مُخْتَصَرُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَرِىِّ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
مُقَدِّمَةٌ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْحَىِّ الْقَيُّومِ الْمُدَبِّرِ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَبَعْدُ
فَهَذَا مُخْتَصَرٌ جَامِعٌ لِأَغْلَبِ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِى لا يَجُوزُ لِكُلِّ مُكَلَّفٍ جَهْلُهَا مِنَ الِاعْتِقَادِ وَمَسَائِلَ فِقْهِيَّةٍ مِنَ الطَّهَارَةِ إِلَى الْحَجِّ وَشَىْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الْمُعَامَلاتِ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ ثُمَّ بَيَانِ مَعَاصِى الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ كَاللِّسَانِ وَغَيْرِهِ. الأَصْلُ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْحَضْرَمِيِّينَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ حُسَيْنِ بنِ طَاهِرٍ ثُمَّ ضُمِّنَ زِيَادَاتٍ كَثِيرَةً مِنْ نَفَائِسِ الْمَسَائِلِ مَعَ حَذْفِ مَا ذَكَرَهُ فِى التَّصَوُّفِ وتَغْيِيرٍ لِبَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِمَّا لا يُؤَدِّى إِلَى خِلافِ الْمَوْضُوعِ.
وَقَدْ نَذْكُرُ مَا رَجَّحَهُ بَعْضٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ الشَّافِعِيِّينَ كَالْبُلْقِينِىِّ لِتَضْعِيفِ مَا فِى الأَصْلِ فَيَنْبَغِى عِنَايَتُهُ بِهِ لِيُقْبَلَ عَمَلُهُ أَسْمَيْنَاهُ مُخْتَصَرَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَرِىِّ الْكَافِلَ بِعِلْمِ الدِّينِ الضَّرُورِىِّ
ضَرُورِيَّاتِ الِاعْتِقَادِ
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى كَافَّةِ الْمُكَلَّفِينَ الدُّخُولُ فِى دِينِ الإِسْلامِ وَالثُّبُوتُ فِيهِ عَلَى الدَّوَامِ وَالْتِزَامُ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنَ الأَحْكَامِ. فَمِمَّا يَجِبُ عِلْمُهُ وَاعْتِقَادُهُ مُطْلَقًا وَالنُّطْقُ بِهِ فِى الْحَالِ إِنْ كَانَ كَافِرًا وَإِلَّا فَفِى الصَّلاةِ الشَّهَادَتَانِ وَهُمَا
أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنْ لا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الأَحَدُ الأَوَّلُ الْقَدِيمُ الْحَىُّ الْقَيُّومُ الدَّائِمُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْعَالِمُ الْقَدِيرُ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، الَّذِى لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ الْمَوْصُوفُ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ فِى حَقِّهِ.
﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ فَهُوَ الْقَدِيمُ وَمَا سِوَاهُ حَادِثٌ وَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ. فَكُلُّ حَادِثٍ دَخَلَ فِى الْوُجُودِ مِنَ الأَعْيَانِ وَالأَعْمَالِ مِنَ الذَّرَّةِ إِلَى الْعَرْشِ وَمِنْ كُلِّ حَرَكَةٍ لِلْعِبَادِ وَسُكُونٍ وَالنَّوَايَا وَالْخَوَاطِرِ فَهُوَ بِخَلْقِ اللَّهِ لَمْ يَخْلُقْهُ أَحَدٌ سِوَى اللَّهِ لا طَبِيعَةٌ وَلا عِلَّةٌ بَلْ دُخُولُهُ فِى الْوُجُودِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ بِتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ الأَزَلِىِّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ﴾ [سُورَةَ الفُرْقَان] أَىْ أَحْدَثَهُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ فَلا خَلْقَ بِهَذَا الْمَعْنَى لِغَيْرِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [سُورَةَ فَاطِرٍ] قَالَ النَّسَفِىُّ فَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ زُجَاجًا بِحَجَرٍ فَكَسَرَهُ فَالضَّرْبُ وَالْكَسْرُ وَالِانْكِسَارُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ إِلَّا الْكَسْبُ وَأَمَّا الْخَلْقُ فَلَيْسَ لِغَيْرِ اللَّهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَةِ].
وَكَلامُهُ قَدِيـمٌ كَسَائِرِ صِفَاتِهِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُبَايِنٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِى الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
فَيَتَلَخَّصُ مِنْ مَعْنَى مَا مَضَى إِثْبَاتُ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً لِلَّهِ تَعَالَى تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِى الْقُرْءَانِ إِمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى كَثِيرًا وَهِىَ الْوُجُودُ وَالْوَحْدَانِيَّةُ وَالْقِدَمُ أَىِ الأَزَلِيَّةُ وَالْبَقَاءُ وَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ وَالْقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْحَيَاةُ وَالْكَلامُ وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ. فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ ذِكْرُهَا كَثِيرًا فِى النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ تَجِبُ مَعْرِفَتُهَا وُجُوبًا عَيْنِيًّا، ولَمَّا ثَبَتَتِ الأَزَلِيَّةُ لِذَاتِ اللَّهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةً لِأَنَّ حُدُوثَ الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَ الذَّاتِ.
وَمَعْنَى أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَعْلَمُ وَأَعْتَقِدُ وَأَعْتَرِفُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ، وَيَتْبَعُ ذَلِكَ اعْتِقَادُ أَنَّهُ وُلِدَ بِمَكَّةَ وَبُعِثَ بِهَا وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَ فِيهَا، وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِى جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عَنِ اللَّهِ فَمِنْ ذَلِكَ عَذَابُ الْقَبْرِ وَنَعِيمُهُ وَسُؤَالُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَالْبَعْثُ وَالْحَشْرُ وَالْقِيَامَةُ وَالْحِسَابُ وَالثَّوَابُ وَالْعَذَابُ وَالْمِيزَانُ وَالنَّارُ وَالصِّرَاطُ وَالْحَوْضُ وَالشَّفَاعَةُ وَالْجَنَّةُ وَالرُّؤْيَةُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْعَيْنِ فِى الآخِرَةِ بِلا كَيْفٍ وَلا مَكَانٍ وَلا جِهَةٍ أَىْ لا كَمَا يُرَى الْمَخْلُوقُ وَالْخُلُودُ فِيهِمَا. وَالإِيـمَانُ بِمَلائِكَةِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدُ وَلَدِ ءَادَمَ أَجْمَعِينَ.
وَيَجِبُ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ نَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ يَجِبُ أَنَّ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَالْفَطَانَةِ فَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمُ الْكَذِبُ وَالْخِيَانَةُ وَالرَّذَالَةُ وَالسَّفَاهَةُ وَالْبَلادَةُ وَالْجُبْنُ وَكُلُّ مَا يُنَفِّرُ عَنْ قَبُولِ الدَّعْوَةِ مِنْهُمْ وَتَجِبُ لَهُمُ الْعِصْمَةُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ وَصَغَائِرِ الْخِسَّةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَعَاصِى لَكِنْ يُنَبَّهُونَ فَوْرًا لِلتَّوْبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ.
فَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ النُّبُوَّةَ لا تَصِحُّ لِإِخْوَةِ يُوسُفَ الَّذِينَ فَعَلُوا تِلْكَ الأَفَاعِيلَ الْخَسِيسَةَ وَهُمْ مَنْ سِوَى بِنْيَامِينَ. وَالأَسْبَاطُ الَّذِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْوَحْىُ هُمْ مَنْ نُبِّئَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حِفْظُ إِسْلامِهِ وَصَوْنُهُ عَمَّا يُفْسِدُهُ وَيُبْطِلُهُ وَيَقْطَعُهُ وَهُوَ الرِّدَّةُ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى قَالَ النَّوَوِىُّ وَغَيْرُهُ الرِّدَّةُ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ. وَقَدْ كَثُرَ فِى هَذَا الزَّمَانِ التَّسَاهُلُ فِى الْكَلامِ حَتَّى إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بَعْضِهِمْ أَلْفَاظٌ تُخْرِجُهُمْ عَنِ الإِسْلامِ وَلا يَرَوْنَ ذَلِكَ ذَنْبًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كُفْرًا وَذَلِكَ مِصْدَاقُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يَرَى بِهَا بِأْسًا يَهْوِى بِهَا فِى النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أَىْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا فِى النُّزُولِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى جَهَنَّمَ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ. وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ وَحَسَنَّهُ وَفِى مَعْنَاهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ. وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِى الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَلا انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَلا اعْتِقَادُ مَعْنَى اللَّفْظِ كَمَا يَقُولُ كِتَابُ فِقْهِ السُّنَّةِ. وَكَذَلِكَ لا يُشْتَرَطُ فِى الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ عَدَمُ الْغَضَبِ كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ النَّوَوِىُّ قَالَ «لَوْ غَضِبَ رَجُلٌ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ غُلامِهِ فَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَلَسْتَ مُسْلِمًا فَقَالَ لا مُتَعَمِّدًا كَفَرَ» وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ حَنَفِيَّةٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَالرِّدَّةُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا قَسَّمَهَا النَّوَوِىُّ وَغَيْرُهُ مِنْ شَافِعِيَّةٍ وَحَنَفِيَّةٍ وَغَيْرِهِمُ اعْتِقَادَاتٌ وَأَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ وَكُلٌّ يَتَشَعَّبُ شُعَبًا كَثِيرَةً.
فَمِنَ الأَوَّلِ الشَّكُّ فِى اللَّهِ أَوْ فِى رَسُولِهِ أَوِ الْقُرْءَانِ أَوِ الْيَوْمِ الآخِرِ أَوِ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ أَوِ الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ أَوِ اعْتِقَادُ قِدَمِ الْعَالَمِ وَأَزَلِيَّتِهِ بِجِنْسِهِ وَتَرْكِيبِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ فَقَطْ أَوْ نَفْىُ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ إِجْمَاعًا كَكَوْنِهِ عَالِمًا أَوْ نِسْبَةُ مَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ عَنْهُ إِجْمَاعًا كَالْجِسْمِ أَوْ تَحْلِيلُ مُحَرَّمٍ بِالإِجْمَاعِ مَعْلُومٍ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِمَّا لا يَخْفَى عَلَيْهِ كَالزِّنَى وَاللِّوَاطِ وَقَتْلِ الْمُسْلِمِ وَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ تَحْرِيمُ حَلالٍ ظَاهِرٍ كَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ أَوْ نَفْىُ وُجُوبِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ كالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ سَجْدَةٍ مِنْهَا وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْوُضُوءِ. أَوْ إِيجَابُ مَا لَمْ يَجِبْ إِجْمَاعًا كَذَلِكَ أَوْ نَفْيُ مَشْرُوعِيَّةِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ فِى الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ عَلَى فِعْلِ شَىْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ لا خُطُورُهُ فِى الْبَالِ بِدُونِ إِرَادَةٍ. أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ سَيِّدِنَا أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ رِسَالَةَ وَاحِدٍ مِنَ الرُّسُلِ الْمُجْمَعِ عَلَى رِسَالَتِهِ أَوْ جَحَدَ حَرْفًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْءَانِ أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ مُجْمَعًا عَلَى نَفْيِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مِنْهُ عِنَادًا أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ نَقَصَهُ أَوْ صَغَّرَ اسْمَهُ بِقَصْدِ تَحْقِيرِهِ أَوْ جَوَّزَ نُبُوَّةَ أَحَدٍ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْقِسْمُ الثَّانِى الأَفْعَالُ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ [إِنْ قَصَدَ عِبَادتَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ] وَالسُّجُودِ لِإِنْسَانٍ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُ كَسُجُودِ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ الْمُتَصَوِّفِينَ أَىْ إِذَا كَانَ سُجُودُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِمَشَايِخِهِمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ عِنْدَئِذٍ كُفْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُمْ لا يَكُونُ كُفْرًا لَكِنَّهُ حَرَامٌ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ الأَقْوَالُ وَهِىَ كَثِيرَةٌ جِدًّا لا تَنْحَصِرُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِمُسْلِمٍ يَا كَافِرُ أَوْ يَا يَهُودِىُّ أَوْ يَا نَصْرَانِىُّ أَوْ يَا عَدِيمَ الدِّينِ مُرِيدًا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِى عَلَيْهِ الْمُخَاطَبُ مِنَ الدِّينِ كُفْرٌ أَوْ يَهُودِيَّةٌ أَوْ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ لَيْسَ بِدِينٍ لا عَلَى قَصْدِ التَّشْبِيهِ، وَكَالسُّخْرِيَةِ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ مِمَّنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ نِسْبَةُ ذَلِكَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَكَأَنْ يَقُولَ لَوْ أَمَرَنِى اللَّهُ بِكَذَا لَمْ أَفْعَلْهُ أَوْ لَوْ صَارَتِ الْقِبْلَةُ فِى جِهَةِ كَذَا مَا صَلَّيْتُ إِلَيْهَا أَوْ لَوْ أَعْطَانِى اللَّهُ الْجَنَّةَ مَا دَخَلْتُهَا مُسْتَخِفًّا أَوْ مُظْهِرًا لِلْعِنَادِ فِى الْكُلِّ. وَكَأَنْ يَقُولَ لَوْ ءَاخَذَنِى اللَّهُ بِتَرْكِ الصَّلاةِ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمَرَضِ ظَلَمَنِى. أَوْ قَالَ لِفِعْلٍ حَدَثَ هَذَا بِغَيْرِ تَقْدِيرِ اللَّهِ أَوْ لَوْ شَهِدَ عِنْدِى الأَنْبِيَاءُ أَوِ الْمَلائِكَةُ أَوْ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بِكَذَا مَا قَبِلْتُهُمْ أَوْ قَالَ لا أَفْعَلُ كَذَا وَإِنْ كَانَ سُنَّةً بِقَصْدِ الِاسْتِهْزَاءِ أَوْ لَوْ كَانَ فُلانٌ نَبِيًّا مَا ءَامَنْتُ بِهِ أَوْ أَعْطَاهُ عَالِمٌ فَتْوًى فَقَالَ أَيْشٍ هَذَا الشَّرْعُ مُرِيدًا الِاسْتِخْفَافَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ أَوْ قَالَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى كُلِّ عَالِمٍ مُرِيدًا الِاسْتِغْرَاقَ الشَّامِلَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُرِدِ الِاسْتِغْرَاقَ الشَّامِلَ لِجَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بَلْ أَرَادَ لَعْنَ عُلَمَاءَ مَخْصُوصِينَ وَكَانَتْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِمَا يَظُنُّ بِهِمْ مِنْ فَسَادِ أَحْوَالِهِمْ فَإِنَّهُ لا يَكْفُرُ وَإِنْ كَانَ كَلامُهُ لا يَخْلُو مِنَ الْمَعْصِيَةِ. أَوْ قَالَ أَنَا بَرىءٌ مِنَ اللَّهِ أَوْ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَوْ مِنَ النَّبِىِّ أَوْ مِنَ الشَّرِيعَةِ أَوْ مِنَ الإِسْلامِ أَوْ قَالَ لا أَعْرِفُ الْحُكْمَ مُسْتَهْزِئًا بِحُكْمِ اللَّهِ، أَوْ قَالَ وَقَدْ مَلَأَ وِعَاءً ﴿وَكَأْسًا دِهَاقَا﴾ [سُورَةَ النَبَإِ] أَوْ أَفْرَغَ شَرَابًا فَقَالَ ﴿فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ [سُورَةَ النَبَإِ] أَوْ عِنْدَ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ ﴿وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ﴾ [سُورَةَ الْمُطَفِّفِيِنَ] أَوْ عِنْدَ رُؤْيَةِ جَمْعٍ ﴿وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدَا﴾ [سُورَةَ الْكَهْف] بِقَصْدِ الِاسْتِخْفَافِ فِى الْكُلِّ بِمَعْنَى هَذِهِ الآيَاتِ وَكَذَا كُلُّ مَوْضِعٍ اسْتُعْمِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ بِذَلِكَ الْقَصْدِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْقَصْدِ فَلا يَكْفُرُ لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ لا تَبْعُدُ حُرْمَتُهُ. وَكَذَا يَكْفُرُ مَنْ شَتَمَ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا أَوْ قَالَ أَكُونُ قَوَّادًا إِنْ صَلَّيْتُ أَوْ مَا أَصَبْتُ خَيْرًا مُنْذُ صَلَّيْتُ أَوِ الصَّلاةُ لا تَصْلُحُ لِى بِقَصْدِ الِاسْتِهْزَاءِ. أَوْ قَالَ لِمُسْلِمٍ أَنَا عَدُوُّكَ وَعَدُوُّ نَبِيِّكَ أَوْ لِشَرِيفٍ أَنَا عَدُوُّكَ وَعَدُوُّ جَدِّكَ مُرِيدًا النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَقُولَ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الأَلْفَاظِ الْبَشِعَةِ الشَّنِيعَةِ. وَقَدْ عَدَّ كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ كَالْفَقِيهِ الْحَنَفِىِّ بَدْرِ الرَّشِيدِ وَالْقَاضِى عِيَاضٍ الْمَالِكِىِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً فَيَنْبَغِى الِاطِّلاعُ عَلَيْهَا فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الشَّرَّ يَقَعُ فِيهِ.
وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَافٍ بِاللَّهِ أَوْ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ أَوْ مَلائِكَتِهِ أَوْ شَعَائِرِهِ أَوْ مَعَالِمِ دِينِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كُفْرٌ فَلْيَحْذَرِ الإِنْسَانُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ عَلَى أَىِّ حَالٍ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى مَنْ وَقَعَ فِى الرِّدَّةِ الْعَوْدُ فَوْرًا إِلَى الإِسْلامِ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالإِقْلاعِ عَمَّا وَقَعَتْ بِهِ الرِّدَّةُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ النَّدَمُ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لا يَعُودَ لِمِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ كُفْرِهِ بِالشَّهَادَةِ وَجَبَتِ اسْتِتَابَتُهُ وَلا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا الإِسْلامُ أَوِ الْقَتْلُ بِهِ يُنَفِّذُهُ عَلَيْهِ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ إِلَى الإِسْلامِ. وَيَعْتَمِدُ الْخَلِيفَةُ فِى ذَلِكَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَلَى اعْتِرَافِهِ وَذَلِكَ لِحَدِيثِ الْبُخَارِىِّ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». وَيَبْطُلُ بِهَا صَوْمُهُ وَتَيَمُّمُهُ وَنِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَا بَعْدَهُ إِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَى الإِسْلامِ فِى الْعِدَّةِ وَلا يَصِحُّ عَقْدُ نِكَاحِهِ عَلَى مُسْلِمَةٍ وَغَيْرِهَا وَتَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ وَلا يَرِثُ وَلا يُورَثُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْه وَلا يُغَسَّلُ وَلا يُكَفَّنُ وَلا يُدْفَنُ فِى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَمَالُهُ فَىْءٌ أَىْ لِبَيْتِ الْمَالِ إِنْ كَانَ بَيْتُ مَالٍ مُسْتَقِيمٌ أَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ تَمَكَّنَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ أَخْذِهِ وَصَرْفِهِ فِى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَ ذَلِكَ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَدَاءُ جَمِيعِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَلَى مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الإِتْيَانِ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ وَيَجْتَنِبَ مُبْطِلاتِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُ مَنْ رَءَاهُ تَارِكَ شَىْءٍ مِنْهَا أَوْ يَأْتِى بِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا بِالإِتْيَانِ بِهَا عَلَى وَجْهِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَهْرُهُ عَلَى ذَلِكَ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الإِنْكَارُ بِقَلْبِهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْقَهْرِ وَالأَمْرِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيـمَانِ أَىْ أَقَلُّ مَا يَلْزَمُ الإِنْسَانَ عِنْدَ الْعَجْزِ.
وَيَجِبُ تَرْكُ جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ وَنَهْىُ مُرْتَكِبِهَا وَمَنْعُهُ قَهْرًا مِنْهَا إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ.
وَالْحَرَامُ مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ مُرْتَكِبَهُ بِالْعِقَابِ وَوَعَدَ تَارِكَهُ بِالثَّوَابِ وَعَكْسُهُ الْوَاجِبُ.
الطَّهَارَةِ وَالصَّلاةُ
فَصْلٌ
فَمِنَ الْوَاجِبِ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ
الظُّهْرُ وَوَقْتُهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ إِلَى مَصِيرِ ظِلِّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ الِاسْتِوَاءِ.
وَالْعَصْرُ وَوَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الظُّهْرِ إِلَى مَغِيبِ الشَّمْسِ.
وَالْمَغْرِبُ وَوَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ مَغِيبِ الشَّمْسِ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ.
وَالْعِشَاءُ وَوَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ.
وَالصُّبْحُ وَوَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
فَتَجِبُ هَذِهِ الْفُرُوضُ فِى أَوْقَاتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ طَاهِرٍ أَىْ غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. فَيَحْرُمُ تَقْدِيـمُهَا عَلَى وَقْتِهَا وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ طَرَأَ مَانِعٌ كَحَيْضٍ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا لِنَحْوِ سَلِسٍ لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا أَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَقَدْ بَقِىَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ لَزِمَتْهُ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا إِنْ جُمِعَتْ مَعَهَا فَيَجِبُ الْعَصْرُ مَعَ الظُّهْرِ إِنْ زَالَ الْمَانِعُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْعِشَاءُ مَعَ الْمَغْرِبِ بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى وَلِىِّ الصَّبِىِّ وَالصَّبِيَّةِ الْمُمَيِّزَيْنِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصَّلاةِ ويُعَلِّمَهُمَا أَحْكَامَهَا بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ قَمَرِيَّةٍ وَيَضْرِبَهُمَا عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ كَصَوْمٍ أَطَاقَاهُ. وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيمُهُمَا مِنَ الْعَقَائِدِ وَالأَحْكَامِ يَجِبُ كَذَا وَيَحْرُمُ كَذَا وَمَشْرُوعِيَّةَ السِّوَاكِ وَالْجَمَاعَةِ. وَيَجِبُ عَلَى وُلاةِ الأَمْرِ قَتْلُ تَارِكِ الصَّلاةِ كَسَلًا إِنْ لَمْ يَتُبْ وَحُكُمُهُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَمْرُ أَهْلِهِ بِالصَّلاةِ وَكُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ.
فَصْلٌ
وَمِنْ شُرُوطِ الصَّلاةِ الْوُضُوءُ وَفُرُوضُهُ سِتَّةٌ
الأَوَّلُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلاةِ أَوْ غَيْرُهَا مِنَ النِّيَّاتِ الْمُجْزِئَةِ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ أَىْ مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِهِ عِنْدَ الإِمَامِ الشَّافِعِىِّ وَتَكْفِى النِّيَّةُ إِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ بِقَلِيلٍ عِنْدَ مَالِكٍ.
الثَّانِى غَسْلُ الْوَجْهِ جَمِيعِهِ مِنْ مَنَابِتِ شَعَرِ رَأْسِهِ إِلَى الذَّقَنِ وَمِنَ الأُذُنِ إِلَى الأُذُنِ شَعَرًا وَبَشَرًا لا بَاطِنَ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَعَارِضَيْهِ إِذَا كَثُفَا.
الثَّالِثُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَمَا عَلَيْهِمَا.
الرَّابِعُ مَسْحُ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَوْ شَعْرَةً فِى حَدِّهِ.
الْخَامِسُ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُهُ.
السَّادِسُ التَّرْتِيبُ هَكَذَا.
فَصْلٌ
وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ غَيْرَ الْمَنِىِّ وَمَسُّ قُبُلِ الآدَمِىِّ أَوْ حَلْقَةِ دُبُرِهِ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِلا حَائِلٍ وَلَمْسُ بَشَرَةِ الأَجْنَبِيَّةِ الَّتِى تُشْتَهَى وَزَوَالُ الْعَقْلِ لا نَوْمُ قَاعِدٍ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَتَهُ.
