من هم الأولياء وما تفسير قوله تعالى فيهم: لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة
اعلم أن الولى هو المؤمن المستقيم بطاعة الله تعلم من علوم الدين ما هو فرض ضرورى أى حصل القدر الذى لا بد منه لصحة العقيدة والعبادات وعرف الكفر وما دونه من المحرمات فأدى جميع الواجبات واجتنب جميع المحرمات وأكثر من نوافل الطاعات كأن كان يهلل فى اليوم اثنتى عشرة ألف تهليلة ويكفى للوصول للولاية أن يؤدى جميع الواجبات ويجتنب جميع المحرمات ويصلى رواتب الصلوات الخمس أى السنن ويكثر من الذكر. وهذا يفهم من الحديث القدسى الذى رواه البخارى من عادى لى وليا فقد ءاذنته بالحرب (أى أعلمته أنى محاربه ومن كان الله محاربه هلك) وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضت عليه ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه (أى حتى يصير من الأولياء). ولا يصل الشخص إلى الولاية إلا إذا كان خاليا من جميع المعاصى الكبيرة والصغيرة مدة من الزمن كسنة فيفهم من ذلك أن الولى لا يكون جاهلا بعلم الدين قال الإمام الشافعى رضى الله عنه ما اتخذ الله وليا جاهلا. قال الله تعالى فى وصف أولياءه ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾ أى ليس عليهم عقاب فى القبر ولا فى الآخرة ولا نكد ولا يحزنون على ما مضى بعد مفارقتهم للدنيا فهم ءامنون ﴿الذين ءامنوا وكانوا يتقون﴾ أى يؤدون الواجبات ويجتنبون المحرمات ﴿لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة﴾ وبشراهم فى الحياة الدنيا أنه ينزل عليهم ملائكة قبل موتهم منظرهم حسن كأن وجوههم الشمس يبشرونهم برحمة الله ورضوانه فيذهب عنهم الخوف من الموت. وهؤلاء الملائكة هم ملائكة الرحمة يأتون إلى الولى قبل مجىء سيدنا عزرائيل عليه السلام فيقعدون منه على مدى أى على مسافة ينظرون إليه باحترام وهو ينظر إليهم فيمتلئ قلبه سرورا ويذهب عنه الخوف من الموت ثم يأتى سيدنا عزرائيل عليه السلام بهيئة جميلة فلا يفزع منه الولى فيبشره برحمة الله ويقول له السلام عليك يا ولى الله أبشر برحمة الله ورضوانه قال رسول الله ﷺ إن العبد إذا كان فى إدبار من الدنيا وإقبال من الآخرة أتته ملائكة وجوههم كالشمس فيقعدون منه على مدى. ثم بعد أن يبشره عزرائيل عليه السلام برحمة الله ورضوانه ينزع منه الروح ويسلمه لملائكة الرحمة فيصعدون به إلى السماء يزفونه فيقول ملائكة السماء من هذا الروح الطيب فيسمعهم روح الولى فيفرح فرحا عظيما فيقول ملائكة الرحمة هذا روح فلان بن فلان ثم يصعدون به إلى السماء السابعة حتى يصلوا إلى مكان يقال له علييون يسجل فيه أسماء الصالحين ثم ينزلون به إلى الأرض. وأما بشراهم بعد موتهم فهو أن الملكين منكرا ونكيرا يأتيان إلى الولى فى القبر فيسألانه فيثبته الله تعالى للجواب بسهولة بلا فزع ثم يبشرانه فيقولان له نم نومة العروس الذى لا يوقظه إلا أحب الأهل إليه فينام. والولى معصوم أى محفوظ من الكفر لأنه صار من أحباب الله فلا ينقلب بعد ذلك عدوا له فلا يصدر منه كفر فى حال حضور عقله إلا أن يسبق لسانه بخلاف المعصية الكبيرة أو الصغيرة فإنها تجوز عليه لكن لا يستمر عليها بل يتوب عن قرب.