مِنْ عَمَلِ الصَّالِحِينَ فِي رَمَضَانَ
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلا مَثِيلَ وَلا شَبِيهَ لَهُ وَلا صُورَةَ وَلا أَعْضَاءَ وَلا جُثَّةَ وَلا جِسْمَ وَلا مَكَانَ لَهُ، خَلَقَ الْعَالَمَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، خَلَقَ الْعَرْشَ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ، جَلَّ رَبِّي فَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ صَلاةً يَقْضِي بِهَا حَاجَاتِنَا وَيُفَرِّّجُ بِهَا كُرُبَاتِنَا وَيَكْفِينَا بِهَا شَرَّ أَعْدَائِنَا وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصْحَابِهِ سَلامًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ الْقَائِلِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ وَقَالُوا الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ [سُورَةَ الزُّمَر/ 73 – 74].
اعْمَلْ أَخِي لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، اعْمَلْ لآِخِرَتِكَ، اعْمَلْ بِالطَّاعَاتِ وَتَزَوَّدْ بِخَيْرِ الزَّادِ التَّقْوَى، وَقُلْ لِلْغَافِلِ:
يَا غَافِـلاً وَلَيَالِي الصَّوْمِ قَدْ ذَهَبَتْ زَادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالْبَابِ وَابْكِيهَا
وَاغْنَمْ بَقِيَّةَ هَذَا الشَّهْرِ تَحْظَ بِـمَا غَرَسْتَهُ مِنْ ثِـمَارِ الْخَيْـرِ تَجْنِـيهَا
إِخْوَةَ الإِيْمَانِ وَالإِسْلام: رَمَضَانُ شَهْرٌ يَنْتَظِرُهُ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ أَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهُ لِيَزْدَادُوا بِالطَّاعَاتِ نِسَاءً وَرِجَالاً، فَهَذِهِ زُبَيْدَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ وَهِيَ امْرَأَةُ هَارُونَ الرَّشِيدِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمِلَتْ عَمَلاً كَبِيرًا أَجْرَتِ الْمَاءَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ إِلَى عَرَفَات، يُقَالُ لَهُ مَاءُ زُبَيْدَةَ، لَوْلا هَذَا الْمَاءُ لَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ الْحُجَّاجِ، هِيَ عَمِلَتْ ذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ، رَأَتْ مَنَامًا، فَقَصَّتْ لِمُعبِّرٍ عَالِمٍ يَعْرِفُ التَّعْبِيرَ فَقَالَ لَهَا: تَعْمَلِينَ عَمَلاً يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ فَأَجْرَتْ هَذَا الْمَاءَ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ تَحْتَ الأَرْضِ، إِلَى الآنَ هَذَا الْمَاءُ مَوْجُودٌ، فِي الْمَاضِي نِسَاءُ الْمُلُوكِ كُنَّ يَعْمَلْنَ مَبَرَّاتٍ فِيهَا خِدْمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، أَمَّا الْيَوْمَ صَارَ التَّنَافُسُ بَيْنَهُنَّ فِي بِنَاءِ الْقُصُورِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
عِبَادَ اللَّهِ: وَهَذَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ أَبِي نُعُمٍ الَّذِي كَانَ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ لَوْ قِيلَ لَهُ غَدًا يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يَزِيدُهُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنَ الطَّاعَاتِ، مَلأَ وَقْتَهُ بِالْخَيْرِ وَالنَّافِعِ وَالْمُفِيدِ، كَانَ فِي الصَّيْفِ يَقُومُ اللَّيْلَ يُصَلِّي دَاخِلَ بَيْتِهِ لِيَبْقَى مُسْتَيْقِظًا مِنَ الْحَرِّ، وَفِي الشِّتَاءِ يُصَلِّي عَلَى ظَهْرِ بَيْتِهِ لِيُبْقِيَهُ الْبَرْدُ مُسْتَيْقِظًا، هَكَذَا يَغْتَنِمُونَ الأَوْقَاتَ وَالأَنْفَاسَ، فَاسْتَفِدْ أَخِي الْمُؤْمِنُ مِنْ شَهْرِ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ، وَاسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ عُتَقَاءِ هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيْمِ، فَهَذَا شَهْرُ الصَّفَاءِ وَالْخَيْرِ وَالْبِرِّ، طُوبَى لأِقْوَامٍ صَامُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَقَامُوا فِي الْخَلَوَاتِ يَتْلُونَ مِنْ ءَايَاتِ ذِكْرِهِ، فَهَذَا عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَإِذَا صَلَّى الْوِتْرَ خَتَمَ الْقُرْءَانَ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ، فَشَهْرُ رَمَضَانَ أَقْبَلَ بِأَنْوَارِهِ وَذِكْرَيَاتِهِ الطَّيِّبَةِ حَيْثُ تَفْرَحُ بِهِ الْقُلُوبُ وَتَسْتَبْشِرُ بِهِ النُّفُوسُ، وَلَكِنْ كَيْفَ كَانَ يَغْتَنِمُهُ الصَّالِحُونَ؟ مَاذَا كَانُوا هُمْ فَاعِلِينَ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْكَرِيْمِ؟ فَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَرْجُمَانِ الْقُرْءَانِ، ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُخَرِّجُ الْعُلُمَاءَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، يَعْتَكِفُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَيَدْرُسُونَ وَيُدَرِّسُونَ، هَذَا شَأْنُهُمْ.