فَصْلٌ
يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ كُلِّ رَطْبٍ خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ غَيْرَ الْمَنِىِّ بِالْمَاءِ إِلَى أَنْ يَطْهُرَ الْمَحَلُّ أَوْ بِمَسْحِهِ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ إِلَى أَنْ يَنْقَى الْمَحَلُّ وَإِنْ بَقِىَ الأَثَرُ بِقَالِعٍ طَاهِرٍ جَامِدٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ وَقَبْلَ جَفَافٍ فَإِنِ انْتَقَلَ عَنِ الْمَكَانِ الَّذِى اسْتَقَرَّ فِيهِ أَوْ جَفَّ وَجَبَ الْمَاءُ.
فَصْلٌ
وَمِنْ شُرُوطِ الصَّلاةِ
الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ بِالْغُسْلِ أَوِ التَّيَمُّمِ لِمَنْ عَجَزَ عَنِ الْغُسْلِ وَالَّذِى يُوجِبُهُ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ
(1) خُرُوجُ الْمَنِىِّ (2) وَالْجِمَاعُ (3) وَالْحَيْضُ (4) وَالنِّفَاسُ (5) وَالْوِلادَةُ.
وَفُرُوضُ الْغُسْلِ اثْنَانِ
(1) نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ أَوْ نَحْوُهَا.
(2) وَتَعْمِيمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بَشَرًا وَشَعَرًا وَإِنْ كَثُفَ بِالْمَاءِ.
فَصْلٌ
شُرُوطُ الطَّهَارَةِ
(1) الإِسْلامُ.
(2) وَالتَّمْيِيزُ.
(3) وَعَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى الْمَغْسُولِ.
(4) وَالسَّيَلانُ.
(5) وَأَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُطَهِّرًا بِأَنْ لا يُسْلَبَ اسْمَهُ بِمُخَالَطَةِ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِى الْمَاءُ عَنْهُ وَأَنْ لا يَتَغَيَّرَ بِنَجِسٍ وَلَوْ تَغَيُّرًا يَسِيرًا. وإِنْ كَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ اشْتُرِطَ أَنْ لا يُلاقِيَهُ نَجِسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَأَنْ لا يَكُونَ اسْتُعْمِلَ فِى رَفْعِ حَدَثٍ أَوْ إِزَالَةِ نَجِسٍ.
وَمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ أَوْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَاءُ تَيَمَّمَ
فَصْلٌ
وَمَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالطَّوَافُ وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ وَمَسُّهُ وَيُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ الصَّبِىُّ لِلدِّرَاسَةِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ هَذِهِ وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ وَالْمُكْثُ فِى الْمَسْجِدِ. وَعَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَذِهِ وَالصَّوْمُ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ وَتَمْكِينُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَقِيلَ لا يَحْرُمُ إِلَّا الْجِمَاعُ.
فَصْلٌ
وَمِنْ شُرُوطِ الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ
(1) فِى الْبَدَنِ (2) وَالثَّوْبِ (3) وَالْمَكَانِ (4) وَالْمَحْمُولِ لَهُ كَقِنِّينَةٍ يَحْمِلُهَا فِى جَيْبِهِ.
فَإِنْ لاقَاهُ نَجِسٌ أَوْ مَحْمُولَهُ بَطَلَتْ صَلاتُهُ إِلَّا أَنْ يُلْقِيَهُ حَالًا أَوْ يَكُونَ مَعْفُوًّا عَنْهُ كَدَمِ جُرْحِهِ. وَيَجِبُ إِزَالَةُ نَجِسٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ بِإِزَالَةِ الْعَيْنِ مِنْ طَعْمٍ وَلَوْنٍ وَرِيحٍ بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ.
وَالْحُكْمِيَّةِ بِجَرْىِ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَالنَّجَاسَةُ الْحُكْمِيَّةُ هِىَ الَّتِى لا يُدْرَكُ لَهَا لَوْنٌ وَلا طَعْمٌ وَلا رِيحٌ، وَالكَلْبِيَّةِ بِغَسْلِهَا سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ مَمْزُوجَةٌ بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ وَالْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَاحِدَةٌ. وَيُشْتَرَطُ وُرُودُ الْمَاءِ إِنْ كَانَ قَلِيلًا.
فَصْلٌ
وَمِنْ شُرُوطِ الصَّلاةِ
فَصْلٌ
وَتَبْطُلُ الصَّلاةُ
فَصْلٌ
وَشُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ لِقَبُولِهَا عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَقْصِدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَحْدَهُ وَأَنْ يَكُونَ مَأْكَلُهُ وَمَلْبُوسُهُ وَمُصَلَّاهُ حَلالًا وَأَنْ يَخْشَعَ لِلَّهِ قَلْبُهُ فِيهَا وَلَوْ لَحْظَةً فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ صَحَّتْ صَلاتُهُ بِلا ثَوابٍ.
فَصْلٌ
أَرْكَانُ الصَّلاةِ سَبْعَةَ عَشَرَ
الأَوَّلُ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ لِلْفِعْلِ وَيُعَيِّنُ ذَاتَ السَّبَبِ أَوِ الْوَقْتِ وَيَنْوِى الْفَرْضِيَّةَ فِى الْفَرْضِ.
الثَّانِى وَيَقُولُ بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ كَكُلِّ رُكْنٍ قَوْلِىٍّ اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ ثَانِى أَرْكَانِهَا.
الثَّالِثُ الْقِيَامُ فِى الْفَرْضِ لِلْقَادِرِ.
الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ بِالْبَسْمَلَةِ وَالتَّشْدِيدَاتِ وَيُشْتَرَطُ مُوَالاتُهَا وَتَرْتِيبُهَا وَإِخْرَاجُ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا وَعَدَمُ اللَّحْنِ الْمُخِلِّ بِالْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ وَيَحْرُمُ اللَّحْنُ الَّذِى لَمْ يُخِلَّ وَلا يُبْطِلُ.
الْخَامِسُ الرُّكُوعُ بِأَنْ يَنْحَنِىَ بِحَيْثُ تَنَالُ رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ.
السَّادِسُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ بِقَدْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَهِىَ سُكُونُ كُلِّ عَظْمٍ مَكَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً.
السَّابِعُ الِاعْتِدَالُ بِأَنْ يَنْتَصِبَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَائِمًا.
الثَّامِنُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ.
التَّاسِعُ السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مُصَلَّاهُ مَكْشُوفَةً وَمُتَثَاقِلًا بِهَا وَمُنَكِّسًا أَىْ يَجْعَلَ أَسَافِلَهُ أَعْلَى مِنْ أَعَالِيهِ وَيَضَعَ شَيْئًا مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ شَرْطًا فِى السُّجُودِ التَّنْكِيسُ فَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ دُبُرِهِ صَحَّتِ الصَّلاةُ عِنْدَهُمْ.
الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ.
الْحَادِى عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.
الثَّانِى عَشَرَ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِىِّ وَالسَّلامِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ فَيَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ أَقَلَّهُ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِىُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ.
السَّادِسَ عَشَرَ السَّلامُ وَأَقَلُّهُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ.
السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ كَأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ وَإِنْ سَهَا فَلْيَعُدْ إِلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِى مِثْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَتِمُّ بِهِ رَكْعَتُهُ وَلَغَا ما سَهَا بِهِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَرْكَهُ لِلرُّكُوعِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ رَكَعَ فِى الْقِيَامِ الَّذِى بَعْدَهُ أَوْ فِى السُّجُودِ الَّذِى بَعْدَهُ لَغَا مَا فَعَلَهُ بَيْنَ ذَلِكَ.
فَصْلٌ
الْجَمَاعَةُ عَلَى الذُّكُورِ الأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ الْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفِى الْجُمُعَةِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ مُكَلَّفِينَ مُسْتَوْطِنِينَ فِى أَبْنِيَةٍ لا فِى الْخِيَامِ لِأَنَّهَا لا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَامِ وَتَجِبُ عَلَى مَنْ نَوَى الإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَىْ غَيْرَ يَوْمَىِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَعَلَى مَنْ بَلَغَهُ نِدَاءُ صَيِّتٍ مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِ مِنْ بَلَدِهَا.
