السبت مايو 18, 2024

نحن نعلّم الناس الأصل الذي كان عليه الرسول والصّحابة

العناوين الداخلية:

  • بشرى للشهيد.
  • قبض روح المؤمن التقيّ.
  • موت سيدنا سليمان وما جرى من أعاجيب.
  • كيف يصير المؤمن وليّاً؟
  • العالم صنفان: حجم كثيف وحجم لطيف.
  • الله خالق الجهات الست ولا يسكن فيها.
  • الله ليس جالساً على العرش.
  • تكفير الوهابية لأهل السنة المنزّهين.

بشرى للشهيد:

قال شيخنا المحدث الشيخ العلامة عبد الله الهرريّ رحمه الله:

الحمد لله رب العالمين، وسلام الله ورحمته وبركاته على سيدنا محمد وعلى آله الطيبيين الطاهرين، أما بعد:

فقد قال رسول الله ﷺ: “ما من نفس تموت لها عند الله خير تحب أن ترجع إلى الدنيا ولو أن لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يحب أن يرجع فيها ويقتل مرة أخرى لما يرى من كرامة الشهادة” معنى الحديث: المؤمن الذي له عند الله درجة عالية إذا مات، بعد الموت لا يحب الرجوع إلى الدنيا، ولو قيل له: خذ الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا ويقتل مرة أخرى في سبيل الله لما يرى من كرامة الشهادة أي فضل الشهادة في سبيل الله.

قبض روح المؤمن التقيّ:

المؤمن التقيّ قبل أن تفارق روحه جسده تأتيه ملائكة الرحمة، هو يراهم ويسمع كلامهم، أما الذين عنده لا يرونهم ولا يسمعون كلامهم، هو يسمع من ملائكة الرحمة يقال له: السلام عليك يا ولي الله، يا ولي الله معناه: يا حبيب الله، لما يسمع هذه الكلمة يمتلئ سروراً، يذهب عنه خوف الموت، ويذهب عنه الخوف من القبر، يحب أن تفارق روحه الدنيا بسرعة لأنه سمع تبشير الملائكة، كذلك عزرائيل يبشره، لذلك يحب الخروج من الدنيا ولا يخاف من القبر، وذلك لأن هؤلاء ملائكة الرحمة منظرهم يفرح، وجوههم كالشمس، بعض الناس يأتيهم من ملائكة الرحمة عدد كثير، وبعض الناس أقل، ثم بعض الناس الأتقياء يرون رسول الله، الله يرفع عنهم الحجاب من هنا إلى المدينة، كل هذا يصير عندهم كالزجاج، يرون الرسول، الرسول يضحك إليهم ويبشرهم، بعد هذا لا يبقى في روحه شيء من الفزع، من الموت والقبر. وهذا مع أن هذا المؤمن التقي يقاسي الم سكرات الموت، سكرات الموت ألمها شديد، أصعب ألم يمر على الإنسان في حياته هو ألم سكرات الموت، ومع هذا، هذا المؤمن التقي وهو يقاسي سكرات الموت عندما تأتي ملائكة الرحمة قلبه يمتلئ فرحاًً.

 

موت سيدنا سليمان وما جرى من أعاجيب:

ثم إن بعض الناس المؤمنين يموتون فجأة أي من غير أن يمرضوا وهم عند الله لهم درجات عالية، سيدنا نبي الله داود مات فجأة من غير مرض من غير أن يلزم الفراش من المرض قبض الله روحه، كذلك ابنه سليمان مات فجأة، هو سليمان عليه السلام كان لما يصلي ينبت في مصلاه شجرة، فيقول لها: “لِمَ خُلقت؟” فتقول أنا لكذا وكذا خلقت، الدواء الذي فيها تذكره، مرة أخرى نبتت هذه الشجرة في مصلاه فقال لها: “لم خُلقتِ”؟ فقالت: خُلقتُ لخراب هذا البيت! كان هو يقهرهم- الله أعطاه سراً رؤوس الشياطين المردة يطيعونه مع كفرهم، قسم منهم يبنون لهه أبنية، وقسم منهم يخرجون له الجواهر من البحار، يشغلهم بأشغال صعبة، وإذا خالفه أحد منهم الله ينزل به عذاباً يهلكه، لذلك كانوا يعملون له أعمالاً شاقة- طلب من الله أن يخفي موته عن الجن، وكان مرة قائماً يصلي متكأ على عصاه، فمات، قبض الله روحه وهو واقف، بقي سنة وهو ميت والجن لا يعلمون بذلك، كانوا يعملون الأعمال التي هو كلفهم بها، ما شعروا بموته، ثم بعد سنة دويبة صغيرة يقال لها: الأرضة أكلت العصا، أكلت عصاه، فوقع فعرف الجن أنه مات! ثم الجن شكروا هذه الحشرة، صاروا يأتونها بالماء لما تبني بيتها على سقوف الخشب لتبلّ التراب الذي هي تبني به البيت، فرحاً بما فعلت. هذه الحشرة معروفة في بلاد العرب تأكل الكتب والسقف الخشبيّ تنخره، أي شيء هو خشب تبني عليه بيتها.