إِخْوَةَ الإِيْمَانِ: إِنَّ الصِّيَامَ عِبَادَةٌ لا يَطَّلِعُ عَلَى صِدْقِ صَاحِبِهَا إِلاَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ الَّذِي يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “كُلُّ عَمَلِ ابْنِ ءَادَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي”، فَدَعْ شَهْوَتَكَ وَطَعَامَكَ مِنْ أَجْلِ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَامَ يَوْمًا فِي الْحَرِّ، ثُمَّ نَامَ فَرَأَى قَائِلاً يَقُولُ لَهُ: أَتَبِيعُ ثَوَابَ صَوْمِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ؟ فَقَالَ: لا وَعِزَّةِ رَبِّي، فَقِيلَ لَهُ: فَبِأَيِّ شَىْءٍ تَبِيعُهُ؟ فَقَالَ: لا أَبِيعُ الثَّوَابَ بِالدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إِلاَّ بِرِضَا خَالِقِي عَلَيَّ، فَقِيلَ لَهُ: صُمْ فَسَوْفَ تَنَالُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ: رَمَضَانُ شَهْرُ الْفُتُوحَاتِ، شَهْرٌ تَجَلَّتْ فِيهِ الْمَلاحِمُ وَالْبُطُولاتُ الإِسْلامِيَّةُ فِي أَبْهَى صُورِهَا عَلَى أَيْدِي رِجَالٍ أَبْطَالٍ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، نَصَرُوا دِينَ اللَّهِ فَنَصَرَهُمُ اللَّهُ، كَانُوا إِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ أُسُودًا فُرْسَانًا يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَّقُونَ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ كَانَ لَهُمْ دَوِيٌّ بِقِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ .
فَبَادِرُوا إِخْوَةَ الإِيْمَانِ، بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي شَهْرٍ أَيَّامُهُ قَلِيلَةٌ وَلَنْ يَبْقَى إِلاَّ كَضَيْفٍ طَارِقٍ أَوْ حَبِيبٍ عَمَّا قَلِيلٍ مُفَارِقٌ، فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَمِنَ التَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لا يَحْرِمَنَا مِنَ نَبِيِّهِ الشَّفَاعَةَ، وَأَنْ يَجْعَلَ التَّقْوَى لَنَا أَرْبَحَ بِضَاعَةٍ، وَنَسْأَلُهُ أَنْ لا يَجْعَلَنَا فِي شَهْرِنَا هَذَا مِنْ أَهْلِ التَّفْرِيطِ وَالإِضَاعَةِ.
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
التَّحْذِيرُ مِمَّنْ يُنْكِرُ صِيَامَ الشَّخْصِ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِي لَهُ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَالاهُ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللَّهِ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى اللَّهِ الْعَلِيِّ الْقَدِيرِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَدَحَ فِي الْقُرْءَانِ الْكَرِيْمِ مَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَقَالَ: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ لَمْ يَقُلْ تَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ، بَلْ قَالَ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، لَمْ يَقُلْ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ، بَلْ قَالَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.