وَشَرْطُهَا
وَأَرْكَانُ الْخُطْبَتَيْنِ
وَشُرُوطُهُمَا
فَصْلٌ
وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى مُقْتَدِيًا فِى جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا
فَصْلٌ
غَسْلُ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا وُلِدَ حَيًّا، وَوَجَبَ لِذِمِّىٍّ تَكْفِينٌ وَدَفْنٌ وَلِسِقْطٍ مَيِّتٍ غَسْلٌ وَكَفَنٌ وَدَفْنٌ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا.
وَمَنْ مَاتَ فِى قِتَالِ الْكُفَّارِ بِسَبَبِهِ كُفِّنَ فِى ثِيَابِهِ فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ زِيدَ عَلَيْهَا وَدُفِنَ وَلا يُغَسَّلُ وَلا يُصَلَّى عَلَيْهِ.
وَأَقَلُّ الْغُسْلِ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ وَتَعْمِيمُ جَمِيعِ بَشَرِهِ وَشَعَرِهِ وَإِنْ كَثُفَ مَرَّةً بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ.
وَأَقَلُّ الْكَفَنِ سَاتِرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَثَلاثُ لَفَائِفَ لِمَنْ تَرَكَ تَرِكَةً زَائِدَةً عَلَى دَيْنِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهَا.
وَأَقَلُّ الصَّلاةِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِىَ فِعْلَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ وَالفَرْضَ وَيُعَيِّنَ وَيَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ قَائِمٌ إِنْ قَدَرَ ثُمَّ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ ثُمَّ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ.
وَلا بُدَّ فِيهَا مِنَ شُرُوطِ الصَّلاةِ وَتَرْكِ الْمُبْطِلاتِ.
وَأَقَلُّ الدَّفْنِ حُفْرَةٌ تَكْتُمُ رَائِحَتَهُ وَتَحْرُسُهُ مِنَ السِّبَاعِ وَيُسَنُّ أَنْ يُعَمَّقَ قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ وَيُوَسَّعَ وَيَجِبُ تَوْجِيهُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَلا يَجُوزُ الدَّفْنُ فِى الْفِسْقِيَّةِ.
الزَّكَاةُ
فَصْلٌ
وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِى
(1) الإِبِلِ (2) وَالْبَقَرِ (3) وَالْغَنَمِ (4) وَالتَّمْرِ (5) وَالزَّبِيبِ (6) وَالزُّرُوعِ الْمُقْتَاتَةِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ (7) وَالذَّهَبِ (8) وَالْفِضَّةِ (9) وَالْمَعْدِنِ (10) وَالرِّكَازِ مِنْهُمَا (11) وَأَمْوَالِ التِّجَارَةِ (12) وَالْفِطْرِ.
– وَأَوَّلُ نِصَابِ الإِبِلِ خَمْسٌ
– وَالْبَقَرِ ثَلاثُونَ.
– وَالْغَنَمِ أَرْبَعُونَ.
فَلا زَكَاةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بُدَّ مِنَ الْحَوْلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلا بُدَّ مِنَ السَّوْمِ فِى كَلَإٍ مُبَاحٍ أَىْ أَنْ يَرْعَاهَا مَالِكُهَا أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِى كَلَإٍ مُبَاحٍ أَىْ مَرْعًى لا مَالِكَ لَهُ وَأَنْ لا تَكُونَ عَامِلَةً فِالْعَامِلَةُ فِى نَحْوِ الْحَرْثِ لا زَكَاةَ فِيهَا. فَيَجِبُ فِى كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ شَاةٌ وَفِى أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ شَاةٌ جَذَعَةُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ وَفِى كُلِّ ثَلاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعٌ ذَكَرٌ.
ثُمَّ إِنْ زَادَتْ مَاشِيَتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَفِى ذَلِكَ الزَّائِدِ وَيَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهَا.
وَأَمَّا التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَالزُّرُوعُ فَأَوَّلُ نِصَابِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَهِىَ ثَلاثُمِائَةِ صَاعٍ بِصَاعِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَمِعْيَارُهُ مَوْجُودٌ بِالْحِجَازِ.
وَيُضَمُّ زَرْعُ الْعَامِ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ فِى إِكْمَالِ النِّصَابِ وَلا يُكَمَّلُ جِنْسٌ بِجِنْسٍ كَالشَّعِيرِ مَعَ الْحِنْطَةِ.
وَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِبُدُوِّ الصَّلاحِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ.
وَيَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ إِنْ لَمْ تُسْقَ بِمُؤْنَةٍ وَنِصْفُهُ إِنْ سُقِيَتْ بِهَا وَمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ أُخْرِجَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ وَلا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ.
– وَأَمَّا الذَّهَبُ فَنِصَابُهُ عِشْرُونَ مِثْقَالًا وَالْفِضَّةُ مِائَتَا دِرْهَمٍ.
وَيَجِبُ فِيهِمَا رُبْعُ الْعُشْرِ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ. وَلا بُدَّ فِيهِمَا مِنَ الْحَوْلِ إِلَّا مَا حَصَلَ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ رِكَازٍ فَيُخْرِجُهَا حَالًا وَفِى الرِّكَازِ الْخُمُس.
وَأَمَّا زَكَاةُ التِّجَارَةِ فَنِصَابُهَا نِصَابُ مَا اشْتُرِيَتْ بِهِ مِنَ النَّقْدَيْنِ وَالنَّقْدَانِ هُمَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَلا يُعْتَبَرُ إِلَّا ءَاخِر الْحَوْلِ وَيَجِبُ فِيهَا رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ.
وَمَالُ الْخَلِيطَيْنِ أَوِ الْخُلَطَاءِ كَمَالِ الْمُنْفَرِدِ فِى النِّصَابِ وَالْمُخْرَجِ إذَا كَمَلَتْ شُرُوطُ الْخُلْطَةِ.
وَزَكَاةُ الْفِطْرِ تَجِبُ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْ رَمَضَانَ وَجُزْءٍ مِنْ شَوَّالٍ. ثُمَ شَرَعَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى بَيَانِ شُرُوطِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ فَقَالَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَاعٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ إِذَا فَضَلَتْ عَنْ دَيْنِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمَسْكَنِهِ وَقُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ.
– وَتَكْفِى النِّيَّةُ فِى جَمِيعِ أَنْوَاعِ الزَّكَاةِ مَعَ الإِفْرَازِ لِلْقَدْرِ الْمُخْرَجِ.
– وَيَجِبُ صَرْفُهَا إِلَى مَنْ وُجِدَ فِى بَلَدِ الْمَالِ مِنْ الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ
(1) مِنَ الْفُقَرَاءِ (2) وَالْمَسَاكِينِ (3) وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا (4) وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ (5) وَفِى الرِّقَابِ (6) وَالْغَارِمِينَ وَهُمُ الْمَدِينُونَ الْعَاجِزُونَ عَنِ الْوَفَاءِ (7) وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَهُمُ الْغُزَاةُ الْمُتَطَوِّعُونَ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ كُلَّ عَمَلٍ خَيْرِىٍّ (8) وَابْنِ السَّبِيلِ وَهُوَ الْمُسَافِرُ الَّذِى لَيْسَ مَعَهُ مَا يُوصِلُهُ إِلَى مَقْصِدِهِ.
وَلا يَجُوزُ وَلا يُجْزِئُ صَرْفُهَا لِغَيْرِهِمْ.
الصِّيَامِ
فَصْلٌ
يَجِبُ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ وَلا يَصِحُّ مِنْ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَيَجُوزُ الْفِطْرُ لِمُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلِمَرِيضٍ وَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ مَشَقَّةً لا تُحْتَمَلُ الْفِطْرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ.
وَيَجِبُ التَّبْيِيتُ وَالتَّعْيِينُ فِى النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ وَالإِمْسَاكُ عَنِ
وَلا يَصِحُّ صَوْمُ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَكَذَا النِّصْفُ الأَخِيرُ مِنْ شَعْبَانَ وَيَوْمِ الشَّكِّ إِلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ لِقَضَاءِ أَوْ نَذْرٍ أَوْ وِرْدٍ.
وَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلا رُخْصَةَ لَهُ فِى فِطْرِهِ بِجِمَاعٍ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ وَالْقَضَاءُ فَوْرًا وكَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَهِىَ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَىْ تَمْلِيكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُدًّا مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ.
