السبت سبتمبر 7, 2024
      • نصيحةٌ لكلِّ مهمومٍ ومكروبٍ ووصيّةٌ لكلّ مُبتلى ومُصاب

        الحمدُ لله والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله

        نصيحةٌ لكُلِّ مهمومٍ ومَكْروبٍ ووصيّةٌ لكلِّ مُبْتَلى ومُصاب لا يزالُ لسانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ الله. فَبِذِكرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القلوب وتنالُ الثّوابَ الجَزيلَ والخيرَ في الدّنيا والآخرة.

        وإنَّ مِنْ أعْظَمِ الأذْكارِ وأجَلِّها الصّلاةَ على الحبيبِ المصطفى صلَواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه. فهيَ سببٌ في الأُنْسِ وكِفايةِ الهَمِّ، بها تَنزِلُ الطُّمَأنينةُ على القلوبِ وبها تتَّسِعُ وَتَنْشَرِحُ الصّدور.

        فقدْ قالَ رجلٌ للنّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إنْ جعلْتُ صلاتي كلَّها عليك (يعني أصْرِفُ بِصلاتي عليكَ جميعَ الزّمَنِ الذي كُنتُ أدْعو فيه لِنَفْسي) فقالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم للرّجلِ: إذًا يَكفيكَ اللهُ تباركَ وتعالى ما أهَمَّكَ مِنْ دُنْياكَ وآخِرَتِكَ” رواهُ الإمامُ أحمد.

        وحتّى ننالَ يا أحبابَنا مِنْ أسرارِ وبرَكاتِ الصّلاةِ على النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم فلا بُدَّ أنْ نَلْفِظَها ونَكْتُبَها بِشَكلٍ صحيحٍ مُوافِقٍ لِلُغةِ العرَبِ وللشّرْعِ الحَنيفِ، فلا يجوزُ أنْ يُقالَ اللهمَّ صلّي بالياءِ لأنَّ هذاخِطابٌ بصيغةِ التّأنيثِ ولا يَصِحُّ أنْ يُخاطَبَ اللهُ تعالى به، بلْ نحنُ ندعو اللهَ بصيغةِ المُذَكّرِ مِنْ بابِ التّعظيمِ وليسَ مِنْ بابِ وَصْفِهِ بالذُّكورةِ. فاللهُ تعالى هوَ خالقُ الذُّكورِ والإناثِ وهو عزَّ وجلَّ لا يُشْبِهُ خَلْقَهُ بِأيِّ وَجْهٍ منَ الوُجوهِ فلا يوصَفُ بِصِفاتِهِم.

        اللهُمَّ صلِّ صلاةً كاملةً وسلِّمْ سلامًا تامًّا على سيّدِنا محمّدٍ وعلى آلِهِ  وأصْحابِهِ الطّيّبينَ الطّاهرينَ،والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.

        ———

         

        معنى الأَذانِ مع ذكرِ فائدة مهمة جدًّا في العقيدة

        أصلُ الأَذانِ في اللغةِ الإعْلان. اللهُ تبارَكَ وتعالى يقولُ في القرآنِ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فاشْتِقاقُهُ منَ “الأَذَن”.

        “الأَذَن” يعني الاسْتِماع، ((ليسَ الأُذُن))، الأَذَنُ غير الأُذُنِ. اشْتِقاقُ الأَذانِ منَ الأَذَنِ.

        لذلكَ الشخص قدْ لا يَنْتَبِه إلى هذه الكلمة ورَدَتْ هيَ في حديثٍ صحيحٍ فَهِمَهُ إنسانٌ عقيدَتُهُ فاسِدة، فقالَ “اللهُ لهُ أُذُنٌ” جعَلَ للهِ أُذنًا، وهذا والعِياذُ باللهِ تشْبيهٌ للهِ بِخَلْقِهِ.

        ما ورَدَ يا أحْبابَنا إطْلاقُ الأُذُنِ على اللهِ لا في القرآنِ ولا في الحديثِ ولا منَ الصّحابةِ، والذي يقولُ للهِ أُذُنٌ ولوْ قالَ ليستْ كآذانِنا لا يَنْفَعُهُ، هذا مُشَبِّهٌ شبَّهَ اللهَ بِخَلْقِهِ.

        أهل السُّنّةِ والجَماعةِ وإمامُهُمْ أبو الحسَنِ الأشْعَريّ رضيَ اللهُ عنهُ وغيرُهُ مِنْ تلاميذِهِ كانوا يقولونَ “أسماءُ اللهِ توْقِيفِيّة، صِفاتُ اللهِ توْقِيفِيّة، ما أطْلَقَهُ اللهُ على نفْسِهِ أطْلَقْناهُ عليه وما لا فَلا”.

        إذا ربُّنا أطْلَقَ على نفْسِهِ صفة في القرآنِ أو نَبِيُّهُ أطْلَقَ عليه صفة في الحديثِ أو الأُمّة أجْمَعَتْ على جَوازِ إطْلاقِ صفة على اللهِ عِنْدَئِذٍ نُطْلِق على الله، وإلّا لا يجوزُ لنا أنْ نَأْتِي مِنْ عِنْدِ أنْفُسِنا ونقولُ اللهُ كذا اللهُ كذا.

        هذا الرّجل الذي قلتُ لكمْ عنهُ كانَ يَحْفَظُ القرآنَ بالقِراءاتِ العَشرِ. القرآن فيه سبْع قراءات مُتَواتِرة، وفيه قراءات أخْرى ليست مُتواتِرة. هذا الرّجل كانَ يَحْفظُ القرآن بالقراءاتِ العَشرِ ولكنَّهُ ما تَعَلَّمَ العقيدةَ، ما تَعَلَّمَ ما يجبُ للهِ وما يسْتَحيلُ عليه وما يجوزُ في حقِّهِ، ما تَعَلَّم.

        فمرَّ على حديثٍ في البُخاريّ الرّسولُ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يقول “لَلَّهُ أشَدُّ أَذَنًا” أي أقْوَى اسْتِماعًا. هو ماذا قرأَها؟ لَلَّهُ أشَدُّ أُذُنًا. غَيّرَ المعْنى تمامًا فوصَفَ اللهَ بالأُذُنِ فخَرَجَ منَ الدّينِ والعِياذُ بالله.

        وقالَ الأوْزاعيُّ الإمامُ الكبيرُ: “الأَذَنُ أي الاسْتِماعُ”. “لَلَّهُ أشَدُّ أَذَنًا” أي أقْوَى اسْتِماعًا مِنْ قارِئٍ للقرآنِ يَقْرَأُهُ بِصوْتٍ جميلٍ مِنْ صاحبِ القَيْنَةِ إلى قَيْنَتِهِ، هذا معنى الحديث.

        فهذا الرّجلُ والعِياذُ باللهِ شبَّهَ اللهَ بِمَخْلوقاتِه.