مَا يُسْتَحَبُّ فِى الصِّيَامِ
وَيُسْتَحَبُّ فِى الصِّيَامِ أَشْيَاءُ هِىَ
(1) تَعْجِيلُ الْفِطْرِ إِذَا تُحُقِّقَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ الْمَغْرِبَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهُورٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَيَقُولُ »اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ».
وَلا بُدَّ قَبْلَ الإِفْطَارِ مِنَ التَّحَقُّقِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَلا يَكْفِى الِاعْتِمَادُ عَلَى أَذَانِ أَىٍّ كَانَ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَسَرُّعٌ فِى إِعْلانِ الأَذَانِ قَبْلَ وَقْتِهِ كَمَا حَصَلَ فِى الْمَاضِى فِى بَعْضِ الإِذَاعَاتِ.
(2) تَأْخِيرُ السَّحُورِ إِلَى ءَاخِرِ اللَّيْلِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ وَلَوْ بِجَرْعَةِ مَاءٍ فَعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِى السَّحُورِ بَرَكَةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(3) وَكَذَلِكَ يَتَأَكَّدُ فِى حَقِّ الصَّائِمِ صَوْنُ لِسَانِهِ عَنِ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالْكَلامِ الْبَذِىءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ.
فَاعْلَمْ أَخِى الْمُسْلِم أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَهْوَنُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى عَذَابِهِ.
فَكُفَّ بَطْنَكَ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَقْتَ الإِفْطَارِ وَغُضَّ بَصَرَكَ عَنِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَالْكَلامِ الْبَذِىءِ الْمَنْهِىِّ عَنْهُ كَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَهِىَ ذِكْرُكَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ بِمَا يَكْرَهُ لِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِىٍّ بِمَا فِيهِ فِى خَلْفِهِ وَكُفَّ عَنِ الْفُحْشِ وَالْخُصُومَةِ وَالْجَفَاءِ وَالْمِرَاءِ.
رَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »إِنَّمَا الصَّوْمُ جُنَّةٌ أَىْ وِقَايَةٌ فَإِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ وَلا يَجْهَلْ وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى صَائِمٌ إِنِّى صَائِمٌ» وَكَمَا يَتَأَكَّدُ فِى رَمَضَانَ كَفُّ السَّمْعِ عَنِ الإِصْغَاءِ إِلَى كُلِّ مَا حَرُمَ الإِصْغَاءُ إِلَيْهِ وَكَفُّ بَقِيَّةِ الْجَوَارِحِ مِنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ عَنِ الْمَعَاصِى وَالآثَامِ وَالْمَكَارِهِ.
وَكَمَا يُنْدَبُ كَثْرَةُ الْجُودِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَكَثْرَةُ تِلاوَةِ الْقُرْءَانِ وَالِاعْتِكَافُ فِى الْمَسْجِدِ وَلا سِيَّمَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَأَنْ يُفَطِّرَ الصُّوَّامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَىْءٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ يُشْبِهُ أَجْرَ الصَّائِمِ لا أَنَّ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ تَمَامًا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ وَكَذَلِكَ مَعْنَى مِثْلِ مَا وَرَدَ فِى هَذَا الْحَدِيثِ كَحَدِيثِ »مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْءَانِ».
وَأَنْ يَقُولَ إِنْ شُوتِمَ إِنِّى صَائِمٌ إِنِّى صَائِمٌ.
تَنْبِيهٌ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال »مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
الأَيَّامُ الَّتِى يَحْرُمُ الصِّيَامُ فِيهَا
(1) يَوْمُ عِيدِ الْفِطْرِ الَّذِى تُصَلَّى فِيهِ صَلاةُ الْعِيدِ.
(2) يَوْمُ عِيدِ الأَضْحَى الَّذِى تُصَلَّى فِيهِ صَلاةُ الْعِيدِ.
فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ »نَهَى رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمَيْنِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى».
(3) أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلاثَةِ وَهِىَ الَّتِى تَلِى يَوْمَ عِيدِ الأَضْحَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(4) يَوْمُ الشَّكِّ وَهُوَ يَوْمُ الثَّلاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا تَحَدَّثَ مَنْ لا يَثْبُتُ الصِّيَامُ بِقَوْلِهِ مِنْ فَسَقَةٍ وَنِسْوَةٍ وَصِبْيَانٍ وَنَحْوِهِمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا هِلالَ رَمَضَانَ فَقَدْ نَهَى النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِهِ بِقَوْلِهِ »لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ يَوْمًا» رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.
(5) النِّصْفُ الأَخِيرُ مِنْ شَعْبَانَ فَلا يَصِحُّ صَوْمُهُ إِلَّا أَنْ يَصِلَهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ.
وَيُنْدَبُ صَوْمُ سِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ وَتُنْدَبُ مُتَتَابَعةً تَلِى الْعِيدَ فَإِنْ فَرَّقَهَا حَصَلَتِ السُّنَّةُ فَعَنْ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ »مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَمَنْ دَخَلَ فِى صَوْمٍ فَرْضًا أَدَاءً كَانَ أَوْ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا حَرُمَ قَطْعُهُ أَمَّا إِذَا كَانَ نَفْلًا جَازَ قَطْعُهُ.