مَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ
فَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِجْمَالًا أَعْتَرِفُ بِلِسَانِي وَأَعْتَقِدُ وَأُذْعِنُ بِقَلْبِي أَنَّ الْمَعْبُودَ بِحَقٍّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَطْ.
وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَعْتَرِفُ بِلِسَانِي وَأُذْعِنُ بِقَلْبِي أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِلَى كَافَّةِ الْعَالَمِينَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ، صَادِقٌ فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، لِيُؤْمِنُوا بِشَرِيعَتِهِ وَيَتَّبِعُوهُ.
وَالْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ نَفْيُ الأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ وَإِثْبَاتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ الإِقْرَارِ بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ لَّمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا﴾ [سُورَةَ الْفَتْح/ 13].
فَهَذِهِ الآيَةُ صَرِيْحَةٌ فِي تَكْفِيرِ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ نَازَعَ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ يَكُونُ قَدْ عَانَدَ الْقُرْءَانَ وَمَنْ عَانَدَ الْقُرْءَانَ كَفَرَ.
وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ الإِسْلامِيُّونَ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ الإِسْلامِ. وَعَلَى تَكْفِيرِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَقَّفَ كَأَنْ يَقُولَ: أَنَا لا أَقُولُ إِنَّهُ كَافِرٌ أَوْ غَيْرُ كَافِرٍ.
وَاعْلَمْ بِإِسْتِيقَانٍ أَنَّهُ لا يَصِحُّ الإِيـمَانُ وَالإِسْلامُ وَلا تُقْبَلُ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ بِدُونِ الشَّهَادَتَيْنِ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا وَلَوْ بِغَيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ.
وَيَكْفِي لِصِحَّةِ الإِسْلامِ النُّطْقُ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ وَيَبْقَى وُجُوبُهَا فِي كُلِّ صَلاةٍ لِصِحَّةِ الصَّلاةِ، هَذَا فِيمَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الإِسْلامِ ثُمَّ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الإِسْلامِ.
وَأَمَّا مَنْ نَشَأَ عَلَى الإِسْلامِ وَكَانَ يَعْتَقِدُ الشَّهَادَتَيْنِ فَلا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ النُّطْقُ بِهِمَا بَلْ هُوَ مُسْلِمٌ لَوْ لَمْ يَنْطِقْ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: »وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ« حَدِيثٌ قُدْسِيٌّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَفْضَلُ وَأَوَّلُ فَرْضٍ هُوَ الإِيـمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَاعْتِقَادُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَطْ لا يَكْفِي مَا لَمْ يُقْرَنْ بِاعْتِقَادِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/32] أَيْ لا يُحِبُّ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى عَنِ الإِيـمَانِ بِاللَّهِ وَالرَّسُولِ لِكُفْرِهِمْ وَالْمُرَادُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ فِي هَذِهِ الآيَةِ الإِيـمَانُ بِهِمَا.
فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُحِبُّهُ لِكُفْرِهِ. فَمَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ لِأَنَّهُ خَلَقَ الْجَمِيعَ فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْءَانَ، فَيُقَالُ لَهُ: اللَّهُ خَلَقَ الْجَمِيعَ لَكِنْ لا يُحِبُّ الْكُلَّ.