السبت ديسمبر 21, 2024

المبحث التاسع

نفي الوهابية لنبوة آدم وشيث وإدريس عليهم السلام وتكفيرهم لحواء رضي الله عنها

قال المؤلف جزاه الله خيرًا:

الوهابية تدّعي([1]) أنّ آدم وشيثًا وإدريس عليهم السلام ليسوا أنبياء.

وهذا سُخفٌ من القول عجيب، فمن المعلوم أنّ سيدَنا آدم u أول البشر قد أرسله اللهُ تعالى إلى زوجته حواء وأولادهما ليعلّمهم دين الحق دين الإسلام، وكان u جميل الصورة والصوت، منتصب القامة مغَطّى العورة يرتدي الملابس التي حاكتها له السيدة حواء التي تعلّمت هي وزوجها سيدنا آدم عليهما السلام أصول المعيشة على يد سيدنا جبريل u.

ومن الكفر كما هو معلوم في دين الله إنكار نبوّة نبيٍّ مُجمَعٍ على نبوّته كموسى وعيسى وإبراهيم وآدم عليهم السلام، أما نبوة آدم فقد اتفق المسلمون وأجمعوا عليها. ففي كتاب «الفرق بين الفِرَق» في سياق ذكر ما أجمع عليه المسلمون([2]) «وأوّل الرسل أبو جميع البشر وهو آدم u».

وقال رسول الله ﷺ: «أنا سيدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فخرَ، وبيدي لواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما مِنْ نبيٍّ يومئذٍ آدمَ فَمَنْ سواهُ إلا تحتَ لوائي، وأنا أولُ مَن تنشقُّ عنه الأرضُ ولا فخر» الحديث([3]).

وفي كتاب «شرح الفقه الأكبر»([4]) «الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلّهم أي جميعهم الشامل لرسلهم مشاهيرهم وغيرهم أولهم آدم عليه الصلاة والسلام، على ما ثبت بالكتاب والسُّنَّة وإجماع الأمة، فما نُقلَ عن بعض من إنكار نبوّته يكونُ كفرًا».

 

وفي قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} الآية [المائدة: 27] دليل على رسالة آدم وأنّ أبناءَه كانوا على شريعةٍ أُنزلَت على أبيهم، وفي الحديث الصحيح([5]): «لا تُقتَلُ نفسٌ ظلمًا إلا كان على ابنِ آدمَ الأولِ كِفلٌ من دمِها»، دليلٌ أيضًا، لأنه لو لم يكن مرسَلًا إلى أبنائِه لم يكونوا مكلّفين، فلم يكن يُكتَب على ابنِ آدمَ الأولِ ذنب.

وقد أخبر اللهُ تبارك وتعالى في كتابه بفضل البشر ولو كان أوّلهم آدم وأبناؤُه عائشين بغيرِ شريعةٍ يعملون بها لكانوا كالبهائم ليس لهم ذلك الفضل الذي ناله أبوهم بإسجاد الملائكةِ له.

أما الحديث([6]) الذي فيه: «أنّ الناسَ يَأتونَ نُوحًا يَومَ القِيَامَةِ فَيَقُولونَ: أنتَ أوّلُ الرسلِ إلى أهلِ الأرض»؛ فمعناه: أنه أولُ رسولٍ أُرسِلَ إلى قبائل متعددة، لأنّ مَن كان قبلَه لم يكونوا كذلك، دلّ على ذلك كلمة «إلى أهلِ الأرْضِ».

 حتى السيدة حواء رضي الله عنها لم تَسْلَمْ من شرِّهم – أي الوهابية – فإنهم يكفِّرونها، كما ذكر القنوجي في كتابه المسمّى «الدين الخالص»([7])، يقول القنوجي «الصحيح أنّ الشرك إنما وقع من حواء فقط دون آدم». وبهذا تكون الوهابية جعلت البشر أولاد زنى والعياذ بالله!!!!!

 

 

[1])) مُحمد بن عبد الوهاب، حاشية ثلاثة الأصول، ص88، 89، عبد الله بن زيد آل محمود، الكتاب المسمّى الإيمان بالأنبياء بجملتهم، ص15.

[2])) البغداديّ، الفرق بين الفرق، ص342.

[3])) الترمذي، سنن الترمذيّ، كتاب المناقب، باب: في فضل النبيّ r، ج5، ص308.

[4])) ملا علي القاري، شرح الفقه الأكبر، ص126.

[5])) البخاري، صحيح البخاريّ، كتاب أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم صلوات الله عليه وذريته، ج4، ص162، رقم 3335.

[6])) البخاريّ، صحيح البخاريّ، كتاب التفسير، باب {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} [الإسراء: 3]، ج6، ص105.

[7])) مُحمد صديق حسن القنوجي، الكتاب المسمّى الدين الخالص، ج1، ص16.