كذلك كثير من الناس يموتون وهم ساجدون في الصلاة، وبعض وهم واقفون، وبعض وهم يمشرون، وبعض وهم يضحكون مع الناس، ليس كما يقول بعض الناس: من مات فجأة عليه غضب الله! الوليّ يموت فجأة، والكافر الفاجر يموت فجأة، هذه ليست علامة على غضب الله وعلى أن الميت لا خير عند الله، والصالحون كثير منهم يُشدّد عليهم عند الموت، يصيبهم ألم سكرة الموت حتى يزداد أجرهم عند الله، الله تعالى يزيدهم درجات، والله يحفظهم من أن يتخبطهم الشيطان، لأن الشيطان يبذل جهده عند الموت في إغواء المؤمن لإخراجه من الإيمان إلى الكفر، الصالحون لا يؤثر فيهم إغواء الشيطان، يبقون على اليقين على الإيمان الكامل، اما بعض الناس يكفرون، من شدة الألم لا يصبرون فيكفرون، يسبون الله فيكون خُتِم لهم بسوء الخاتمة، الله يحفظنا من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت.

 

كيف يصير المؤمن وليّاً:

ثم إن المؤمن الوليّ إنما صار ولياً لأنه تعلم علم الدين العقيدة والأحكام على مذهب أهل السنة، اعتقد عقيدة أهل السنة التي كان عليها الرسول والصحابة ومن تبعهم بالاتصال إلى هذا الوقت، أما من لم يتعلم علم أهل السنة، فمهما عمل من العبادات، مهما اجتهد في العبادات لا يصير ولياً، مهما أكثر من الذكر مهما أكثر من قراءة القرآن، مهما أكثر من الحج والصدقات لا يصير وليّاً. لذلك أهم أمور الدين عقيدة أهل السنة، وهي: معرفة اله بالتنزيه ومعرفة رسوله، هذا أصل العقيدة، عقيدة الإيمان، هذا أصل عقيدة الإسلام، الله تبارك وتعالى لم يكن في الأزل غيره، قبل أن يخلق الله العالم ما كان مكان و جهة، ما كانت الجهات الست: فوق وتحت وأمام وخلف ويمين وشمال، ما كان نور ولا ظلام، والله تعالى موجود ليس لوجوده ابتداء، وما سوى الله كله لم يكن ثم كان هو خلقه، أول ما خلق الله الماء والعرش، ثم مضى زمان لا نور ولا ظلام، ما كان ليل ولا ظلام، بعد ذلك بزمان خلقهما الله، خلق الليل أولاً قبل النهار.

 

العالم صنفان: حجم كثيف وحجم لطيف:

الله خلق العالم على صنفين: صنف حجم، وصنف صفة الحجم، الحجم إما أن يكون كثيفاً وإما أن يكون لطيفاً، الضوء والريح والظلام والروح هؤلاء حجم لطيف لا ينضبط باليد، لا يحبس باليد حتى يضبط، وقسم من الحجم شيء يحبس باليد كالإنسان والحجر والشجر والنجم والشمس والقمر، كل هؤلاء حجم يحبس باليد، قبل أن يخلق الله العالم ما كان حجم لطيف ولا حجم كثيف، ثم الله جعل للحجم اللطيف والكثيف صفات، الحجم اللطيف والحجم الكثيف له مقدار، إما أن يكون شيئاً صغيراً وإما أن يكون حجماً كبيراً، وإما أن يكون بين هذا وهذا، أصغر شيء خلقه الله مما تراه العيون: “الهباء” هذا الذي يرى في ضوء الشمس لما يدخل من النافذة كالغبار، وأكبر حجم خلقه الله العرش، العرش سرير له أربعة قوائم هو أسع شيء مساحة من مخلوقات الله، فالله لا يوصف بالحجم الكبير ولا بالحجم الصغير، لأنه لو كان له حجم لكان له أمثال في خلقه، لذلك الله ليس حجماً صغيراً ولا حجماً كبيراً. كذلك الله منزه عن صفات الحجم، صفات الحجم: الحركة والسكون، الحجم إما ساكن وإما متحرك وإما متحرك وقتاً وساكن وقتاً، العرش والسموات السبع دائماً ساكنان، والنجوم دائماً متحركة، والبهائم والجن والبشر يتحركون مرة ويسكنون مرة، كذلك الحجم اللطيف: الضوء أو الظلام له حركة وسكون، الآن الليل أخذ مساحة من الفراغ ثم بعد طلوع الشمس ينزاح الظلام ويأخذ الضوء مساحته، يحل مكانه، الله لا يوصف بأنه حجم لطيف ولا بأنه حجم كثيف ولا بأنه متحرك ولا بأنه ساكن.

الله خالق الجهات الست ولا يسكن فيها:

أي صفة من صفات العالم لا تجوز على هذا المعنى الآية: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }، هذه الآية تدل على هذا المعنى، لفظها وجيز ومعناها واسع، من اعتقد أن الله هكذا عرف الله، أما من يعتقد خلاف هذا فهو لم يعرف الله. هذه الآية تنزه الله عن أن يكون متحيزاً في جهة فوق، وعن أن يكون متحيزاً في جهة تحت، فمن اعتقد أن الله متحيز في جهة فوق كالوهابية فإنهم شبهوا الله بخلقه، فليسوا عارفين بخالقهم بل هم جاهلون بخالقهم، لو كان الله متحيزاً في جهة فوق لكان له امثال كثيرة، ولو كان متحيزاً في جهة تحت لكان له أمثال كثيرة، الله تبارك وتعالى خلق الجهات الست، وجعل بعض خلقه في جهة فوق كالعرش واللوح المحفوظ، وجعل بعض خلقه في جهة تحت كالبشر والجن والبهائم، جهة فوق جعلها للملائكة، الملائكة كثيرون، أكثر الملائكة حول العرش، حافون من حول العرش محيطون به، يطوفون بالعرش كما نحن نطوف بالكعبة في مكة، هو أمرهم بذلك كما امر المؤمنين من الإنس والجن بالطواف بالكعبة، أما الله تبارك وتعالى ليس ساكناً العرش ولا الكعبة، إنما الملائكة أُمروا بأن يطوفوا بالعرش ونحن أُمِرنا بأن نطوف بالكعبة في مكة، هذا العرش الذي هو أكبر جسم الله تعالى حفظه في مكانه، لولا أن الله بقدرته حفظه هناك، كان هوى وما ثبت لحظة هناك، كذلك السموات السبع ما ثبتت لحظة لولا أن الله أمسكها بقدرته ومنعها من أن تهوى إلى أسفل، وهذه الأرض التي تحملنا هو أمسكها بقدرته وإلا لحظة وما ثبتت، كانت هوت إلى أسفل، فالله تعالى وتنزه عن أن يكون متحيزاً في جهة فوق أو في جهة تحت. فالله تبارك وتعالى هو حامل العرش والملائكة الذين يحملون العرش، هو الذي حفظهم في مركزهم، وإلا أولئك الملائكة ما ثبتوا هناك، من يمسكهم من الهوي إلى أسفل لولا أن الله أبقاهم بقدرته؟ سخافة عقل اعتقاد أن الله قاعد على العرش، العرش الله خلقه ثم حفظه في ذلك المكان فلم يهوَ إلى أسفل، هؤلاء الوهابية عقولهم سخيفة يعتقدون أن ا لله قاعد على العرش وأولئك الملائكة يحملون العرش!! ما هذه السخافة؟!! حسبنا الله ونعم الوكيل.

