قد صحَّ أن نوحًا أول الرسل إلى أهل الأرض، أي: بعد حدوث الكفر بين البشر، وليس معناه أنه لم يكن قبله نبيّ ولا رسول؛ بل كان آدم نبيًّا رسولًا، كما يشهد لنبوته الحديث الذي حسّنه الترمذيّ: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبيّ يومئذٍ آدم فمن سواه، إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر»([1]). فقد كان الناس قبل قوم نوح عليه السلام على الإسلام يعبدون الله تعالى لا يشركون به شيئًا، ولا يعرفون أوثانًا أو أصنامًا، وكانوا مسلمين مؤمنين مقرّين بوحدانية الله عزَّ وجلَّ.
ومما يدلّ على أنَّ الناس كانوا مسلمين قبل قوم نوح، لا يعرفون الوثنية والإشراك قول الله تعالى في بيان أسباب بعثة الرسل عليهم السلام: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّـهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213]، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية الكريمة أنه قال: «كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشّرين ومنذرين» ([2]).اهـ.
[1])) سنن الترمذيّ، الترمذي، باب: في فضل النبيّ ﷺ، (5/587)، رقم 3615.
[2])) الجامع لأحكام القرآن، القرطبيّ، (3/30).