من مواعظ الجنيد البغدادي رضي الله عنه
يقول رضي الله عنه: “إنما اليوم إن عقلتَ ضيفٌ نزل بك وهو مرتحل عنك، فان أحسنت نزله وقراه شهد لك وأثنى عليك بذلك وصدق فيك، وإن أسأت ضيافته ولم تحسن قراه شهد عليك فلا تبع اليوم ولا تعد له بغير ثمنه. واحذر الحسرة عند نزول السكرة فإن الموت ءاتٍ وقد مات قبلك من مات”.
“اتق الله وليكن سعيك في دنياك لآخرتك فإنه ليس لك من دنياك شىء، فلا تدخرن مالك ولا تتبع نفسك ما قد علمت أنك تاركه خلفك ولكن تزود لبعد الشقة، واعدد العدة أيام حياتك وطول مقامك قبل أن ينزل بك قضاء الله ما هو نازل فيحول دون الذي تريد، صاحب الدنيا بجسدك، وفارقها بقلبك، ولينفعك ما قد رأيت مما سلف بين يديك من العمر وحال بين أهل الدنيا وبين ما هم فيه، فإنه عن قليل فناؤه، ومخوف وباله، وليزدك اعجاب أهلها زهدًا فيها وحذرًا منها فإن الصالحين كانوا كذلك”.
“اعلم يا ابن ءادم أنّ طلب الآخرة أمر عظيم لا يقصر فيه إلا المحروم الهالك، فلا تركب الغرور وأنت ترى سبيله، وأخلص عملك، وإذا أصبحت فانتظر الموت، وإذا أمسيت فكن على ذلك، ولا حول ولا قوة الا بالله، وإنّ أنجى الناس من عمل بما أنزل الله في الرخاء والبلاء”.
“يا ابن ءادم دينك دينك، نعوذ بالله من النار فإنها نار لا تنطفىء وعذاب لا ينفد أبدًا، ونفس لا تموت، يا ابن ءادم إنك موقوف بين يدي الله ربك ومرتهن لعملك فخذ مما في يديك لما بين يديك، عند الموت يأتيك الخبر، إنك مسئول ولا تجد جوابًا، إنك ما تزال بخير ما دمت واعظًا لنفسك محاسبًا لها وإلا فلا تلومن إلا نفسك”.