 

الله ليس جالساً على العرش:

ثم إن الوهابية يوردون آيات قرآنية ويفسرونها على الظاهر لا يفسرونها كما يفسرها أهل السنة والجماعة فالحذر الحذر منهم. القرآن بعض آياته لا يجوز تفسيرها على الظاهر، بل تلك الآيات لها معانٍ غير الظاهر، بعض الآيات ظاهرها أن الله في جهة فوق، وبعضها أن في جهة الأرض فلا يؤخذ بظاهر هذه ولا هذه، بل يؤخذ بهذه الآية: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } لا يغرنكم إذا قالوا لكم: { الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى } أي جلس على العرش! لا تصدّقوهم، ليس معناها جلس، بل معناها الله قهر العرش، معناه: الله قهر كل شيء، فلا يؤخذ بظاهر آية: { الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى }، ولا بظاهر آية: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ }. هذه الآية ظاهرها أن الله محيط بالعالم بذاته، بحيث أن المصلي كيفما اتجه في صلاته يكون متجهاً إلى ذات الله، الآية لا تُفسّر بهذا الظاهر بل لها معنى آخر، معناها فثم قبلة الله أي أي جهة إذا اتجهتم إليها على ظهر الفرس مثلاً في صلاة النفل، فهناك قبلتكم، المسافر يصلي الفرض على الأرض، ثم ينطلق إلى الجهة التي يريدها ويصلي على ظهر الدابة النفل راكباً إلى جهة سفره. معناه هذه قبلتكم صحت صلاتكم. فأما الفرض فؤديه الإنسان متجهاً إلى الكعبة فقط. أوصيكم بالحذر من الوهابية، ما عرفوا الله، يقولون: الله قاعد على العرش وله أعضاء، يطلع وينزل! جعلوه كخلقه.

 

تكفير الوهابية لأهل السنة المنزّهين:

ثم إنهم- أي الوهابية المجسّمة- يكفّرون المؤمنين بغير سبب عندهم، من قال: يا محمد، كافر! والذي يقول: يا رسول الله أغثني، عندهم كافر! والذي يزور قبر وليّ أو نبي عندهم كافر! والذي يعلق الحرز وفيه آيات عندهم كافر! والذي يعمل المولد عندهم كافر! الآن خفّفوا بالنسبة للمولد، كانوا يقولون: الذي يعمل ذبيحة في المولد هذا أحرم من لحم الخنزير! أما الآن لأن الناس كرهوهم لقولهم هذا خفّفوا. لكن بالنسبة لمن يقول: يا محمد، عندهم كافر! أيام الرسول كان المسلمون يقولون: يا محمد. وبعد وفاته كانوا يقولون أيضاً، حتى إن عبد الله بن عمر بعد وفاة رسول الله، رجلُهُ أصابها شلل لا تتحرك، فقال له بعض الناس: أذكر أحب الناس إليك، فقال: يا محمد، فوراً تعافى. هذا صاحب رسول الله، وكان يحبه رسول الله ومدحه، قال عنه إنه “صالح” يعني انه وليّ. هذا الصحابيّ الجليل ما كفّره أحد، هذه الوهابية الملعونة يكفرون الذي يقول: يا محمد! هم الكفار الوهابية دينهم جديد، من مائتي سنة تقريباً ظهروا في أرض تبعد من مكة نحو أ لف كيلو متر تقريباً، وحزب الإخوان دينهم جديد منذ ستين سنة تقريباً، طلع كذلك حزب التحرير من ستين سنة، طلعوا حزب التحرير يقولون: الإنسان هو يخلق أفعاله الاختيارية! إن تكلم أو مشى أو نظر إلى شيء أو فكر في شيء يقولون: هو يخلق ذلك! أهل السنة يقولون: { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } كما جاء في القرآن، الحجم هو يخلقه، وحركات الناس وسكناتهم ونطقهم ونظرهم وتفكيراتهم الله يخلقها، هكذا عقيدة أهل السنة الذين هم موافقون للقرآن والحديث. هذا الذي نعلّمه ويعلمه جماعتنا ليس شيئاً جديداً، بل هو ما كان عليه الصحابة ومن تبعهم إلى يومنا هذا، اذهبوا إلى مصر واليمن وغيرهما، وإلى باكستان وتركيا وإفريقيا، كلهم علماؤهم يقولون كما يقول جماعتنا، نحن لا نعلم الناس ديناً جديداً، نحن نعلّم الناس الأصل الذي كان عليه الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم إلى هذا الوقت. والحمد لله رب العالمين.