الْحَجُّ
فَصْلٌ
يَجِبُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِى الْعُمُرِ مَرَّةً عَلَى الْمُسْلِمِ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ الْمُسْتَطِيعِ بِمَا يُوصِلُهُ وَيَرُدُّهُ إِلَى وَطَنِهِ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِهِ وَمَسْكَنِهِ وَكِسْوَتِهِ اللَّائِقَيْنِ بِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَّابِهِ.
وَأَرْكَانُ الْحَجِّ سِتَّةٌ
الأَوَّلُ الإِحْرَامُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ «دَخَلْتُ فِى عَمَلِ الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ».
الثَّانِى الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ بَيْنَ زَوَالِ شَمْسِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى فَجْرِ لَيْلَةِ الْعِيدِ.
الثَّالِثُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ.
الرَّابِعُ السَّعْىُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ الْعَقْدِ إِلَى الْعَقْدِ.
وَالْخَامِسُ الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ.
السَّادِسُ التَّرْتِيبُ فِى مُعْظَمِ الأَرْكَانِ.
وَهِىَ إِلَّا الْوُقُوفَ أَرْكَانٌ لِلْعُمْرَةِ. وَلِهَذِهِ الأَرْكَانِ فُرُوضٌ وَشُرُوطٌ لا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا.
وَيُشْتَرَطُ لِلطَّوَافِ قَطْعُ مَسَافَةٍ وَهِىَ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمِنْ شُرُوطِهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالطَّهَارَةُ وَأَنْ يَجْعَلَ الْكَعْبَةَ عَنْ يَسَارِهِ لا يَسْتَقْبِلُهَا وَلا يَسْتَدْبِرُهَا.
وَحَرُمَ عَلى مَنْ أَحْرَمَ
فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ فَعَلَيْهِ الإِثْمُ وَالْفِدْيَةُ. وَيَزِيدُ الْجِمَاعُ بِالإِفْسَادِ وَوُجُوبِ الْقَضَاءِ فَوْرًا وَإِتْمَامِ الْفَاسِدِ فَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِالْجِمَاعِ يَمْضِى فِيهِ وَلا يَقْطَعُهُ ثُمَّ يَقْضِى فِى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ.
وَيَجِبُ
(1) أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمِيقَاتِ وَالْمِيقَاتُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى عَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُحْرَمَ مِنْهُ كَالأَرْضِ الَّتِى تُسَمَّى ذَا الْحُلَيْفَةِ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ يَمُرُّ بِطَرِيقِهِمْ.
(2) وَفِى الْحَجِّ مَبِيتُ مُزْدَلِفَةَ عَلَى قَوْلٍ.
(3) وَمِنًى عَلَى قَوْلٍ وَلا يَجِبَانِ عَلَى قَوْلٍ.
(4) وَرَمْىُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.
(5) وَرَمْىُ الْجَمَرَاتِ الثَّلاثِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ.
(6) وَطَوَافُ الْوَدَاعِ عَلَى قَوْلٍ فِى الْمَذْهَبِ.
وَهَذِهِ الأُمُورُ السِّتَّةُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لا يَفْسُدُ حَجُّهُ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ إِثْمٌ وَفِدْيَةٌ بِخِلافِ الأَرْكَانِ الَّتِى مَرَّ ذِكْرُهَا فَإِنَّ الْحَجَّ لا يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَمَنْ تَرَكَهَا لا يَجْبُرُهُ دَمٌ أَىْ ذَبْحُ شَاةٍ.
وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتُهُمَا عَلَى مُحْرِمٍ وَحَلالٍ وَتَزِيدُ مَكَّةُ بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَلا فِدْيَةَ فِى صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَقَطْعِ نَبَاتِهَا وَحَرَمُ الْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ جَبَلِ عَيْرٍ وَجَبَلِ ثَوْرٍ.
الْمُعَامَلاتُ
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ أَنْ لا يَدْخُلَ فِى شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ تَعَبَّدَنَا أَىْ كَلَّفَنَا بِأَشْيَاءَ فَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ مَا تَعَبَّدَنَا.
وَقَدْ أَحَلَّ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا وَقَدْ قَيَّدَ الشَّرْعُ هَذَا الْبَيْعَ بِآلَةِ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ لا يَحِلُّ كُلُّ بَيْعٍ إِلَّا مَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ وَالأَرْكَانَ فَلا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهَا.
فَعَلَى مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَنْ يَتَعَلَّمَ ذَلِكَ وَإِلَّا أَكَلَ الرِّبَا شَاءَ أَمْ أَبَى وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «التَّاجِرُ الصَّدُوقُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ».
وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَجْلِ مَا يَلْقَاهُ مِنْ مُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ وَهَوَاهُ وَقَهْرِهَا عَلَى إِجْرَاءِ الْعُقُودِ عَلَى الطَّرِيقِ الشَّرْعِىِّ وَإِلَّا فَلا يَخْفَى مَا تَوَعَّدَ اللَّهُ مَنْ تَعَدَّى الْحُدُودَ. ثُمَّ إِنَّ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ مِنَ الإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ وَالرَّهْنِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُسَاقَاةِ كَذَلِكَ لا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا.
وَعَقْدُ النِّكَاحِ يَحْتَاجُ إِلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَتَثَبُّتٍ حَذَرًا مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى فَقْدِ ذَلِكَ وَقَدْ أَشَارَ الْقُرْءَانُ الْكَرِيمُ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُم نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.
قَالَ عَطَاءٌ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنْ تَتَعَلَّمَ كَيْفَ تُصَلِّى وَكَيْفَ تَصُومُ وَكَيْفَ تَبِيعُ وَتَشْتَرِى وَكَيْفَ تَنْكِحُ وَكَيْفَ تُطَلِّقُ».
الرِّبَا
فَصْلٌ
يَحْرُمُ الرِّبَا فِعْلُهُ وَأَكْلُهُ وَأَخْذُهُ وَكِتَابَتُهُ وَشَهَادَتُهُ وَهُوَ
فَصْلٌ
فَائِدَةٌ. لا تَصِحُّ قِسْمَةُ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلا بَيْعُ شَىْءٍ مِنْهَا مَا لَمْ تُوَفَّ دُيُونُهُ وَوَصَايَاهُ وَتُخْرَجْ أُجْرَةُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ إِنْ كَانَا عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يُبَاعَ شَىْءٌ لِقَضَاءِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ فَالتَّرِكَةُ كَمَرْهُونٍ بِذَلِكَ كَرَقِيقٍ جَنَى وَلَوْ بِأَخْذِ دَانَقٍ لا يَصِحُّ بَيْعُهُ حَتَّى يُؤَدِّى مَا بِرَقَبَتِهِ أَوْ يَأْذَنَ الْغَرِيمُ فِى بَيْعِهِ.
وَيَحْرُمُ أَنْ يُفَتِّرَ رَغْبَةَ الْمُشْتَرِى أَوِ الْبَائِعِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ لِيَبِيعَ عَلَيْهِ أَوْ لِيَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، وَبَعْدَ الْعَقْدِ فِى مُدَّةِ الْخِيَارِ أَشَدُّ، وَأَنْ يَشْتَرِىَ الطَّعَامَ وَقْتَ الْغَلاءِ وَالْحَاجَةِ لِيَحْبِسَهُ وَيَبِيعَهُ بِأَغْلَى، وَأَنْ يَزِيدَ فِى ثَمَنِ سِلْعَةٍ لِيَغُرَّ غَيْرَهُ، وَأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا قَبْلَ التَّمْيِيزِ، وَأَنْ يَغُشَّ أَوْ يَخُونَ فِى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ وَالْعَدِّ أَوْ يَكْذِبَ، وَأَنْ يَبِيعَ الْقُطْنَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْبَضَائِعِ وَيُقْرِضَ الْمُشْتَرِىَ فَوْقَهُ دَرَاهِمَ وَيَزِيدَ فِى ثَمَنِ تِلْكَ الْبِضَاعَةِ لِأَجْلِ الْقَرْضِ، وَأَنْ يُقْرِضَ الْحَائِكَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الأُجَرَاءِ وَيَسْتَخْدِمَهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ ذَلِكَ الْقَرْضِ أَىْ إِنْ شَرَطَ ذَلِكَ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الرَّبْطَةَ، أَوْ يُقْرِضَ الْحَرَّاثِينَ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَشْتَرِطَ أَنْ يَبِيعُوا عَلَيْهِ طَعَامَهُمْ بِأَوْضَعَ مِنَ السِّعْرِ قَلِيلًا وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ الْمَقْضِىَّ.
