدخل معه في حديث وليستمع جيداً ما يقوله الشخص فلا يقطعه إلا أن خشي أن يأتي في كلامه مفسدة يتوقعها من سياق الخطاب فيسبقه بالحجة لينبهه ثم يسكت.

إن شعور الشخص في هذه الحالة يختلف تماماً عن شعور الشخص في الحالة الأولى، وإنه هنا يسر بمستمعيه وينجذب إليه ويحبه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كلمه أحدهم يلتفت إليه بكليته ولا يوليه جانب وجهه.

من هنا يظهر أن الخطيب والمعلم ينبغي أن يهتما بتركيز نظراتهما وتوجيه كلامهما إلى من يصغي إليهما من الحاضرين. تصور أنك دعيت إلى خطاب في جمع، وكان هذا الجمع غير مستمع إليك منشغلا بغير خطابك، فهل تتشجع في الخطابة؟ وتنجذب إلى مستمعيك؟ وهل تثني عليهم؟ بحسب العادة، لا تفعل، والانطباع الذي يرتسم عندك أنهم غير مشجعين لك على الخطابة لأنهم لا يلتزمون الإصغاء.

وهنا نذكر قول العلماء: إنه ينبغي لطالب العلم أن يكون مقبلا بقلبه ووجهه.

والإضغاء ليس مسألة صعبة بل هو عادة تكتسب بمجاهدة النفس ليتحول بعد ذلك فنا يعتمد على إتاحة الفرصة الكافية للمحدث لأن يتحدث أو أن يبدي أفكاره أو آراءه ووجهات نظره المبنية على أساس الإنصاف، ويعتمد على الإنصاف بإرادة الصبر على الصمت وعدم مقاطعة الطرف الآخر في حديثه ما لم تدع حاجة حتى يتمه أو حتى يتم القسم أو الفكرة التي يعطينا بعدها الإذن للتحدث ما لم تدع حاجة إلى مقاطعته خشية مخالفته الحق فنورد له الحجة حتى ينتبه للحق.

وفقدان فن الإصغاء والاستماع لما هو خير ونافع من الامر غير المطلبة في مجتمعاتنا، فقد يصادف أن يحضر المرء مجلساً فيجد فيه أكثر من شخص يتحدثون ويبدون الرأي والتعليق في نفس اللحظة وبذلك يتحول المجلس إلى مقاطعات كلامية فوضوية لا يستند فيها إلى أدلة ولا يتوصل منها إلى نتائج فتفوتك فائدة المجلس.

والإصغاء لما فيه نفع وفائدة لا يؤدي على تنظيم المحادثة بين شخصين أو طرفين فحسب بل بالإضافة إلى ذلك هو تقدير واحترام للشخص الآخر، الأمر الذي من شأنه كسب المرء لمحبة الناس ومودتهم.

فأن تصغي لمحدثك هذا يعني أنك تشعر بأهميته.