نعشق سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَّ ولا ندَّ له، وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وحبيبه، صلّى الله وسلّم عليه وعلى كلِّ رسول أرسله. الصلاة والسلام عليك سيّدي يا رسول الله، سيّدي يا حبيب الله يا أبا الزهراء يا أبا القاسم يا محمّد ، أدركنا يا رسول الله.
أما بعد عباد الله أحباب محمّد، فإنّي أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليّ العظيم . قال الله تعالى في كتابه المعجزة الكريم :{يا أيها النبيّ إنا أرسلناك شاهدًا ومبشّرًا ونذيرًا * وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا * وبشّر المؤمنين بأنّ لهم من الله فضلاً كبيرًا} (سورة الأحزاب 45-46-47).
وكلامنا اليوم بإذن الله ربِّ العالمين عن حُبِّنا لمن أقسم الله تعالى بحياته ، فقال عزّ من قائل: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} (الحجر/ 72).
محمّد تحنّ إليه الأفئدةُ وتقرُّ به العيون وتأنسُ به القلوب، فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور وعمله نور، إن سكت علاه الوقار وإن نطق أخذ بالقلوب والبصائر والأبصار.
إني عشقت محمّدا قرشيّا |
| حبًّا يفوق محبّتي أبويا |
وكيف لا أحب محمّدًا ، فهو الذي كان يجالس الفقراء والمساكين والعبيد والإماء ويعودهم ويزورهم ويتفقّد حالهم ويشهد جنائزهم.
وكيف لا أحب محمّدًا وكلامه بيِّن ظاهر يفصل بين الحقِّ والباطل، يرضى بِما يرضاه القرءان، ويتأدّب بآدابه ويتخلّق بأخلاقه ويلتزمُ أوامره، ولا يغضب لنفسه إلا إذا ارتكبت محارم الله، فإذا انتهكت محارم الله، كان أشدّ الناس غضبًا لله.
وكيف لا أحب محمّدًا وهو أكثر الناس حياءً وأدبًا مع ربّه ولا يقول في حالة الرضا والغضب إلا الحقّ قطعًا لعصمته، فإنه معصومٌ لا ينطق إلا بالحقِّ، وكان يعظ الناس ، أي يخْطُبُهم بالجدِّ والاجتهاد ويذكّرهم بآيات الله ويخوِّفهم من عقابه، فكان إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوتُه واشتدَّ غضبُه حتى كأنّه مُنْذِرُ جيشٍ أيْ قومٍ يُصبِّحُهم عدُوُّهم ، وكان إذا سُرَّ استنار وجهه من السرور بدرًا أي قمرًا كاملاً .
وكيف لا أحب محمّدًا وهو :
حين يرحم فهو أشفق راحم |
| أو جاد كان الأجود العربيّا |
وكيف لا أحب محمّدًا وهو الذي يختصّ بالشفاعة العظمى لأنها لا تختصّ بأمّته فقط بل ينتفع بهذه الشفاعة غير أمّته من المؤمنين ، يومها من الناس من يقول بعضهم لبعض : تعالوا لنذهب إلى أبينا ءادم ليشفع لنا إلى ربِّنا، فيأتون إلى ءادم يقولون يا ءادم أنت أبو البشر خلقك الله بيده (أي إنه له عناية بك) وأَسْجَدَ لك ملائكته فاشفع لنا إلى ربِّنا، فيقول لهم: لستُ فلانًا (معناه أنا لستُ صاحب هذه الشفاعة) اذهبوا إلى نوح ، يأتون نوحًا فيطلبون منه ثمّ يقول لهم: إيتوا إبراهيم فيأتون إبراهيم، ثمّ إبراهيم يقول لهم لستُ فلانًا (معناه لستُ صاحب هذه الشفاعة)، فيأتون سيّدنا موسى فيقول لهم لستُ فلانًا، فيقول لهم إيتوا عيسى، فيقول لهم لستُ فلانًا ولكن اذهبوا إلى محمّد، فيأتون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيسجد النبيّ لربِّه فيُقال له: ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تُعطَ .
وكيف لا أحب محمّدًا وهو القائل صلى الله عليه وسلم: “من رءاني في المنام فسيراني في اليقظة” .
وقد ورد بالإسناد المتصِل أنّ رجلاً كان في عصر السلف أي في وقتٍ قريبٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نحو مائة وخمسين سنة يُسمّى الحسن بن حيّ هذا كان من العلماء العاملين من أهل الحديث الأتقياء وله أخٌ مثله، هذا الحسن بن حي لَمّا كان على فراش الموت سَمِعه أخوه يقرأ قول الله تعالى : {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا} (سورة النساء 69) . وكان بجانبه أخوه، فقال له: يا أخي تتلو تلاوةً أم ماذا ؟ قال: لا ، أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم (وهو في قبره) يضحك إليّ ويبشّرني بالجنة وأرى الملائكة وأرى الحور العين .
فالوعد الذي ورد في الحديث: “فسيراني في اليقظة” فإنه يراد به الرؤية في الدنيا قبل الموت، يعني من رأى رسول الله محمّدًا في المنام فذلك بشرى له بأنه يموت على الإيمان .
اللهمّ ارزقنا رؤيته في المنام هذه الليلة وفي كل ليلة وعند الموت يا ربّ العالمين ، يا أرحم الراحمين يا الله .
هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية: التحذير من كذبة أوّل نيسان .
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدًا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كلّ رسول أرسله .
أما بعد عباد الله فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العليِّ العظيم القائل في كتابه المعجزة الكريم :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ
ويقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :” وإيّاك والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرّى الكذب حتى يكتب عند الله كذّابا ” .
إخوة الإيمان إنّ الكذب الذي حرّمه الشرع يوصل الإنسان إلى الفجور ، إلى الفساد والشرور وقد حذّر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الكذب في كثير من الأحاديث لذلك نحذّركم إخوة الإيمان ممّا يسمّيه بعض الناس ” كذبة أوّل نيسان ” فالكذب الذي حرّمه الشرع هو حرام في أوّل نيسان وفي غيره من الأيام، كما أنّ هذا الكذب يحصل بسببه في كثير من الأحيان ترويع للمسلم فيقول له الكذّاب مثلاً ” ( إنّ ابنك مات، أو حصل مع زوجتك كذا ) فيروّعه يخيفه والعياذ بالله تعالى، أحبابنا ليعلم أنّ الكذب لا يصلح في جِدٍّ ولا في هزل ولو كان مقصد إضحاك الحاضرين ولو لم يكن فيه إيذاء للناس فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إني لأمزح ولا أقول إلا حقًّا . كما ونحذِّركم من قول بعض الناس : الكذب ملح الرجال .
اللهمّ احفظنا من الكذب والحرام يا أرحم الراحمين .
واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ ]إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا[ اللّـهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدَنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: ]يا أيها الناس اتقـوا ربكـم إنّ زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد[، اللّـهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فاستجبْ لنا دعاءَنا فاغفرِ اللّـهُمَّ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا اللّـهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ اللّـهُمَّ اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ اللّـهُمَّ استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنّا شَرَّ ما نتخوَّفُ. عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون .اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.