وَكَذَا جُمْلَةٌ مِنْ مُعَامَلاتِ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ وَأَكْثَرُهَا خَارِجَةٌ عَنْ قَانُونِ الشَّرْعِ. فَعَلَى مُرِيدِ رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَسَلامَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ مِنْ عَالِمٍ وَرِعٍ نَاصِحٍ شَفِيقٍ عَلَى دِينِهِ فَإِنَّ طَلَبَ الْحَلالِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ.
فَصْلٌ
يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ نَفَقَةُ أُصُولِهِ الْمُعْسِرِينَ أَىِ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى الْكَسْبِ وَنَفَقَةُ فُرُوعِهِ أَىْ أَوْلادِهِ وَأَوْلادِ أَوْلادِهِ إِذَا أَعْسَرُوا وَعَجَزُوا عَنِ الْكَسْبِ لِصِغَرٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَىْ مَرَضٍ مَانِعٍ مِنَ الْكَسْبِ.
وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَمَهْرُهَا وَعَلَيْهِ لَهَا مُتْعَةٌ إِنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْهَا. وَعَلَى مَالِكِ الْعَبِيدِ وَالْبَهَائِمِ نَفَقَتُهُمْ وَأَنْ لا يُكَلِّفَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا لا يُطِيقُونَهُ وَلا يَضْرِبَهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ طَاعَتُهُ فِى نَفْسِهَا إِلَّا فِى مَا لا يَحِلُّ وَأَنْ لا تَصُومَ النَّفْلَ وَلا تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
الْوَاجِبَاتُ الْقَلْبِيَّةُ
فَصْلٌ
مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْقَلْبِيَّةِ الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَالإِيمَانُ بِرَسُولِ اللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالإِخْلاصُ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالنَّدَمُ عَلَى الْمَعَاصِى وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَالْمُرَاقَبَةُ لِلَّهِ وَالرِّضَا عَنِ اللَّهِ بِمَعْنَى التَّسْلِيمِ لَهُ وَتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ، وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ، وَالشُّكْرُ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ بِمَعْنَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهَا فِى مَعْصِيَةٍ، وَالصَّبْرُ عَلَى أَدَاءِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَالصَّبْرُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى مَا ابْتَلاكَ اللَّهُ بِهِ، وَبُغْضُ الشَّيْطَانِ، وَبُغْضُ الْمَعَاصِى، وَمَحَبَّةُ اللَّهِ وَمَحَبَّةُ كَلامِهِ وَرَسُولِهِ وَالصَّحَابَةِ وَالآلِ وَالصَّالِحِينَ.
مَعَاصِى الْجَوَارِحِ
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْقَلْبِ الرِّيَاءُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ أَىِ الْحسَنَاتِ وَهُوَ الْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ أَىْ لِيَمْدَحُوهُ وَيُحْبِطُ ثَوَابَهَا وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَالْعُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَهُوَ شُهُودُ الْعِبَادَةِ صَادِرَةً مِنَ النَّفْسِ غَائِبًا عَنِ الْمِنَّةِ، وَالشَّكُّ فِى اللَّهِ. وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِهِ وَهُوَ رَدُّ الْحَقِّ عَلَى قَائِلِهِ وَاسْتِحْقَارُ النَّاسِ. وَالْحِقْدُ وَهُوَ إِضْمَارُ الْعَدَاوَةِ إِذَا عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ وَلَمْ يَكْرَهْهُ. وَالْحَسَدُ وَهُوَ كَرَاهِيَةُ النِّعْمَةِ لِلْمُسْلِمِ وَاسْتِثْقَالُهَا وَعَمَلٌ بِمُقْتَضَاهُ. وَالْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَيُبْطِلُ ثَوَابَهَا كَأَنْ يَقُولَ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَلَمْ أُعْطِكَ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا. وَالإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ وَسُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَبِعِبَادِ اللَّهِ وَالتَّكْذِيبُ بِالْقَدَرِ وَالْفَرَحُ بِالْمَعْصِيَةِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْغَدْرُ وَلَوْ بِكَافِرٍ كَأَنْ يُؤَمِّنَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ. وَالْمَكْرُ وَبُغْضُ الصَّحَابَةِ وَالآلِ وَالصَّالِحِينَ وَالْبُخْلُ بِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ وَالشُّحُّ وَالْحِرْصُ. وَالِاسْتِهَانَةُ بِمَا عَظَّمَ اللَّهُ وَالتَّصْغِيرُ لِمَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ أَوْ قُرْءَانٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ جَنَّةٍ أَوْ عَذَابِ نَارٍ.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْبَطْنِ:
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْعَيْنِ النَّظَرُ إِلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ بِشَهْوَةٍ إِلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَإِلَى غَيْرِهِمَا مُطْلَقًا، وَكَذَا نَظَرُهُنَّ إِلَيْهِمْ إِنْ كَانَ إِلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَنَظَرُ الْعَوْرَاتِ.
وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ كَشْفُ السَّوْأَتَيْنِ فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَحَلَّ مَعَ الْمَحْرَمِيَّةِ أَوِ الْجِنْسِيَّةِ نَظَرُ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ إِذَا كَانَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ. وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِالِاسْتِحْقَارِ إِلَى الْمُسْلِمِ وَالنَّظَرُ فِى بَيْتِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ شَىْءٍ أَخْفَاهُ كَذَلِكَ.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى اللِّسَانِ
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الأُذُنِ الِاسْتِمَاعُ إِلَى كَلامِ قَوْمٍ أَخْفَوْهُ عَنْهُ وَإِلَى الْمِزْمَارِ وَالطُّنْبُورِ وَهُوَ ءَالَةٌ تُشْبِهُ الْعُودَ وَسَائِرِ الأَصْوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ.
وَكَالِاسْتِمَاعِ إِلَى الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَنَحْوِهِمَا بِخِلافِ مَا إِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ السَّمَاعُ قَهْرًا وَكَرِهَهُ، وَلَزِمَهُ الإِنْكَارُ إِنْ قَدَرَ.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْيَدَيْنِ التَّطْفِيفُ فِى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ.
وَالسَّرِقَةُ وَيُحَدُّ إِنْ سَرَقَ مَا يُسَاوِى رُبْعَ دِينَارٍ مِنْ حِرْزِهِ بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ إِنْ عَادَ فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْفَرْجِ الزِّنَى وَاللِّوَاطُ. وَيُحَدُّ الْحُرُّ الْمُحْصَنُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بِالرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ الْمُعْتَدِلَةِ حَتَّى يَمُوتَ وَغَيْرُهُ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبِ سَنَةٍ لِلْحُرِّ وَيُنَصَّفُ ذَلِكَ لِلرَّقِيقِ.
وَمِنْهَا إِتْيَانُ الْبَهَائِمِ وَلَوْ مِلْكَهُ، وَالِاسْتِمْنَاءُ بِيَدِ غَيْرِ الْحَلِيلَةِ الزَّوْجَةِ وَأَمَتِهِ الَّتِى تَحِلُّ لَهُ. وَالْوَطْءُ فِى الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِمَا وَقَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَ الْغُسْلِ بِلا نِيَّةٍ مِنَ الْمُغْتَسِلَةِ أَوْ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ. وَالتَّكَشُّفُ عِنْدَ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إِلَيْهِ أَوْ فِى الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ غَرَضٍ واسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارُهَا بِبَوْلٍ أَوْ غاَئِطٍ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ أَوْ بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَىْ ذِرَاعٍ إِلَّا فِى الْمُعَدِّ لِذَلِكَ أَىْ إِلَّا فِى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَالتَّغَوُّطُ عَلَى الْقَبْرِ، وَالْبَوْلُ فِى الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِى إِنَاءٍ وَعَلَى الْمُعَظَّمِ. وَتَرْكُ الْخِتَانِ لِلْبَالِغِ وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الرِّجْلِ الْمَشْىُ فِى مَعْصِيَةٍ كَالْمَشْىِ فِى سِعَايَةٍ بِمُسْلِمٍ أَوْ فِى قَتْلِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَإِبَاقُ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ بِرِّ وَالِدَيْهِ أَوْ تَرْبِيَةِ الأَطْفَالِ.