أَحْبَابَنَا، لِمَاذَا قَدَّمْتُ لَكُمْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ؟ لأِنَّنَا كَمَا عَوَّدْنَاكُمْ أَنْ نُحَذِّرَ مِنْ عِبَارَاتٍ فَاسِدَةٍ انْتَشَرَتْ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنَّكَ تَسْمَعُ أَحْيَانًا بَعْضَ الْجُهَّالِ إِذَا رَأَوْا شَخْصًا يَصُومُ وَلا يُصَلِّي يَقُولُونَ لَهُ بِالْعَامِيَّةِ: “بَلاكْ وَبَلا صِيَامَك”، أَوْ إِذَا رَأَوْهُ يُصَلِّي وَيَنْظُرُ لِلنِّسَاءِ نَظْرَةً مُحَرَّمَةً يَقُولُونَ لَهُ بِالْعَامِيَّةِ: “بَلاكْ وَبَلا صَلاتَك” فَهَؤُلاءِ كَلامُهُمْ هَذَا فِيهِ نَهْيٌّ عَنْ مَعْرُوفٍ أَلا وَهُوَ الصِّيَامُ وَالصَّلاةُ، وَنَقُولُ لَهُمْ إِذَا أَرَدْتَ نُصْحَ مَنْ يَصُومُ وَهُوَ لا يُصَلِّي تَذْكُرَ لَهُ ءَايَاتٍ قُرْءَانِيَّةً أَوْ أَحَادِيثَ نَبَوِيَّةً أَوْ قَصَصًا عَنِ الصَّالِحِينَ تُرَقِّقُ لَهُ قَلْبَهُ، وَلا نَقُولُ لَهُ دَعْ هَذَا الْمَعْرُوفَ الَّذِي تَفْعَلُ لأِنَّكَ لَمْ تَفْعَلْ مَعَهُ الْمَعْرُوفَ الآخَرَ، بَلْ يُقَالُ لَهُ: “ابْقَ عَلَى صِيَامِكَ وَصَلِّ صَلاتَكَ” يُقَالُ لَهُ: “ابْقَ عَلَى صَلاتِكَ وَأَدِّ الْفَرَائِضَ وَالطَّاعَاتِ”، يُقَالُ لَهُ: “ابْقَ عَلَى صِيَامِكَ وَالْتَزِمْ شَرْعَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى”.
فَإِنَّهُ وَرَدَ أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ ثُمَّ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ سَرَقَ، فَشُكِيَ حَالُهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ: “سَتَنْهَاهُ صَلاتُهُ” فَهَذَا مَعْنَاهُ لا يُقَالُ لَهُ دَعِ الصَّلاةَ لأِنَّكَ تَسْرِقُ، بَلْ يُقَالُ لَهُ دَعِ السَّرِقَةَ وَحَافِظْ عَلَى صَلاتِكَ، وَأَنَّهُ بِبَرَكَةِ الصَّلاةِ يَنْتَهِي بِإِذْنِ اللَّهِ عَنِ السَّرِقَةِ، فَهَذَا أَحْبَابَنَا لَيْسَ تَشْجِيعًا لِلنَّاسِ عَلَى تَرْكِ الصَّلاةِ وَلا تَشْجِيعًا عَلَى السَّرِقَةِ بَلْ هَذَا فِيهِ حَثٌّ عَلَى الْتِزَامِ شَرْعِ اللَّهِ، فِيهِ حَثٌّ لِلْمُقَصِّرِ بِأَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَقْصِيرِهِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْكَريِمِ فَقَالَ ﴿إنَّ اللَّهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَآ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ علَى سَيّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [سُورَةَ الْحَجِّ]، اللَّهُمَّ إِنَّا دَعَوْنَاكَ فَاسْتَجِبْ لَنَا دُعَاءَنَا فَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضِلِّينَ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَءَامِنْ رَوْعَاتِنَا وَاكْفِنَا مَا أَهَمَّنَا وَقِنَا شَرَّ مَا نَتَخَوَّفُ.
عِبادَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغِي، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ يُثِبْكُمْ وَاشْكُرُوهُ يَزِدْكُمْ، وَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ وَاتَّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مَخْرَجًا، وَأَقِمِ الصَّلاةَ .