نَصِيحَةٌ لِلأَهْلِ
قَالَ الْإمَامُ الْهَرَريُّ t: «الشَّخْصُ الّذِي يعمَلُ فِي الدّعوَةِ أَهْلُهُ إِنْ أَعَانُوهُ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ لَهُمْ مِثْلُ أَجْرِهِ لِأَنَّ الرَّسُولَ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا»، الَّذِي يَذْهَبُ لِقِتَالِ الْكُفّارِ فِي سَبِيلِ اللهِ يَبْذُلُ نَفْسَهُ رُوحَهُ مِنْ أَجْلِ اللهِ يَقُولُ إِمَّا أَنْ أُقْتَلَ وَإِمَّا أَنْ أَعُودَ، هَذَا أَجْرُه عَظِيمٌ عندَ اللهِ فِي الآخِرَةِ. هَؤلَاءِ الّذِينَ يُقَاتِلونَ الكُفَّارَ لدِينِ اللهِ، اللهُ تَعَالَى هَيَّأَ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ درَجةٍ، بَيْنَ دَرَجَةٍ وَدَرَجَةٍ خَمْسُمِائَةِ سَنَة، هَذَا لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ. هَذَا الْـمُجَاهِدُ الّذِي أجْرُه إِلَى هَذَا الْحَدِّ العظيمِ، الَّذِي يُسَاعِدُه، يُعْطِيهِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلْجِهَادِ كَأَنَّهُ غَزَا بِنَفْسِهِ، لَهُ أجْرٌ عَظِيمٌ، كذلك الَّذِي يُعَلِّمُ عِلْمَ الدّينِ علمَ أهلِ السُّنَّةِ لَهُ أَجْرٌ عَظيمٌ عِنْدَ اللهِ وَالَّذِي يُسَاعِدُه أَجْرُهُ عَظِيمٌ، الْيَوْمَ أَفْضَلُ الْجِهَادِ هُوَ إِحْيَاءُ عِلْمِ أَهْلِ السُّنَّةِ، لَأنَّهُ بِسَبَبٍ قِلَّةِ مَنْ يَفْهَمُ عِلْمَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَثُرَ الْـمُفْسِدُونَ وَأَثَّرُوا فِي النَّاسِ، وَإِلَّا لَوْ كَانَ عِلْمُ أَهْلِ السُّنَّةِ مُنْتَشِرًا فِي النَّاسِ مَا وَجَدُوا مَنْ يَتَّبِعُهُمْ فِي هَذِه الْبِلَادِ».
وَقَالَ t: «وَالَّذِينَ يَعْمَلُونَ لِنَشْرِ هَذَا يُرْجَى لَهُمْ دَرَجَةُ الشَّهَادَةِ وَلَوْ مَاتُوا عَلَى فِرَاشِهِمْ، قَالَ الرَّسُولُ ﷺ: «الْـمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي فَلَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ». فَيَا فَوْزَ مَنْ تَعَلَّمَ هَذَا وَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ وجَدَّ فِي ذلِكَ واجْتَهَدَ، وقَدْ تَحَقَّقَ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ فَإِنَّهُ فِي هذا الزَّمَنِ كَثُرَ مَنْ يُحَرِّفُوْنَ سُنَّةَ رَسُولِ اللهِ، أَيْ: شَرِيعَتَهُ العَقِيدَةَ وَالْأَحْكَامَ أضَاعُوا ذلِك تَمَسَّكُوا بِآرَائِهِمْ ويَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى ذلِكَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْهُمْ. وَالَّذِينَ يُعَاكِسُونَ أَوْلَادَهُمْ وَأَزْوَاجَهُمْ مِنَ السَّعْيِ فِي ذَلِكَ فَقَدْ حُرِمُوا خَيْرًا كَثِيرًا وَيَلْحَقُهُمْ ذنبٌ كَبِيرٌ؛ لأَنَّ عقيدَةَ أهلِ السُّنَّةِ هِيَ أصْلُ الإسلَامِ، فَمَنْ فَاتَتْهُ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا كَبيرًا ولَا يَرضَى بِذلِكَ لنَفْسِهِ مَنْ عرَفَ قَدْرَ الآخِرَةِ. وَقَوْلُ الرَّسولِ ﷺ: «سُنَّتِي» أَرَادَ العَقيدَةَ والأَحْكَامَ لَيْسَ السُّنَنَ النَّوَافِلَ وَإِنْ كَانَتْ النَّوَافِلُ لَهَا شَأْنٌ عَظيمٌ فِي الدِّينِ».