وَالتَّبَخْتُرُ فِى الْمَشْىِ، وَتَخَطِّى الرِّقَابِ إِلَّا لِفُرْجَةٍ وَالْمُرُورُ بَيْنَ يَدَىِ الْمُصَلِّى إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُ السُّتْرَةِ.
وَمَدُّ الرِّجْلِ إِلَى الْمُصْحَفِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُرْتَفِعٍ. وَكُلُّ مَشْىٍ إِلَى مُحَرَّمٍ وَتَخَلُّفٍ عَنْ وَاجِبٍ.
فَصْلٌ
وَمِنْ مَعَاصِى الْبَدَنِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ وَهُوَ أَنْ يَفِرَّ مِنْ بَيْنِ الْمُقَاتِلِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَعْدَ حُضُورِ مَوْضِعِ الْمَعْرَكَةِ. وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ. وَإِيذَاءُ الْجَارِ وَلَوْ كَافِرًا لَهُ أَمَانٌ أَذًى ظَاهِرًا.
وَخَضْبُ الشَّعَرِ بِالسَّوَادِ وَتَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَعَكْسُهُ أَىْ بِمَا هُوَ خَاصٌّ بِأَحَدِ الِجنْسَيْنِ فِى الْمَلْبَسِ وَغَيْرِهِ. وَإِسْبَالُ الثَّوْبِ لِلْخُيَلاءِ أَىْ إِنْزَالُهُ عَنِ الْكَعْبِ لِلْفَخْرِ. وَالْحِنَّاءُ فِى الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لِلرَّجُلِ بِلا حَاجَةٍ.
وَقَطْعُ الْفَرْضِ بِلا عُذْرٍ. وقَطْعُ نَفْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَمُحَاكَاةُ الْمُؤْمِنِ اسْتِهْزَاءً بِهِ. وَالتَّجَسُّسُ عَلَى عَوْرَاتِ النَّاسِ. وَالْوَشْمُ. وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِىٍّ. وَمُجَالَسَةُ الْمُبْتَدِعِ أَوِ الْفَاسِقِ لِلإِينَاسِ لَهُ عَلَى فِسْقِهِ.
ولُبْسُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَرِيرِ أَوْ مَا أَكْثَرُهُ وَزْنًا مِنْهُ لِلرَّجُلِ الْبَالِغِ إِلَّا خَاتَمَ الْفِضَّةِ. وَالْخَلْوَةُ بالأَجْنَبِيَّةِ بِحَيْثُ لا يَرَاهُمَا ثَالِثٌ يُسْتَحَى مِنْهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. وسَفَرُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ نَحْوِ مَحْرَمٍ. وَاسْتِخْدَامُ الْحُرِّ كُرْهًا. وَمُعَادَاةُ الْوَلِىِّ. وَالإِعَانَةُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. وَتَرْوِيجُ الزَّائِفِ. وَاسْتِعْمَالُ أَوَانِى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاتِّخَاذُهَا. وَتَرْكُ الْفَرْضِ أَوْ فِعْلُهُ مَعَ تَرْكِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ مَعَ فِعْلِ مُبْطِلٍ لَهُ، وَتَرْكُ الْجُمُعَةِ مَعَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ صَلَّى الظُّهْرَ، وَتَرْكُ نَحْوِ أَهْلِ قَرْيَةٍ الْجَمَاعَاتِ فِى الْمَكْتُوبَاتِ. وَتَأْخِيرُ الْفَرْضِ عَنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ. ورَمْىُ الصَّيْدِ بِالْمُثَقَّلِ الْمُذَفِّفِ أَىْ بِالشَّىْءِ الَّذِى يَقْتُلُ بِثِقَلِهِ كَالْحَجَرِ. وَاتِّخَاذُ الْحَيَوَانِ غَرَضًا. وَعَدَمُ مُلازَمَةِ الْمُعْتَدَّةِ لِلْمَسْكَنِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَتَرْكُ الإِحْدَادِ عَلَى الزَّوْجِ. وَتَنْجِيسُ الْمَسْجِدِ وَتَقْذِيرُهُ وَلَوْ بِطَاهِرٍ. وَالتَّهَاوُنُ بِالْحَجِّ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ. وَالِاسْتِدَانَةُ لِمَنْ لا يَرْجُو وَفَاءً لِدَيْنِهِ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ دَائِنُهُ بِذَلِكَ. وَعَدَمُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ. وَبَذْلُ الْمَالِ فِى مَعْصِيَةٍ. وَالِاسْتِهَانَةُ بِالْمُصْحَفِ وَبِكُلِّ عِلْمٍ شَرْعِىٍّ، وَتَمْكِينُ الصَّبِىِّ الْمُمَيِّزِ مِنْهُ. وَتَغْيِيرُ مَنَارِ الأَرْضِ أَىْ تَغْيِيرُ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ مِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِى الشَّارِعِ بِمَا لا يَجُوزُ. وَاسْتِعْمَالُ الْمُعَارِ فِى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ أَوْ زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا أَوْ أَعَارَهُ لِغَيْرِهِ.
وَتَحْجِيرُ الْمُبَاحِ كَالْمَرْعَى، وَالِاحْتِطَابِ مِنَ الْمَوَاتِ وَالْمِلْحِ مِنْ مَعْدِنِهِ وَالنَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَالْمَاءِ لِلشُّرْبِ مِنَ الْمُسْتَخْلَفِ وَهُوَ الَّذِى إِذَا أُخِذَ مِنْهُ شَىْءٌ يَخْلُفُهُ غَيْرُهُ. وَاسْتِعْمَالُ اللُّقَطَةِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ بِشُرُوطِهِ. وَالْجُلُوسُ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ إِذَا لَمْ يُعْذَرْ. وَالتَّطَفُّلُ فِى الْوَلائِمِ وَهُوَ الدُّخُولُ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَوْ أَدْخَلُوهُ حَيَاءً.
وَعَدَمُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِى النَّفَقَةِ وَالْمَبِيتِ. وَأَمَّا التَّفْضِيلُ فِى الْمَحَبَّةِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْمَيْلِ فَلَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ. وَخُرُوجُ الْمَرْأَةِ إِنْ كَانَتْ تَمُرُّ عَلَى الرِّجَالِ الأَجَانِبِ بِقَصْدِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ.
وَالسِّحْرُ. وَالْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ كَالَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى عَلِىٍّ فَقَاتَلُوهُ. قَالَ الْبَيْهَقِىُّ «كُلُّ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا فَهُمْ بُغَاةٌ» وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِىُّ قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُمْ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الْوَلِىَّ لا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الذَّنْبُ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ. وَالتَّوَلِّى عَلَى يَتِيمٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ لِقَضَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ. وَإِيوَاءُ الظَّالِمِ وَمَنْعُهُ مِمَّنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْحَقِّ مِنْهُ. وَتَرْويعُ الْمُسْلِمِينَ. وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَيُحَدُّ بِحَسَبِ جِنَايَتِهِ إِمَّا بِتَعْزِيرٍ أَوْ بِقَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ مِنْ خِلافٍ إِنْ لَمْ يَقْتُلْ أَوْ بِقَتْلٍ وَصَلْبٍ أَىْ إِنْ قَتَلَ. وَمِنْهَا عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ. وَالْوِصَالُ فِى الصَّوْمِ وَهُوَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِلا تَنَاوُلِ مُفَطِّرٍ. وَأَخْذُ مَجْلِسِ غَيْرِهِ أَوْ زَحْمَتُهُ الْمُؤْذِيَةُ أَوْ أَخْذُ نَوْبَتِهِ.
فَصْلٌ
تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ فَوْرًا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ وَهِىَ النَّدَمُ وَالإِقْلاعُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لا يَعُودَ إِلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الذَّنْبُ تَرْكَ فَرْضٍ قَضَاهُ أَوْ تَبِعَةً لِآدَمِىٍّ قَضَاهُ أَوِ اسْتَرْضَاهُ.